رؤية إيران للسلام.. نهج شامل للاستقرار الإقليمي
القاهرة (خاص عن مصر)- كشفت الإدارة الإيرانية الجديدة، بقيادة الرئيس مسعود بزشكيان، عن رؤية شاملة لتعزيز السلام والاستقرار الإقليميين مع معالجة التحديات الجيوسياسية المعقدة.
يوضح محمد جواد ظريف، الدبلوماسي والأكاديمي الإيراني البارز، هذه الرؤية في مقال له بمجلة الشؤون الخارجية، فورين أفيرز، مؤكداً استعداد إيران للحوار والمشاركة البناءة والنهج المتعدد الأطراف للدبلوماسية.
الإبحار في قيادة جديدة وسط التحديات
تولى مسعود بزشكيان منصبه كرئيس لإيران في 30 يوليو 2024، وسط توترات متصاعدة. وفي يوم تنصيبه، أبرز اغتيال إسماعيل هنية، الزعيم الفلسطيني البارز، على الأراضي الإيرانية البيئة المتقلبة التي يواجهها بزشكيان. ومع ذلك، فإن إدارته عازمة على معالجة هذه التحديات من خلال المرونة والابتكار في السياسة الخارجية.
ويتصور بيزشكيان عالما ما بعد القطبية حيث يتعاون الفاعلون العالميون عبر مجالات متنوعة مع إدارة الاختلافات، وهو يهدف إلى إعطاء الأولوية للأمن البشري من خلال تعزيز القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية إلى جانب تدابير الدفاع التقليدية.
من خلال نهج شامل، تسعى إدارته إلى تحقيق الاستقرار من خلال الشراكات مع الجيران العرب، وتحسين العلاقات مع الحلفاء، والحوار المفتوح مع الدول الغربية.
اقرأ أيضا.. إيلون ماسك يصعد المعركة القانونية ضد تحول أوبن أي آي إلى مؤسسة ربحية
التعاون الإقليمي: حجر الزاوية في استراتيجية إيران
تدافع طهران عن التعاون الإقليمي لمعالجة القضايا القديمة مثل التدخل الأجنبي، والصراعات الطائفية، والتدهور البيئي. ويقترح ظريف أن تحاكي إيران وجيرانها عملية هلسنكي، التي عززت التعاون الأمني في أوروبا.
من خلال الاستفادة من أطر مثل قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 598 لعام 1987، تقترح إيران محادثات شاملة تهدف إلى الحد من اعتماد الخليج الفارسي على القوى الخارجية.
ويعترف ظريف بأن هناك عقبات كبيرة لا تزال قائمة، بما في ذلك المظالم التاريخية، والمفاهيم الخاطئة، والانقسامات المفروضة من الخارج.
ومع ذلك، فإن رؤية إيران تتوافق مع التطلعات العربية لمنطقة مستقرة ومزدهرة. إن دعم طهران للقضية الفلسطينية يشكل جسراً محتملاً لتعزيز التعاون العربي الإيراني.
معالجة العلاقات الغربية والقضية النووية
إن التقدم النووي الإيراني، الذي دفعته سنوات من القيود الاقتصادية والضغوط الخارجية، يسلط الضوء على الحاجة إلى نهج معادٍ من الغرب.
يزعم ظريف أن التدابير القسرية، مثل حملة “الضغط الأقصى” التي تشنها الولايات المتحدة، أتت بنتائج عكسية، مما أدى إلى زيادة التخصيب النووي وتقليص الرقابة الدولية. ويدعو إلى إحياء الاتفاق النووي بتدابير مفيدة للطرفين لضمان حصول إيران على الفوائد الاقتصادية الموعودة.
بالنسبة لظريف، فإن الحوار مع الولايات المتحدة، في ظل إدارة ترامب القادمة، يتوقف على مفاوضات عادلة تحترم سيادة إيران، وهو ينتقد مبادرات مثل اتفاقيات إبراهيم، التي يراها مثيرة للانقسام، ويدعو بدلاً من ذلك إلى حلول تعاونية تعالج التحديات المشتركة في المنطقة.
رؤية للسلام الطويل الأمد
إن الالتزام بحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يشكل جوهر استراتيجية إيران. ويقترح ظريف إجراء استفتاء ديمقراطي يشارك فيه جميع السكان بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط، إلى جانب النازحين الفلسطينيين، لتحديد مستقبل الحكم في المنطقة.
يشير ظريف إلى انتقال جنوب أفريقيا من نظام الفصل العنصري، ويتصور حلاً عادلاً يحترم حقوق جميع المجتمعات.
كما أن إيران مستعدة للعب دور بناء في حل الأزمات الإنسانية، مثل الصراع الدائر في غزة. وتدعم طهران وقف إطلاق النار الفوري والجهود التعاونية لتحقيق السلام الدائم، شريطة أن تتوافق الحلول مع تطلعات الشعب الفلسطيني.
دعوة إلى الدبلوماسية المتعددة الأطراف
يختتم ظريف مقاله بدعوة إلى الدبلوماسية المتعددة الأطراف والاحترام المتبادل كأساس للأمن العالمي والازدهار الإقليمي.
يؤكد أن إيران، في حين تثق في قدرتها على الدفاع عن نفسها، تظل ملتزمة بالسلام والشراكات البناءة. ومن خلال تعزيز الحوار واحتضان المصالح المشتركة، تسعى إيران إلى تمهيد الطريق لعصر جديد من التعاون في الخليج الفارسي.