رسالة شي.. اقتصاد الصين قوي ولن نتراجع ونبحر بثبات نحو المستقبل

القاهرة (خاص عن مصر)- رغم مواجهة اقتصاد الصين تحديات كبيرة وضغوط متزايدة من الولايات المتحدة، اختار القادة الصينيون، بما في ذلك الرئيس شي جين بينج، إظهار الثقة في مستقبل البلاد خلال اجتماع سياسي عقد مؤخرًا في بكين.

في حين عانى الاقتصاد من تباطؤ النمو، وتدهور الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، وعدم الاستقرار الجيوسياسي، حددت القيادة الصينية أهداف نمو طموحة وعززت التزامها بالاعتماد على الذات والتقدم التكنولوجي.

 اقتصاد الصين: هدف النمو والتحديات

خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الشعبي الوطني الصيني، حدد رئيس مجلس الدولة لي تشيانغ هدف نمو البلاد لعام 2025 عند “حوالي 5 في المائة”، معترفًا بأن الطريق إلى تحقيق هذا الهدف سيتطلب “جهودًا شاقة”.

على الرغم من ذلك، أكد لي أن الاتجاه الطويل الأجل للنمو الاقتصادي لا يزال قوياً ولا يتزعزع، وطمأن الجمهور قائلاً: “ستستمر سفينة الاقتصاد الصيني العملاقة في شق الأمواج والإبحار بثبات نحو المستقبل”، وهو بيان يعكس ثقة الحكومة في قدرتها على تحمل الصعوبات الحالية.

ومع ذلك، يتناقض هذا التفاؤل بشكل صارخ مع حقائق اقتصاد الصين، الذي كان يتعامل مع عواقب الوباء وأزمة الإسكان التي أثرت بشدة على الطبقة المتوسطة، لا تزال ثقة المستهلك منخفضة، ويستمر إنفاق الأسر في التخلف، مما يثير تساؤلات حول فعالية استراتيجيات الحكومة لإعادة إشعال النمو الاقتصادي.

اقرأ أيضا.. أرامكو تخفض أكبر توزيعات أرباح في العالم .. ضربة لميزانية السعودية

التوترات التجارية مع الولايات المتحدة والتدابير الانتقامية

في الوقت نفسه، أصبحت الحرب التجارية المستمرة بين البلاد والولايات المتحدة نقطة محورية للقلق، واصلت الولايات المتحدة ضغوطها على الصين، مستشهدة بقضايا مثل الاتجار بالفنتانيل والهجرة، بينما فرضت تعريفات جمركية جديدة.

في المقابل، ردت بكين بفرض تعريفات جمركية خاصة بها، بما في ذلك فرض ضريبة بنسبة 15% على بعض المنتجات الزراعية الأميركية وتدابير عقابية ضد العديد من الشركات الأمريكية، وتشكل هذه الإجراءات جزءاً من استراتيجية أوسع نطاقاً لمواجهة النفوذ الاقتصادي الأميركي وتأكيد مكانة الصين في السوق العالمية.

لقد أوضحت إدارة شي أنها لن تتراجع عن هذه التوترات، وقال متحدث باسم وزارة الخارجية: “نحن مستعدون للقتال حتى النهاية”، معززاً موقف الصين ضد العداء الأميركي المتصور.

وأصر شي على أن الغرب يجب أن يعامل الصين على قدم المساواة، ويضع نفسه كلاعب عالمي رئيسي على الساحة الجيوسياسية.

السياسات الاقتصادية الداخلية ومخاوف المستهلكين

لدعم النمو المحلي، تزيد الصين من هدف العجز المالي إلى 4% من الناتج المحلي الإجمالي، ارتفاعاً من هدف العام السابق البالغ 3%، ويشير هذا التحول في السياسة إلى استعداد أكبر للاستثمار في التحفيز الاقتصادي من خلال الاقتراض العام.

