ريما بنت بندر تثير الجدل في السعودية والسبب تحية عسكرية.. ماذا حدث؟

أثارت سفيرة المملكة العربية السعودية لدى الولايات المتحدة، الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان، جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي.

وذلك عقب انتشار مقطع مصور يُظهرها وهي تؤدي ما وُصف بـ”تحية عسكرية” خلال مراسم استقبال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في مطار العاصمة السعودية الرياض، الثلاثاء الماضي.

اللقطة التي وثقها نشطاء وانتشرت بشكل واسع، أثارت موجة من التفسيرات والتأويلات، حيث زعم البعض أن التحية كانت موجّهة إلى ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، عقب مصافحته الرئيس ترامب.

في حين أظهر الفيديو الكامل، الذي نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية، أن تحية الأميرة جاءت بعد مرور كل من الأمير محمد بن سلمان وترامب من أمامها.

ردود متباينة على وسائل التواصل بشأن الأميرة ريما بنت بندر

النشطاء انقسموا بين من اعتبر أن الأميرة ريما قدّمت تحية للأمير محمد بن سلمان كنوع من الاحترام الرسمي، وبين من رأى أن التحية كانت موجّهة للمرافق العسكري السعودي الذي كان يسير خلف ولي العهد، باعتبار أن الأخيرة جاءت بعد انتهاء مصافحة الشخصيات الرسمية.

وعلّق البعض على هذه اللقطة بأنها سابقة بروتوكولية غير معتادة في استقبال رؤساء الدول، فيما رأى آخرون أن السفيرة ربما كانت تمارس دوراً دبلوماسياً رمزياً لا يحمل أي دلالات سياسية، ورغم كثافة الجدل، لم تُصدر الجهات الرسمية السعودية أي تعليق مباشر بشأن هذه اللقطة.

ريما بنت بندر.. مسيرة دبلوماسية لافتة

الأميرة ريما ليست شخصية عابرة في المشهد السياسي السعودي، فهي أول امرأة سعودية تُعيّن سفيرة للمملكة في دولة كبرى مثل الولايات المتحدة. ومنذ توليها هذا المنصب في عام 2019، كانت واجهة للسياسات السعودية الجديدة التي تركّز على الانفتاح وتمكين المرأة.

شاركت الأميرة في عدة مؤتمرات دولية، وعُرفت بدفاعها القوي عن صورة المملكة في الغرب، خاصة في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي تمرّ بها البلاد ضمن إطار رؤية السعودية 2030.

كما ساهمت في تمثيل السعودية في ملفات هامة تتعلق بالشراكة الاقتصادية والدفاعية مع الولايات المتحدة.

ريما بنت بندر.. مسيرة مهنية متميزة قبل التعيين الدبلوماسي

ريما بنت بندر
الأميرة السعودية ريما بنت بندر تؤدي التحية العسكرية خلال استقبال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب – صورة أرشيفية

قبل أن يتم تعيينها سفيرة للمملكة العربية السعودية لدى الولايات المتحدة، شغلت الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان آل سعود مناصب رفيعة في القطاعين الحكومي والرياضي داخل المملكة.

فقد عملت مستشارة في مكتب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مما أتاح لها المشاركة في صناعة القرار على أعلى المستويات. كما تولّت منصب وكيلة التخطيط والتطوير في الهيئة العامة للرياضة، حيث ساهمت في تطوير البرامج والسياسات المرتبطة بقطاع الرياضة.

إنجاز ريادي في الرياضة النسائية والتعليم

حققت الأميرة ريما إنجازاً غير مسبوق في تاريخ المملكة، حيث أصبحت أول امرأة سعودية ترأس اتحاداً متعدد الرياضات، من خلال قيادتها للاتحاد السعودي للرياضة المجتمعية.

وحصلت الأميرة ريما على شهادة البكالوريوس في الآداب من كلية مونت فيرون التابعة لجامعة جورج واشنطن في الولايات المتحدة الأميركية، وذلك في عام 1999.

وقد ساهمت هذه الخلفية الأكاديمية الدولية في صقل مهاراتها وإعدادها لأداء دورها الدبلوماسي بكفاءة واحترافية.

جذور دبلوماسية عريقة

تنحدر الأميرة ريما من عائلة لها تاريخ طويل في العمل الدبلوماسي. فهي ابنة الأمير بندر بن سلطان آل سعود، الذي شغل منصب سفير المملكة في واشنطن من عام 1983 حتى 2005، وهو أحد أطول السفراء خدمةً في تاريخ العلاقات السعودية الأمريكية.

كما أن والدتها هي الأميرة هيفاء الفيصل بن عبد العزيز آل سعود، ما يجعلها تنتمي إلى أسرة متميزة ذات حضور قوي في السياسة والشأن العام السعودي.

اقرأ أيضًا.. بقيمة 500 مليون دولار.. “أكوا باور” تبرم صفقات استثمارية مع كبرى الشركات الأمريكية

ريما بنت بندر.. رمز التحول الثقافي والسياسي في المملكة

مشهد الأميرة ريما، سواء في التحية أو في مظهرها الرسمي، يعكس جانباً من التحوّل العميق الذي تشهده المملكة في ما يتعلق بمكانة المرأة.

فالمشاركة النسائية في المناصب القيادية والدبلوماسية لم تعد استثناءً، بل باتت مؤشراً على التحول الثقافي والسياسي الحاصل في البلاد.

ويقول مراقبون في هذا الشأن إن الأميرة ريما أصبحت رمزاً لهذا التحول، ليس فقط بسبب منصبها، بل لأنها تقدم نموذجاً عملياً لما يمكن أن تبلغه المرأة السعودية من تأثير وحضور في الساحة الدولية.

وعلى الرغم من التباين في آراء النشطاء حول تحية السفيرة، يرى البعض أن الجدل ذاته يسلّط الضوء على مدى تطور النظرة العامة لدور المرأة في الحياة العامة بالمملكة، فمجرد النقاش الواسع حول رمزية تصرّف دبلوماسي نسائي في مناسبة رسمية يعكس حجم التغير في الأدوار التقليدية.

كما أن هذا النوع من الجدل، وفقاً لمحللين، قد يكون عاملاً محفزاً لزيادة تسليط الضوء على القيادات النسائية السعودية وتقييم أدائهن بموضوعية بعيداً عن الجدل البروتوكولي.

وتبقى مشاركة الأميرة ريما بنت بندر في مراسم استقبال ترامب حدثاً يرمز إلى تزايد دور المرأة السعودية في المحافل الرسمية الدولية، ويشير إلى أن السفارات السعودية حول العالم لم تعد مجرد واجهات تقليدية، بل منصات للتعبير عن التوجهات الحديثة للسياسة السعودية.

زر الذهاب إلى الأعلى