رفع العقوبات وحده لا يكفي.. كيف يمكن لـ الاتحاد الأوروبي إنقاذ سوريا من خطر الفشل؟

حذر تقرير صادر عن المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية من أن سوريا تواجه تحديات سياسية واقتصادية معقدة تهدد استقرارها، داعيًا الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لدعم البلاد خلال مرحلة الانتقال السياسي.
وأشار التقرير إلى أن الإطاحة بنظام بشار الأسد أوجدت حالة من الترقب والقلق بين السوريين، حيث تسود مخاوف بشأن قدرة الحكومة الجديدة على إدارة المرحلة الانتقالية، خاصة مع تفاقم الأزمة الاقتصادية وانعدام الخدمات الأساسية.
غياب الشفافية في الحوار الوطني يثير القلق
ذكر التقرير أن الحكومة السورية الجديدة أطلقت حوارًا وطنيًا يهدف إلى بناء توافق داخلي، لكنه لا يزال يفتقر إلى الشفافية وآليات التنفيذ الواضحة، مما أثار تساؤلات حول مدى التزام السلطة الجديدة بالتعددية السياسية.
تدهور الاقتصاد وزيادة معاناة السوريين
أما على الصعيد الاقتصادي، فقد أدى انخفاض الإيرادات العامة، نتيجة انهيار تجارة “الكبتاجون” ووقف تدفقات النفط الإيراني، إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، حيث زادت أسعار الخبز بمعدل عشرة أضعاف.
كما تعاني مؤسسات الدولة من عجز في دفع الرواتب، ما أسفر عن ارتفاع معدلات الفقر وتراجع الخدمات.
وفي ظل هذا الواقع، تصاعدت معدلات الجريمة والاختطاف نتيجة ضعف المؤسسات الأمنية، في وقت يحاول فيه “تنظيم الدولة” استغلال الفراغ الأمني لتعزيز نفوذه في بعض المناطق.
المجلس الأوروبي يدعو إلى تحرك عاجل في سوريا
في ظل هذه التحديات، شدد التقرير على ضرورة أن يكثف الاتحاد الأوروبي دعمه لـ سوريا، مشيرًا إلى أن تخفيف العقوبات وحده لا يكفي لمعالجة الأزمة.
وأوصى بتقديم الاتحاد الأوروبي مساعدات عاجلة تركز على دعم الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والصحة والمياه، إلى جانب دفع رواتب الموظفين لضمان استمرارية عمل المؤسسات ومنع انهيار الدولة.
تعزيز التواصل الأوروبي مع دمشق
كما دعا التقرير إلى تعزيز التواصل مع الحكومة السورية الجديدة، حيث يرى الخبراء أن التباطؤ الأوروبي في الانخراط مع دمشق قد يحد من قدرة أوروبا على التأثير في مسار العملية السياسية.
وشدد على أهمية استخدام هذا التواصل للضغط على الحكومة من أجل تحقيق إصلاحات أوسع، بما في ذلك إشراك الأمم المتحدة في دعم المرحلة الانتقالية.
دور المجتمع المدني
إلى جانب ذلك، لفت التقرير إلى الدور المحوري لمنظمات المجتمع المدني، داعيًا إلى تعزيز دعمها ماليًا وفنيًا لضمان استمرار دورها في مراقبة أداء الحكومة وتشجيع المشاركة الشعبية.
وأشار إلى أن بعض القضايا، مثل المناهج الدراسية، شهدت بالفعل تراجعًا من قبل السلطة تحت ضغط مجتمعي، ما يعكس إمكانية التأثير على سياسات الحكومة الجديدة من خلال منظمات المجتمع المدني.
تخفيف العقوبات
وفيما يتعلق بالعقوبات، أوصى التقرير بإعادة النظر في آليات تخفيفها، معتبرًا أن الإعفاءات الأوروبية والأمريكية الحالية لا تزال محدودة ولا تلبي الاحتياجات الإنسانية والاقتصادية المتزايدة.
ودعا إلى توسيع نطاق هذه الإعفاءات، مع تجديد “الترخيص الأمريكي العام 24″، الذي ينتهي في يوليو المقبل، بما يسمح بتقديم دعم مالي أوسع لسوريا في هذه المرحلة الحرجة.
تحالف دولي لدعم الاستقرار السوري
وفي سياق الجهود الدولية، شدد التقرير على أهمية تشكيل تحالف دولي لدعم الاستقرار في سوريا، مؤكدًا أن استمرار الضغط السياسي والعسكري على البلاد قد يؤدي إلى تفاقم الصراع وإضعاف فرص بناء دولة مستقرة.
ورأى أن التنسيق بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة سيكون حاسمًا في هذا الإطار، مع ضرورة العمل على تقليل التوترات الإقليمية، خاصة في ظل استمرار الضربات الإسرائيلية والوجود العسكري التركي.
خلص التقرير إلى أن العواصم الأوروبية أمام اختبار حقيقي في التعامل مع الملف السوري، محذرًا من أن التقاعس عن تقديم الدعم اللازم قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع، ويفتح المجال أمام قوى إقليمية لتعزيز نفوذها.
اقرأ أيضا
بميزانية مليار دولار.. كيف تخطط إسرائيل لتفتيت سوريا عبر بوابة الدروز ؟