رسالة مزدوجة من دمشق.. ماذا تفعل قوات الإيغور على الحدود بين سوريا ولبنان؟

في تطور مفاجئ يعيد خلط الأوراق على جبهة الحدود بين سوريا ولبنان، تداولت تقارير محلية ودولية خلال الساعات الماضية معلومات عن تحركات عسكرية في الجانب السوري من منطقة البقاع الشمالي، وسط حديث عن وجود مقاتلين أجانب من الإيغور والشيشان والتركمانستان قرب الحدود مع لبنان.

وما زاد من وطأة التساؤلات هو الطابع غير المعتاد لهذا النوع من التحشيدات، خاصة بعد الزج باسم الإيغور، الذين لطالما ارتبطوا بمعارك كبرى داخل الأراضي السورية خلال سنوات الحرب الماضية.

نفي رسمي لوجود تصعيد على الحدود بين سوريا ولبنان

مصادر أمنية لبنانية نفت بشكل قاطع وجود أي مؤشرات ميدانية تؤكد هذه التحركات، مشيرة إلى أن الوضع على الحدود الشرقية لا يزال تحت السيطرة، ولم تُسجل أي اختراقات غير مألوفة.

بدوره، أصدر الجيش اللبناني بيانًا رسميًا دعا فيه وسائل الإعلام إلى توخي الحذر في التعاطي مع الأنباء المتداولة، مؤكدًا أن بعض ما يُنشر يفتقر إلى الدقة ويخدم أغراضًا دعائية أو تضليلية.

إلا أن ذلك لم يُطمئن الدوائر المعنية بمتابعة هذا الملف، حيث ترى أن مجرد تداول هذه الأنباء في هذا التوقيت الحساس يحمل دلالات سياسية وأمنية لا يمكن تجاهلها.

وجود الإيغور في سوريا وعلاقتهم بـ لبنان

يرى عدد من الخبراء العسكريين أن الحديث عن وجود وحدات من الإيغور قرب الحدود اللبنانية ليس بالضرورة أن يعكس واقعًا ميدانيًا مؤكّدًا، بقدر ما يشير إلى رسائل سياسية تريد دمشق إيصالها إلى أطراف مختلفة، وعلى رأسها حزب الله وإسرائيل.

وبحسب هؤلاء الخبراء، فإن الإيغور الذين دخلوا الأراضي السورية منذ بداية النزاع، تم توطينهم في مناطق معينة، إلى جانب أسرهم، في إطار خطة مدروسة لجعل وجودهم طويل الأمد، وليس مؤقتًا أو عابرًا.

ويؤكد الخبراء أن هؤلاء المقاتلين يتمتعون بقدرات قتالية متقدمة، خصوصًا في مجال الطائرات المسيّرة والأسلحة التقنية، وقد تم استخدامهم في هجمات معقّدة استهدفت القاعدة الروسية في حميميم، ما يجعلهم في مصاف المجموعات القتالية المحترفة داخل المشهد السوري.

رسائل دمشق لـ إسرائيل وحزب الله

يُجمع مراقبون على أن توقيت إعادة الحديث عن الإيغور ليس بريئًا، وأن النظام السوري يحاول توظيف هذه الورقة في إطار معادلات جديدة تُرسم على الساحة الإقليمية.

ويذهب بعضهم إلى القول إن الزج باسم الإيغور قرب لبنان، هو رسالة ضمنية موجهة إلى إسرائيل مفادها أن هؤلاء المقاتلين لن يشكلوا خطرًا على حدودها الجنوبية، بل على العكس، فإن توجيههم نحو الحدود الشرقية للبنان قد يصبّ في مصلحة تل أبيب، من خلال استنزاف حزب الله أو الضغط عليه في خاصرته الحساسة.

في المقابل، يرى مراقبون آخرون أن ما يجري يأتي في سياق الضغط غير المباشر على حزب الله، من خلال التلويح بفتح جبهة لا يرغب فيها، أو جره إلى معركة استنزاف على حدوده الشرقية، في توقيت يُعيد فيه الحزب ترتيب أولوياته بين الداخل اللبناني والجبهة الجنوبية مع إسرائيل.

حزب الله يلتزم الصمت

حتى الآن، لم يصدر عن “حزب الله” أي تعليق رسمي بشأن المعلومات المتداولة عن التحشيدات السورية أو وجود مقاتلين أجانب قرب الحدود الشرقية.

ويشير مراقبون إلى أن الحزب يتعامل مع الملف ببرود محسوب، مذكّرين بأنه سبق أن أعلن بوضوح عدم رغبته في أي مواجهة مع الحكومة السورية الحالية برئاسة أحمد الشرع، وأنه يُحمّل الدولة اللبنانية المسؤولية الكاملة عن أمن الحدود وإدارتها.

ورغم ذلك، لا يُخفي متابعون للشأن اللبناني أن الحزب يراقب المشهد بدقة، وربما يعتبر أن ما يحدث هو جزء من الحرب النفسية التي تمارسها أطراف داخلية وخارجية بهدف خلط الأوراق وزعزعة التوازنات.

اقرأ أيضا

جفاف غير مسبوق يضرب سوريا.. هل تنزلق دمشق نحو المجاعة؟

زر الذهاب إلى الأعلى