مع ذلك، فإن النجاح الطويل الأجل لهذه الاستراتيجية لا يزال غير مؤكد، وخاصة في ضوء التحديات المستمرة في الإنفاق الاستهلاكي وقطاع العقارات.

ورغم هذه الجهود، لم يتم الإعلان إلا عن عدد قليل من المبادرات الجريئة الجديدة لدعم الأسر، مثل التأمين الصحي أو إصلاح المعاشات التقاعدية، وهو ما توقعه كثيرون في ظل التباطؤ الاقتصادي، وبدلاً من ذلك، ركزت الحكومة على إدارة التضخم، وحددت هدفها لزيادات أسعار المستهلك بنسبة 2% ــ وهو أدنى مستوى في عقدين من الزمان.

كما أقرت حكومة شي بالأهمية المتزايدة للقطاع الخاص في التعافي الاقتصادي في الصين، فبعد سنوات من القمع ضد الشركات الخاصة، عقد شي اجتماعا نادرا مع قادة الأعمال، بما في ذلك جاك ما من علي بابا، في إشارة إلى التحول نحو تعزيز الابتكار والنمو القائم على التكنولوجيا.

تركز الحكومة على قطاعات حيوية مثل الذكاء الاصطناعي والمركبات ذاتية القيادة والطاقة المتجددة لتعزيز قدراتها التكنولوجية والحد من الاعتماد على الضغوط الخارجية.

التوسع العسكري في ظل الضغوط الاقتصادية

على الرغم من التباطؤ الاقتصادي، أشارت الصين إلى أن إنفاقها العسكري سيستمر في الارتفاع، مع زيادة مخطط لها بنسبة 7.2% بحلول عام 2025.

يؤكد هذا الارتفاع، الذي يبلغ نحو 246 مليار دولار، على التزام البلاد بالنمو العسكري حتى في أوقات عدم الاستقرار الاقتصادي، وسوف تذهب الأموال إلى تعزيز القدرات التكنولوجية والعسكرية للصين، وخاصة في مجالات مثل تطوير الصواريخ والقوات البحرية وتكنولوجيا الفضاء.

إن هذا التركيز على التوسع العسكري ليس خاليا من التحديات، ويتوقع الخبراء أن المشاريع المستقبلية، بما في ذلك حاملات الطائرات الجديدة وأنظمة الدفاع المتقدمة، قد تزيد من ضغوط الميزانية.

ومع ذلك، يبدو شي وحكومته عازمتين على تحقيق هدفهما المتمثل في تعزيز موقف الصين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وخاصة فيما يتعلق بتايوان، التي تظل نقطة خلاف كبيرة بين بكين والغرب.

الاستجابة الصينية للمشهد السياسي العالمي

إلى جانب المخاوف التجارية والعسكرية، تتفاعل الصين أيضًا مع التحالفات المتغيرة وديناميكيات القوة العالمية، تحت قيادة شي، كانت الصين تتودد إلى روسيا وأوروبا، سعياً إلى تعزيز علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع مواجهة نفوذ الولايات المتحدة.

تسلط الاتصالات الأخيرة التي أجراها شي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، حيث أشار إلى بلديهما باعتبارهما “أصدقاء حقيقيين”، الضوء على تحالف الصين المتزايد مع روسيا، خاصة وأن كلتا الدولتين تواجهان توترات متزايدة مع الغرب.

من المرجح أن تحدد قدرة الصين على التعامل مع هذه التحولات العالمية وإدارة تحدياتها الاقتصادية الداخلية مسارها على مدى السنوات القادمة.

في حين تظل الحكومة واثقة من قدرتها على تحقيق النمو، تظل هناك تساؤلات حول استدامة استراتيجياتها في مواجهة التحديات الاقتصادية وعدم اليقين الجيوسياسي والصراعات التجارية المستمرة مع الولايات المتحدة.

زر الذهاب إلى الأعلى