رئيس إيران يحذر من تحول العاصمة إلى مدينة أشباح.. ماذا يحدث في طهران؟

حذّر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان من أن العاصمة طهران قد تُجبر على إخلاء سكانها الذين يزيد عددهم عن 15 مليون نسمة، بسبب الانهيار الوشيك في منظومة المياه، في ما وصفه مراقبون بأنه تهديد داخلي “أخطر من الحرب”.

وقال بزشكيان، في تصريحات نشرتها صحيفة “عصر إيران”، إن العاصمة “لم يعد لديها مياه فعلًا”، وإن فكرة نقل العاصمة إلى منطقة أخرى باتت على طاولة النقاش كخيار طارئ، محذّرًا من أن الاستمرار في تجاهل الأزمة سيقود إلى تبعات إنسانية واجتماعية كارثية.

طهران على شفا العطش الكامل

وفق تقارير لم تعد أزمة المياه في طهران مجرّد قضية بيئية عابرة، بل تحوّلت إلى تهديد وجودي لمدينة يسكنها أكثر من 15 مليون نسمة.

وبحسب البيانات الرسمية، فإن نسبة المياه المتبقية في العاصمة لا تتجاوز حدود الأمان، مع تسجيل مستويات متدنية غير مسبوقة في الخزانات الاستراتيجية، وهو ما دفع خبراء إلى التحذير من “توقف الحياة الحضرية” إذا استمر الجفاف على هذا النحو.

المدينة الكبرى تواجه انهيارًا مائيًا

تشير التقارير الفنية إلى أن استهلاك المياه في طهران تجاوز بكثير طاقة التجدّد الطبيعي للمصادر الجوفية والسدود، في ظل التوسع العمراني غير المنضبط وغياب سياسات مائية رشيدة خلال العقود الماضية.

كما تراجع معدل الأمطار السنوي بشكل حاد، ما تسبب في تراجع مياه نهر كرج ونهر جاجرود، وهما المصدران الأساسيان لتغذية العاصمة.

الخزانات تنضب

بحسب وسائل إعلام إيرانية فمن بين 7 خزانات مائية رئيسية تعتمد عليها طهران، باتت 3 خزانات في حالة حرجة، بنسبة امتلاء تقل عن 10%، بينما تقترب أخرى من الجفاف الكامل.

ووفق ما نشرته وكالة “إرنا”، فإن أكبر خزان مائي في العاصمة مهدد بالنضوب الكامل خلال أقل من شهر، ما يعني أن شبكة الإمداد قد تنهار جزئياً، وربما كلياً، إذا لم يتم اتخاذ تدابير عاجلة.

الطلب على المياه في طهران يفوق العرض بأضعاف

في ظل النمو السكاني السريع، وارتفاع استهلاك الفرد للمياه، أصبح الطلب على المياه في طهران أعلى بأربعة أضعاف من الموارد المتاحة فعليًا.

ولا تزال محطات التحلية وإعادة التدوير غير كافية لسد العجز، في وقت تعاني فيه الدولة من عقوبات اقتصادية تعرقل استيراد المعدات والتقنيات الحديثة في إدارة المياه.

وفق مراقبون فإن الجفاف لا يهدد فقط مياه الشرب، بل أصاب الزراعة والمسطحات الخضراء في العاصمة بالشلل. وحدائق طهران، التي كانت تُعرف بكونها “رئة المدينة”، بدأت تفقد غطائها النباتي نتيجة سياسة تقنين مياه الري، في وقت تعاني فيه الأراضي الزراعية المحيطة من التصحر وفقدان الإنتاجية.

هجرة داخلية تلوح في الأفق

مع تراجع المياه، بدأ بعض سكان أطراف العاصمة بالفعل بالبحث عن بدائل سكنية في مناطق أقل ضغطًا مائيًا، ما أثار تحذيرات من موجة هجرة داخلية قد تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في مناطق أخرى.

وتخشى الحكومة أن تتحول هذه الحركة إلى هجرة جماعية ما لم يتم إيجاد حلول مستدامة.

أزمة المياه تتجاوز حدود طهران

الأزمة لم تقتصر على طهران، بل تمتد إلى أكثر من 20 محافظة من أصل 31، وفق تقديرات رسمية. وتشير البيانات إلى أن كثيرًا من مصادر المياه الجوفية باتت غير قابلة للاستغلال، ما يُنذر بحدوث انهيار بيئي وشيك على نطاق وطني.

الرئيس بزشكيان لم يتردد في تحميل الحكومات السابقة مسؤولية تفاقم الأزمة، متهماً إياها بـ”التقاعس” و”الفشل في اتخاذ إجراءات استباقية”.

وأضاف أن موجة الجفاف التي ضربت البلاد على مدار السنوات الماضية لم تواجه بأي خطة وطنية جادة أو مشاريع مستدامة لإدارة الموارد المائية.

ضغط داخلي وتحديات خارجية

وتأتي هذه الأزمة وسط تحديات أخرى تعصف بإيران، من ضغوط اقتصادية متصاعدة وعزلة سياسية إلى تهديدات أمنية متكررة. كل ذلك يُضاعف من التحدي الذي يواجهه بزشكيان، الذي استلم السلطة وسط وعود بالإصلاح، وها هو اليوم يجد نفسه في مواجهة أزمة قد تُجبر الملايين على النزوح.

فهل نشهد خلال الأشهر المقبلة هجرة جماعية من العاصمة الإيرانية؟ وهل يتحول قلب إيران النابض إلى مدينة أشباح عطشى؟ الأيام وحدها كفيلة بالإجابة.

 

اقرأ أيضا

دهس 9 جنود وسط إسرائيل.. مطاردة بالسماء والأرض والمُنفذ ينجح في الهروب | ماذا حدث؟

 

زر الذهاب إلى الأعلى