إيران تُفاجئ العالم بالاعتراف بـ”دمار واسع” في منشآتها النووية رغم تضارب التقييمات الأمريكية

في تطور لافت على الساحة الإقليمية، كشفت المواجهة العسكرية الأخيرة بين إيران من جهة، والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى، عن تباين واضح في الروايات بشأن فاعلية الضربات التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية.

ففي الوقت الذي وصف فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العملية بأنها حققت “تدميرا كاملا” لقدرات إيران النووية، أشارت تقييمات أولية لوكالات الاستخبارات الأمريكية إلى أن التأثير كان محدودا ولم يتجاوز تأخير البرنامج النووي لبضعة أشهر فقط.

ووسط هذا التضارب، خرج المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، في مقابلة تلفزيونية ليؤكد أن بلاده تكبدت “أضرارًا جسيمة” في منشآتها النووية، في اعتراف رسمي يُعد الأول من نوعه منذ بدء الهجمات.

إيران تُقرّ بضرر كبير في منشآتها النووية

وأكد بقائي أن المنشآت النووية “تضررت بشدة” نتيجة “هجمات متكررة من المعتدين الإسرائيليين والأمريكيين”، مشيرا إلى أن الأضرار طالت بالخصوص منشأة فوردو للتخصيب، التي تُعد واحدة من أكثر المواقع النووية الإيرانية تحصينا.

وقد دعمت صور أقمار صناعية، نشرتها شركة “ماكسار تكنولوجيز”، هذه التصريحات، حيث أظهرت دمارا هيكليا واسعا في فوردو عقب الغارات الجوية الأمريكية يوم 22 يونيو.

وأوضح بقائي أن منظمة الطاقة الذرية الإيرانية تجري حاليا تقييما تقنيا لتحديد مدى الخسائر بدقة.

ترامب يعلن “تدميرا كاملا”… والاستخبارات تُشكك

ومن جانبه، أعلن الرئيس ترامب أن الضربات الأمريكية “أعادت البرنامج النووي الإيراني عقودا إلى الوراء”، متهما وسائل الإعلام بـ”تحريف” نتائج العملية. إلا أن شبكة “سي إن إن” نقلت عن مصادر استخباراتية أن وكالة الاستخبارات الدفاعية (DIA) توصلت إلى أن الضربات لم تمس العناصر الأساسية للبرنامج النووي الإيراني، وقد لا تكون قد أخّرت تطويره إلا لبضعة أشهر.

ورغم هذا التناقض، قال ترامب إن التقييم الاستخباراتي لا يزال “أوليا وغير حاسم”، مؤكدا أن إسرائيل ستُقدم نتائج إضافية قريبا.

الوكالة الدولية للطاقة الذرية تؤكد وقوع أضرار.. وإيران تُعلّق التعاون

وقد أثارت هذه الضربات قلقا دوليا متزايدا، إذ أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن “عدة مواقع نووية إيرانية تضررت بشدة” خلال الصراع الذي استمر 12 يوما.

ونتيجة لذلك، صوّت البرلمان الإيراني لصالح تعليق التعاون مع الوكالة، دون الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT)، التي تُعنى بمنع انتشار الأسلحة النووية على مستوى العالم.

وأثار هذا التعليق مخاوف متزايدة بشأن مستقبل الرقابة الدولية على الأنشطة النووية الإيرانية، وسط مخاوف من احتمال استئناف طهران لتطوير برنامجها بعيدا عن أعين المفتشين الدوليين.

إسرائيل: منشأة فوردو أصبحت “غير صالحة للعمل”

وأعلنت هيئة الطاقة الذرية الإسرائيلية، أن الضربة الأمريكية على منشأة فوردو “دمرت البنية التحتية الحيوية للموقع وجعلت منشأة التخصيب غير صالحة للعمل”.

كما أشار البيان إلى أن الضربات الأمريكية الإسرائيلية المشتركة قد أخّرت قدرة إيران على تطوير أسلحة نووية لعدة سنوات، إذا لم تتمكن من الوصول مجددا إلى المواد النووية الحساسة.

ورغم هذه التصريحات، أوضح المسؤولون الإسرائيليون أن هذه المكاسب مؤقتة، وأنهم سيبذلون جهودا مكثفة لمنع إيران من إعادة بناء برنامجها بسرعة.

التبعات الجيوسياسية.. بين التصعيد والدبلوماسية

وتكشف هذه التطورات عن هشاشة الأوضاع الأمنية في الشرق الأوسط، وتُسلط الضوء على عمق انعدام الثقة بين طهران والقوى الغربية.

اقرأ أيضًا.. بعد غياب 8 سنوات.. الكويت تفتح أبواب الاقتراض العالمي بـ6 مليارات دولار

كما أن تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية يعقّد إمكانية التحقق من الأنشطة النووية المستقبلية.

ويُحذر خبراء من أن تدمير البنية التحتية لا يعني نهاية الطموحات النووية الإيرانية، إذ تبقى المعرفة الفنية والإرادة السياسية قائمة. وعليه، فإن الأشهر المقبلة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كان التصعيد سيتواصل، أم ستتم العودة إلى المسار الدبلوماسي.

زر الذهاب إلى الأعلى