رفض للعنف وإدانة للمستوطنات.. هل انقلبت أوروبا على إسرائيل؟

تشهد الساحة الدولية موجة متزايدة من انتقادات قادة ومسؤولين في أوروبا تجاه سياسات إسرائيل، لا سيما في ظل تصاعد العنف في قطاع غزة وتوسيع الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
يتجلى هذا التحول في مواقف عدة لقادة أوروبيين الذين باتوا يوجهون اتهامات واضحة تجاه السياسات الإسرائيلية الراهنة.
رفض أوروبي للتصعيد الإسرائيلي في غزة
أعلنت مسؤولة السياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، عن وقوع خسائر فادحة في الأرواح إثر انتهاء وقف إطلاق النار في غزة.
وفي مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر في القدس، أكدت كالاس أن التصعيد العسكري الحالي أدى إلى مزيد من عدم الاستقرار، محذرة من تبعاته الوخيمة على المحتجزين والضحايا المدنيين.
ودعت المسؤولة حركة حماس إلى إطلاق سراح جميع المحتجزين، وطالبت إسرائيل بتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة بشكل كامل، في ظل ما وصفته بأنه قصف عنيف يتسبب في إبادة جماعية لحياة آلاف المدنيين.
انتقادات أوروبية لسياسة الاستيطان
وجهت وزارة الخارجية الألمانية انتقاداً لاذعاً للقرار الإسرائيلي بالاعتراف بـ13 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة، معتبرةً أن هذا القرار يعزز سياسة التوسع الاستيطاني التي تقوض فرص تحقيق حل الدولتين.
وأكد متحدث باسم الوزارة في مؤتمر صحفي في برلين أن هذه الخطوات تهدف إلى تغيير الواقع على الأرض بطريقة تتعارض مع القرارات الدولية والجهود الرامية لتحقيق تسوية عادلة وشاملة في المنطقة.
انتقادات قادة أوروبا لسياسة إسرائيل
لم يقتصر النقد الأوروبي على التصريحات الألمانية فحسب، بل عبر قادة آخرون عن استيائهم من السياسات الإسرائيلية. ففي باريس، أدان وزير الخارجية الفرنسي ما وصفه بـ”تصعيد العنف غير المبرر”، مشيراً إلى أن سياسة الاستيطان تشكل عقبة رئيسية أمام عملية السلام.
وأضاف الوزير الفرنسي أن فرنسا تدعو إلى إعادة فتح قنوات الحوار بين الأطراف المتنازعة والعمل على وقف الأعمال العدائية التي تستنزف حياة الأبرياء.
اتهامات بريطانية لإسرائيل
وفي بريطانيا، أكد مسؤول رفيع في الحكومة أن السياسات الإسرائيلية الحالية تؤدي إلى تأجيج الصراع وتعميق الانقسامات في المنطقة.
ودعا المسؤول البريطاني إلى تطبيق ضغوط دبلوماسية واقتصادية على إسرائيل للالتزام بالقرارات الدولية، مما يعكس تحولاً ملحوظاً في الموقف الأوروبي الذي طالما كان مؤيداً للعمليات الإسرائيلية.
كما جاءت أصوات من إسبانيا وإيطاليا داعية إلى اتخاذ موقف حازم ومتماسك ضد أي خطوات تهدد الجهود الدولية الرامية لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
تحذيرات أممية
على صعيد الأمم المتحدة، حذر وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، من التقارير “المروعة” القادمة من قطاع غزة، مشيراً إلى تعرض المزيد من المستشفيات والفرق الطبية لهجمات متكررة.
وأكد فليتشر أن هذه الهجمات تزيد من معاناة المدنيين وتجعل من عملية الإنقاذ مهمة شبه مستحيلة في ظل القصف العنيف الذي يشهده حي تل السلطان برفح جنوب غزة.
دعوات لتدخل دولي لوقف الإبادة في رفح
كما أعلنت بلدية رفح أن الاتصالات قد انقطعت عن حي تل السلطان، معربة عن قلقها العميق إزاء ما وصفته بأنه “إبادة جماعية”، حيث ظل آلاف المدنيين محاصرين تحت قصف إسرائيلي عنيف دون أي وسيلة للنجاة.
ودعت البلدية إلى تدخل دولي فوري وفتح ممرات آمنة لإجلاء المواطنين العالقين، مؤكدًة أن الوضع الإنساني في المنطقة أصبح كارثياً يستدعي تحركاً عاجلاً.
هل انقلبت أوروبا على إسرائيل؟
وبحسب تقارير تطرح هذه التطورات تساؤلات جدية حول مستقبل العلاقات بين إسرائيل وبعض الدول الأوروبية. فقد تحول الدعم التقليدي إلى موجة نقدية شاملة تشمل سياسة القتل والتوسعات الاستيطانية، مما يثير مخاوف إسرائيلية من أن استمرار مثل هذه السياسات قد يؤدي إلى عزلة إسرائيل على المستوى الدولي.
وفي ضوء هذه المواقف الأوروبية المتعددة، يبدو أن هناك رغبة متزايدة في إعادة النظر في السياسات السابقة والالتزام بالقرارات الدولية لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
ووفق مراقبون فإن هذا التحول في المواقف الأوروبية والدعوة لضرورة العودة إلى طاولة الحوار كسبيل لإيقاف العنف وضمان حقوق جميع الأطراف. قد يضع تل أبيب في حرج دولي حال استمرار سياستها القائمة على القتل والإبادة والتهجير اعتمادا على الدعم الأمريكي لهذه الممارسات التي يرفضها قادة أوروبا.
اقرأ أيضًا: بالتصعيد العسكري والمغادرة الطوعية.. كيف تخطط إسرائيل لتنفيذ مقترحات ترامب حول غزة؟