رمضان شهر الانتصارات.. معارك صنعها الصائمون وسُطرت بأحرف العزة في كتب التاريخ

لعل شهر رمضان المبارك أكثر من مجرد شهر للصيام والعبادة، فقد كان شاهدا على انتصارات وإنجازات سطرها التاريخ بحروف من ذهب أو ألماس.
ففي رمضان ذكرت لنا أمهات الكتب الكثير من المحطات المضيئة في تاريخ الأمة الإسلامية والعربية أيضًا؛ فها هي قوة الإيمان والعزيمة تجتمعان لتحققا نصرًا مبينًا على كل من تسول له نفسه النيل من كرامتنا، فكانت النتيجة انتصارات حاسمة بدلت دفَّة مجرى التاريخ.
أبرز انتصارات شهر رمضان عبر التاريخ
غزوة بدر الكبرى (2 هـ)
لعل أول ما يتبادر إلى أذهاننا تلك الغزوة التي تعد أولى المعارك في التاريخ الإسلامي؛ حيث وقعت في السابع عشر من رمضان في السنة الثانية للهجرة. كانت المواجهة بين المسلمين بقيادة النبي الخاتم محمد ضد جيش قريش المتفوق من حيث العدد، لكن الإيمان الصادق والتخطيط المُحكَم كانا كفيلين بتحقيق النصر؛ مما عزز مكانة الإسلام وأظهر قوته الناشئة.
تفاصيل المعركة
بعد ندب النبي محمد نفرًا من المسلمين لاعتراض قافلة قريش الآتية من بلاد الشام تلك القافلة التي كانت تحت رئاسة أبي سفيان بن حرب الذي أرسل إلى قريش يستنفرها لاستنقاذ تجارتهم.
التقى الجمعانِ عند ماء بدر؛ بين مكة والمدينة، وفي هذه المعركة كان عدد المشركين قرابة الألف أما المسلمون فكان عددهم نحو ثلاثمائة.
قُتل في بدر عدد من صناديد قريش، أبرزهم أبو جهل، وأمية بن خلف، وغيرهما، وقيل: إن عددهم وصل إلى 70 رجلا و70 أسيرًا.
أما المسلمون فاستشهد منهم نحن 14 وقيل: 16 مسلما، وفي هذه المعركة أرسل الله ملائكة لقتال المشركين.
فتح مكة (8 هـ)
يعد فتح مكة أفضل فتوحات المسلمين؛ لشرفها مكة، ووجود البيت الحرام، وقد من الله على عباده وفُتحت دون قتال. كانت في 20 من رمضان من السنة الثامنة للهجرة، حيث دخل النبي محمد ﷺ وأصحابه مكة المكرمة فاتحين، بعد سنوات من الصبر والكفاح.
وقد كان هذا الفتح نقطة تحوُّل عظيمة؛ إذ ساد التسامح والعفو بعد دخول الناس في دين الله أفواجًا، فقد تمثلت سماحة النبي محمد في قوله: «اذهبوا فأنتم الطلقاء».
معركة القادسية (15 هـ)
من المعارك الفاصلة في الفتح الإسلامي لبلاد فارس، وقعت في رمضان عام 15 هـ بين المسلمين بقيادة سعد بن أبي وقاص والفرس بقيادة رستم. انتهت المعركة بانتصار المسلمين، وكان ذلك النصر بداية سقوط الإمبراطورية الفارسية.
معركة عين جالوت (658 هـ)
وقعت تلك المعركة الشهيرة في رمضان عام 658 هـ، قاد المعركة السلطان المملوكي سيف الدين قطز ضد التتار الذين اجتاحوا العالم الإسلامي وأفسدوا ودمروا كل ما قابلهم، آكلين الأخضر واليابس، وكان النصر في هذه المعركة نُقطة فاصلة في صد هذا الغزو المغولي الشرس وإنقاذ العالم الإسلامي من الدمار.
حرب أكتوبر (10 رمضان 1393 هـ / 6 أكتوبر 1973م)
كان العاشر من رمضان عام 1973 شاهدا على نصر المصريين والعرب في معركة أذهلت العدو؛ حيث حقق الجيش المصري نصرًا عظيمًا على العدو الإسـ.رائيلي؛ وتمكَّنت قواتنا المصرية من عبور قناة السويس واستعادة السيطرة على أجزاء عديدة من سيناء، في معركة العزة والكرامة.
في تلك المعركة اتَّحد العرب ووقفوا وقفة رجُل واحد تجاه العدو الذي عاث في الأرض الفساد، واعتدى على أراضي غيره، فكان شهر النصر والاستبسال.
اقرأ أيضًا: بعد تخصيص الدرون لرؤيته.. ما حكم استطلاع هلال رمضان عن طريق الطائرات؟
رمضان.. شهر القوة والعزيمة
لم يكن النصر محض صُدفة كما يظن البعض، لكنه كان نتاج إيمان قوي وعزيمة صادقة، وفوق كل ذلك إرادة إلهية، فمن المعلوم للجميع أن الصائم يشعر بجهد وتعب وإرهاق إلا أن هذا لم يُثن هؤلاء الأبطال المثابرين عن التمسك بالإرادة والعزيمة حتى تحقق النصر في هذا الشهر المبارك.
سيبقى شهر رمضان شاهدًا على أعظم لحظات العزة والانتصار في تاريخ الأمة الإسلامية والعربية، وهو ما يذكرنا دائمًا بأن الإيمان والعمل الجاد قادران بلا شك على تحقيق ما يظنه البعض مستحيلا. فكما كان رمضان شهر الانتصارات فسيظل دائمًا شهر الأمل والانتصار في كل وقتٍ وحين.