روائح الملوك والفراعنة.. إعادة إحياء عطور مصر القديمة في المتحف المصري بالتحرير
القاهرة (خاص عن مصر)- يستضيف المتحف المصري في ميدان التحرير بالقاهرة معرضًا آسرًا بعنوان “عطور مصر القديمة عبر العصور”. يستمر المعرض لمدة ثلاثة أشهر بدءًا من 7 ديسمبر 2024، ويقدم رحلة غامرة في صناعة العطور في مصر القديمة.
وفقا لتقرير نشره موقع سكوب أمبير، لا يسلط هذا المعرض الضوء على أهمية العطور في حياة الفراعنة فحسب، بل يستفيد أيضًا من التكنولوجيا الحديثة لإضفاء الحياة على التاريخ.
جهد تعاوني لعرض التاريخ
يعرض المعرض، الذي تم تنظيمه بالشراكة مع جامعة بول فاليري مونبلييه في فرنسا، ومختبر لابكس أرخميدس، ومؤسسة اللغة الهيروغليفية (هيروغليفية)، قطعًا أثرية من المتحف المصري في التحرير، ومتحف الفن الإسلامي، والمتحف القبطي. يعكس التعاون العلاقات القوية بين مصر وفرنسا في المساعي الأثرية.
وأشاد مؤمن عثمان، رئيس قطاع المتاحف بالمجلس الأعلى للآثار، بالفريق الفرنسي لدوره المهم في تنظيم المعرض، ووصفه بأنه تكريم مناسب لواحدة من أكثر الصناعات عزيزة في مصر.
اقرأ أيضًا: مشاجرات جسدية بين القادة.. القوات المسلحة الإيرانية تحارب نفسها عقب سقوط الأسد
العطور القديمة: كنز ثقافي
كانت للعطور أهمية كبيرة في مصر القديمة، حيث تجاوزت الجمال لتلعب أدوارًا في الدين والطقوس وحتى الموت. وكان البخور، الذي غالبًا ما يُحرق في المعابد للتطهير، عنصرًا أساسيًا في الاحتفالات وممارسات الشفاء.
كانت العطور جزءًا لا يتجزأ من التحنيط، وهي العملية التي استمرت من 40 إلى 70 يومًا، كما لاحظ الدكتور أحمد عامر، عالم المصريات. وأكد أن الملوك والكهنة وعامة الناس لديهم طرقهم ومكوناتهم الخاصة لإنتاج العطور.
تعد رحلة الملكة حتشبسوت الشهيرة إلى أرض بونت، والتي حصلت من خلالها على مكونات غريبة مثل المر واللبان، من أبرز ما في المعرض. تُظهِر القطع الأثرية هذه الرحلة، وتُظهِر تفاني الفرعون في الحصول على أجود المواد الخام.
تجربة متعددة الحواس
يتمتع الزوار بمزيج فريد من التاريخ والحداثة. تتيح تقنية الواقع الافتراضي للحاضرين مشاهدة إنتاج العطور واستخداماتها في الحياة اليومية والطقوس الدينية وعملية التحنيط. كما يضم المعرض نسخًا طبق الأصل من العطور أعيد إنشاؤها باستخدام مخطوطات البردي القديمة تحت إشراف فريق الترميم بالمتحف.
توفر هذه النسخ المصنوعة من زيوت مثل اللوز والزيتون والخروع فرصة نادرة لاستنشاق الروائح التي ملأت ذات يوم معابد وقصور مصر.
من بين العناصر المعروضة تماثيل الملكة حتشبسوت، والأوعية المستخدمة لتخزين العطور، والمخطوطات التي تحتوي على وصفات لإعدادها. كما تستحضر الزهور المجففة والقوارير القديمة التقنيات المتطورة التي استخدمها المصريون.
رؤى الخبراء حول العطور المصرية القديمة
وصف الدكتور محمود المحمدي المعرض بأنه خطوة حيوية نحو إحياء التراث العطري في مصر. كما أكد على الأهمية المزدوجة للعطور في مصر القديمة – المرتبطة بالحياة والموت – وارتباطها بالأحداث الدينية والاحتفالية.
وأضاف أن صناعة العطور في مصر القديمة تنطوي على عمليات دقيقة، من جمع المواد الخام إلى الاستخلاص والخلط والتخزين في قوارير زجاجية أو فخارية مزخرفة بشكل جميل. كانت العطور مشتقة من الزهور والراتنجات والنباتات، مما يعكس المعرفة المتقدمة للمصريين بالتقطير والضغط البارد.
التكنولوجيا الحديثة تلتقي بالإرث القديم
يوضح دمج الواقع الافتراضي والروائح المعاد بناؤها في المعرض كيف يمكن للتكنولوجيا أن تربط بين الماضي والحاضر. لا يعزز العرض السياحة فحسب، بل يدعم أيضًا الصناعات المحلية من خلال تسليط الضوء على كنوز مصر الثقافية.
وكما أشار الدكتور المحمدي، “يعد معرض العطور المصرية القديمة عبر العصور فرصة رائعة لإحياء تراثنا العطري الغني، وتعزيز السياحة، ودعم الصناعة المحلية، ونشر الثقافة العطرية”.
يجسد هذا المعرض، بمزيجه من التاريخ والتكنولوجيا والتجارب الحسية، سحر الحضارة المصرية القديمة الخالد، ويترك الزوار في رهبة من إرثها الدائم.