رصاص ودبابات على الحدود.. هل تندلع الحرب بين جنوب السودان وأوغندا؟

تصاعدت حدة التوتر العسكري بين أوغندا وجنوب السودان عقب اشتباكات دامية أسفرت عن سقوط قتلى من الجانبين، في أحدث فصول النزاع الحدودي بين البلدين، وسط مخاوف متزايدة من انهيار اتفاق السلام الهش في جوبا.
وقُتل ما لا يقل عن ستة جنود، خمسة منهم من جنوب السودان وواحد أوغندي، خلال تبادل لإطلاق النار بين الجيشين في منطقة “كاجو كيجي” الحدودية، بحسب ما أفادت به مصادر رسمية من البلدين.
وقال المتحدث باسم الجيش الأوغندي، فيليكس كولايجي، إن الاشتباك اندلع بعد دخول جنود من “قوات دفاع شعب جنوب السودان” إلى منطقة غرب النيل داخل الأراضي الأوغندية، ورفضهم الانسحاب، ما دفع القوات الأوغندية إلى الرد.
أما سلطات جنوب السودان، فأكدت أن الحادث نجم عن “هجوم مباغت” شنته القوات الأوغندية، استخدمت فيه دبابات ومدفعية ثقيلة، وفق ما جاء في بيان رسمي صادر عن مقاطعة كاجو كيجي. ولم يعلن الجيش في جوبا عن حصيلة رسمية للضحايا حتى الآن، لكنه أقر بوقوع الاشتباك.
توتر متصاعد بين جنوب السودان وأوغندا
تأتي هذه المواجهات رغم العلاقة العسكرية الطويلة بين الطرفين، إذ تعد أوغندا من أبرز حلفاء الرئيس سلفا كير، وساهمت تاريخيًا في دعم حركته خلال نضاله من أجل الاستقلال عن السودان، الذي تحقق عام 2011، كما وقفت إلى جانبه خلال الحرب الأهلية التي عصفت بالبلاد لسنوات.
وفي مارس الماضي، طلبت حكومة جنوب السودان رسميًا من الجيش الأوغندي الانتشار في جوبا للمساعدة في تأمين العاصمة، بعد تصاعد التوتر بين كير ونائبه الأول ريك مشار، ما أعاد طرح أسئلة حول حدود التدخل الأوغندي في الشأن الداخلي للبلاد.
مشار يتهم أوغندا بانتهاك السيادة
زعيم المعارضة ريك مشار لم يتأخر في الرد، ووجه في مارس الماضي اتهامات مباشرة إلى أوغندا بانتهاك حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، وبالتعدي على اتفاق السلام الموقع عام 2018، وذلك عبر دخول قواتها بآليات مدرعة وطائرات حربية إلى جنوب السودان، وتنفيذ ضربات جوية ضد أهداف مدنية.
وقال مشار، في رسالة رسمية إلى الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومنظمة “إيغاد”، إن “القوات الأوغندية تشارك حالياً في غارات جوية ضد المدنيين”، داعيًا إلى تدخل دولي فوري لوقف الانتهاكات وسحب القوات الأجنبية من الأراضي السودانية الجنوبية.
حملة اعتقالات وتعقيدات سياسية
وفي الوقت ذاته، شنت قوات الأمن في جوبا حملة اعتقالات طالت عددًا من مساعدي مشار، بعد اندلاع مواجهات شمال شرق البلاد بين الجيش النظامي وميليشيا “الجيش الأبيض” ذات الخلفية العرقية، والتي تتهم الحكومة المعارضة بدعمها.
وتشير هذه التطورات إلى أن الصراع الداخلي في جنوب السودان بات يكتسب أبعادًا إقليمية، مع دخول أوغندا على خط الأحداث، سواء بطلب رسمي من الحكومة أو بمبادرة أحادية كما تزعم المعارضة.
أزمة إنسانية تلوح في الأفق
تحذيرات عدة أطلقتها منظمات إغاثة ومراقبون إقليميون من احتمال انفجار الأوضاع في حال تطور النزاع إلى مواجهة مفتوحة، خصوصًا أن جنوب السودان بلد غني بالنفط ويعيش هشاشة سياسية واقتصادية حادة.
وتخشى أوغندا من أن يتسبب أي تصعيد جديد في نزوح آلاف اللاجئين إلى أراضيها، وهو ما يشكل تهديدًا لأمنها واستقرارها الداخلي، بحسب مصادر رسمية في كمبالا.
هل تنهار اتفاقات السلام بين جنوب السودان وأوغندا؟
مع تصاعد التوترات الحدودية، وتبادل الاتهامات بين كير ومشار، تزداد الضغوط على اتفاق السلام الموقع عام 2018، والذي أنهى واحدة من أكثر الحروب الأهلية دموية في القارة الإفريقية.
وبينما تحاول الوساطات الإقليمية احتواء الموقف، تبدو المؤشرات على الأرض مقلقة، في ظل استمرار التدخلات العسكرية، واتساع رقعة الصراع، وغياب الثقة بين أطراف الحكم في جوبا.
اقرأ أيضًا: 15 دولة غربية تمهد للاعتراف بفلسطين.. هل اقترب حلم الدولة؟