رؤية ترامب بشأن غزة.. وصفة للفشل الأمريكي القادم بعد فيتنام وأفغانستان

القاهرة (خاص عن مصر)- في مؤتمر صحفي عقد مؤخرا إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطة طموحة لقطاع غزة، واقترح الاستيلاء بقيادة الولايات المتحدة لإعادة بناء المنطقة التي مزقتها الحرب.
وفقا لتحليل ريسبونسبول ستيت كرافت، في حين أن رؤية ترامب مؤطرة بلغة التنمية الاقتصادية والأمن، فإن التاريخ والتحليل الخبير يشيران إلى أن مثل هذه المغامرة تخاطر بتكرار الإخفاقات الكارثية لجهود مكافحة التمرد الأمريكية السابقة، من فيتنام إلى أفغانستان.
تاريخ الوسائل والغايات غير المتوافقة
يؤكد العمل الرائد لفريد تشارلز إيكلي، “كل حرب يجب أن تنتهي”، على مخاطر خلط الوسائل العسكرية بالأهداف السياسية – وهو درس فشلت الولايات المتحدة مرارًا وتكرارًا في الانتباه إليه، إن اقتراح ترامب بتسوية غزة بالأرض، وإزالة الذخائر غير المنفجرة، وخلق الفرص الاقتصادية يعكس نوع الثقة المفرطة التي أدت إلى صراعات مطولة وأخطاء استراتيجية.
إن رؤية ترامب، على الرغم من طموحها، تعكس عقلية المطور وليس رجل الدولة، إن وعده “بفعل شيء مختلف” وتحويل غزة إلى مركز للازدهار الاقتصادي يتجاهل الحقائق المعقدة لمكافحة التمرد، وكما يحذر ستيف ديل، وهو كابتن متقاعد في البحرية الأمريكية وخبير في مكافحة التمرد، فإن الولايات المتحدة لديها تاريخ طويل من القصور البنيوي في مثل هذه المهام.
يكتب ديل: “بغض النظر عن مدى حسن النية في البداية، فإن الولايات المتحدة غالبًا ما خذلت أصدقاءها، ليس بسبب أي غدر ولكن بسبب الافتقار إلى رجل دولة واضح البصيرة”.
اقرأ أيضا.. مصالح عائلة الرئيس التجارية في الشرق الأوسط.. إمبراطورية ترامب العقارية
مخاطر تورط الولايات المتحدة في غزة
منذ ذلك الحين، تراجع وكلاء ترامب عن تصريحاته الأولية، موضحين أن الخطة لن تنطوي على قوات أمريكية أو أموال دافعي الضرائب، إن هذا التراجع له دلالة واضحة، فكما يشير ديل، فإن أي وجود عسكري أميركي في غزة من شأنه أن يدفع القوات الأميركية على الفور إلى حالة حرب.
فالمؤسسات الحاكمة في غزة في حالة من الفوضى، والإقليم مليء بالجماعات المسلحة مثل حماس، التي تعمل في بيئة حيث يصبح إلحاق الضرر بالمدنيين أمراً لا مفر منه تقريباً.
إن التحديات التي تفرضها مثل هذه المهمة تتفاقم بسبب مشاكل الجاهزية العسكرية الأميركية الحالية، ومع استنزاف الموارد بسبب الالتزامات في أوكرانيا وأماكن أخرى، فإن الحفاظ على وجود فعال في غزة من شأنه أن يشكل كابوساً لوجستياً، والحدود المسامية والخصوم غير النظاميين الذين أحبطوا الجهود الأميركية في العراق وأفغانستان من شأنهم أن يشكلوا عقبات مماثلة في غزة.
الدروس المستفادة من الإخفاقات الماضية
إن الدليل الميداني لمكافحة التمرد 3-24 للجيش الأمريكي، الذي ألفه قدامى المحاربين في حرب العراق، ينص صراحة على أن “مكافحة التمرد ليست بديلاً عن الاستراتيجية”، ومع ذلك، وكما يشير ديل، فإن القادة الأميركيين غالباً ما تعاملوا معها على هذا النحو، مدفوعين بالانتهازية المهنية والغطرسة الاستراتيجية.
إن التقييم المدمر الذي قدمه المفتش العام الخاص لإعادة إعمار أفغانستان للحرب الأفغانية ــ أن “الوهم الأناني كان العدو الأكثر شراسة لأميركا” ــ يشكل حكاية تحذيرية لأي مشاركة مستقبلية في غزة.
يثير اقتراح ترامب أيضا تساؤلات حول دور هيئة الأركان المشتركة، التي ورثتها من إدارة بايدن، فما الدروس التي تعلموها من الانسحاب الأميركي المخزي من أفغانستان؟ وكيف سينصحون وزير الدفاع بيت هيجسيث، الذي يتمتع بخبرة مباشرة في مكافحة التمرد الفاشل؟ هذه أسئلة بالغة الأهمية لابد من معالجتها قبل اتخاذ أي إجراء.