رغم تفاوضه على كامب ديفيد.. كارتر: إسرائيل انتهكت حقوق الإنسان في فلسطين

القاهرة (خاص عن مصر)- غالبًا ما يتم تعريف رئاسة جيمي كارتر بإنجاز ضخم: اتفاقيات كامب ديفيد، وهي اتفاقية سلام بين إسرائيل، ومصر استمرت لمدة خمسة عقود تقريبًا كحجر أساس للسياسة في الشرق الأوسط.

مع ذلك، وفقًا لتقرير نيويورك تايمز، فإن علاقة كارتر بإسرائيل أكثر تعقيدًا وإثارة للجدل، خاصة بعد أن ترك منصبه وأصبح منتقدًا صريحًا لمعاملة إسرائيل للفلسطينيين.

اتفاقيات كامب ديفيد: انتصار دبلوماسي

في عام 1978، بصفته رئيسًا للولايات المتحدة، سهَّل كارتر المفاوضات التاريخية بين الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيجن في كامب ديفيد.

شكَّلت معاهدة السلام الناتجة خطوة مهمة نحو الاستقرار في المنطقة. وقد أكسبه دور كارتر كوسيط محايد خلال هذه المحادثات الثناء، وأثبت سُمْعته كرجل دولة ماهر. وتظل اتفاقيات كامب ديفيد شهادة على قدرته على التعامل مع الصراعات العميقة الجذور.

اقرأ أيضًا: رحيل الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر عن عمر 100 عام.. إرث من الإنسانية والقيادة 

انتقادات ما بعد الرئاسة لإسرائيل

تغير موقف كارتر من إسرائيل بشكل ملحوظ بعد رئاسته. عام 2006، نشر كتاب فلسطين: السلام وليس الفصل العنصري، وهو كتاب انتقد بشدة سياسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية.

أثار استخدام كارتر لمصطلح “الفصل العنصري” لوصف الوضع إدانة واسعة النطاق، وخاصة من الجماعات المؤيدة لإسرائيل. وزعم أن الخطاب الأمريكي حول هذه القضية كان متأثرًا بشكل غير متناسب بجماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل، مما أدى إلى رواية أحادية الجانب تتجاهل معاناة الفلسطينيين.

أثار عنوان الكتاب وحده ردود فعل عنيفة، حيث اتهم المنتقدون كارتر بالمبالغة وعدم دقة الحقائق. استقال أربعة عشر عضوًا من المجلس الاستشاري لمركز كارتر احتجاجًا، متهمين إياه بتبني “موقف صارم وغير متهاون”.

على الرغم من الجدل، ظل كارتر ثابتًا على موقفه. في مقابلة مع إذاعة إسرائيل، قارن القيود المفروضة على الفلسطينيين في الضفة الغربية بنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا في عصر الفصل العنصري، مشيرًا إلى أن هذه الظروف كانت في بعض الحالات أسوأ.

الدفاع عن موقف استفزازي

دافع كارتر لاحقًا عن اختياره للغة خلال خطاب في جامعة برانديز، موضحًا أنه سعى إلى تسليط الضوء على حقائق الحياة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

أوضح أن نيَّته لم تكن مساواة الصهيونية بالعنصرية بل التأكيد على التناقضات الأخلاقية والمعنوية للسياسات الإسرائيلية في الأراضي. وعلق كارتر قائلاً: “هذا القمع القاسي يتعارض مع مبادئ الإيمان الديني اليهودي والمبادئ الأساسية لدولة إسرائيل”.

ردود أفعال متباينة من المنتقدين والمؤيدين

كان رد الفعل على انتقاد كارتر لإسرائيل مثيرًا للجدال. ففي حين أدان كثيرون موقفه باعتباره تحريضيًا، أشاد آخرون باستعداده لمعالجة الحقائق الصعبة.

الجدير بالذكر أن بعض منتقدي كارتر السابقين راجعوا آراءهم لاحقًا. وقد اعتذر ستيف بيرمان، أحد مستشاري مركز كارتر الذي استقال في البداية، علناً، معترفاً بأن ملاحظات كارتر حول محنة الفلسطينيين كانت “على الأرجح صحيحة”.

يعكس إرث كارتر الدائم دوره المزدوج كوسيط سلام ومنتقد صريح. وفي حين عززت اتفاقيات كامب ديفيد مكانته في التاريخ كصانع سلام، فإن نشاطه بعد الرئاسة وآرائه المثيرة للجدل حول سياسات إسرائيل تظل موضوعاً للنقاش.

زر الذهاب إلى الأعلى