رغم اتفاق حماس وأمريكا.. إسرائيل تستدعي مئات الآلاف من جنود الاحتياط| ماذا يحدث؟

في خطوة عكستْ تناقضًا صارخًا مع المساعي الدولية لوقف الحرب، صادقت الحكومة الإسرائيلية، يوم الإثنين، على استدعاء ما يصل إلى 450 ألف من جنود الاحتياط بموجب الأمر العسكري “8”، حتى 31 أغسطس 2025، في أكبر عملية تعبئة منذ اندلاع الحرب على غزة في 7 أكتوبر 2023.

ويأتي هذا القرار وسط تأكيد مصادر للجزيرة أن حركة حماس توصلت مع الإدارة الأمريكية إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا، ما يثير تساؤلات حول نوايا حكومة بنيامين نتنياهو، ومدى التزامها بخيارات التهدئة.

صفقة حماس وأمريكا

بحسب وسائل إعلام فإن المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، توصّل خلال محادثاته في الدوحة إلى اتفاق مع قيادة حماس يتضمن:

وقف إطلاق نار لمدة 60 يومًا، إفراج متبادل عن أسرى: 10 إسرائيليين مقابل أسرى فلسطينيين وجثامين ، وانسحاب إسرائيلي من شمال وشرق وجنوب قطاع غزة خلال 5 أيام.

بجانب إدخال 1000 شاحنة مساعدات يوميًا دون شروط، وضمانة أمريكية بعدم استئناف العمليات العسكرية في حال فشل المفاوضات.

ويؤكد الاتفاق أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيكون الضامن الأساسي لتطبيق هذا التفاهم، الذي نُقل رسميًا إلى الحكومة الإسرائيلية، في انتظار ردها النهائي.

استدعاء جنود الاحتياط يثير غضب داخلي في إسرائيل

رغم ما يبدو أنه انفراجة محتملة، اختار نتنياهو المضي قدمًا نحو التصعيد، إذ استدعى مئات آلاف الجنود الاحتياط، متجاهلًا تحذيرات قانونية بعدم دستورية القرار.

أمر “8” العسكري، الذي يُستخدم في حالات الطوارئ، يلزم جنود الاحتياط بالحضور الفوري دون إمكانية الاعتراض. لكن المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهراف-ميارا، انتقدت القرار قائلة إن الحكومة تتقاعس في تجنيد أبناء المجتمع الحريدي، مما يخلق تمييزًا صارخًا في تحمّل أعباء الحرب.

وقالت بهراف-ميارا:”الجيش أوضح احتياجاته، لكن لا يسود شعور بالمساواة، وهذا يمس بالإحساس العام بالعدالة. قانون الخدمة يلزم بالتجنيد الموحد، لكن لا خطط حقيقية تُنفّذ حتى الآن”.

تصدّع الجبهة الداخلية في إسرائيل

الغضب الشعبي لم يتأخر. فقد اعتبرت حركة “أمهات في الخط الأمامي”، على لسان رئيستها أيلت هشاحر سيدوف، أن الحكومة الإسرائيلية “تكافئ المتهربين وتخون الجنود”.

وقالت:”نطالب بوقف حرب نتنياهو، فهي تخدم أجندة سياسية فاشلة على حساب دماء أبنائنا”.

ويرى مراقبون أن القرار الأخير يعمّق عزلة نتنياهو داخليًا، خاصة مع تزايد عدد القتلى في صفوف جنود الاحتلال، وضغوط من عائلاتهم لإبرام اتفاق تبادل أسرى يضمن عودتهم سالمين، بدلًا من التصعيد المفتوح.

بعد استدعاء جنود الاحتياط من يعرقل وقف إطلاق النار في غزة ؟

تُقدّر إسرائيل أن في غزة 58 أسيرًا إسرائيليًا، بينهم 20 على قيد الحياة، في حين تقبع في سجونها أكثر من 10,100 فلسطيني، يعاني كثير منهم من الإهمال والتعذيب، وفق تقارير حقوقية.

وقد أعلنت حماس استعدادها مرارًا لصفقة شاملة مقابل وقف الحرب، لكن نتنياهو يرفض بشدة أي صيغة تُنهي الاحتلال دون نزع سلاح المقاومة، ما يجعل من تصريحاته العقبة الأكبر أمام الاتفاق.

حرب أم هدنة؟

في ظل هذه المعطيات المتضاربة، يُطرح سؤال كبير: هل تسعى إسرائيل فعلاً لوقف إطلاق النار؟ أم أن حكومة نتنياهو تُفضل التصعيد للهروب من أزماتها السياسية والقضائية؟

فبين اتفاق جاهز على الطاولة، وضمانات أمريكية علنية، واستدعاء ضخم لقوات الاحتياط، يبدو أن مستقبل غزة – وربما المنطقة كلها – لا يزال رهينة حسابات تل أبيب الداخلية.

اقرأ أيضًا: اتفاق بين حماس وأمريكا على وقف إطلاق النار في غزة.. هل تلتزم إسرائيل؟

زر الذهاب إلى الأعلى