سباق أعماق البحار.. أمريكا تواجه عقبات في إنتاج الغواصات النووية وسط تقدم روسيا والصين

ألقى وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيجسيث، كلمة أمام الكونجرس سعى خلالها إلى تهدئة القلق المتصاعد بشأن التأخر في تسليم الغواصات النووية التي وعدت بها الولايات المتحدة لأستراليا بموجب اتفاقية AUKUS الثلاثية.
وقد أُبرمت الاتفاقية في 2021 بين واشنطن ولندن وكانبيرا، وتهدف إلى تعزيز القدرات البحرية الأسترالية ضمن تحالف أمني لمواجهة التحديات في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
أمريكا تواجه انتكاسة في إنتاج الغواصات النووية
رغم الطموحات الكبيرة، تعاني أحواض بناء السفن الأمريكية من بطء وانتكاسة في الإنتاج بسبب مشكلات تتعلق بنقصص العمالة، وسلاسل التوريد، والقدرة الإنتاجية .. وتعاني أمريكا من تأخر في تسليم الغواصات النووية.
وتكافح شركتا “جنرال ديناميكس إلكتريك بوت” و”هنتنغتون إنغالز” لتحقيق هدف بناء غواصتين من فئة فرجينيا سنويًا، وهو المعدل المطلوب لتلبية الطلبات المحلية والدولية.
غواصات “فرجينيا” وأهمية الصفقة لأستراليا
تمثل غواصات “فرجينيا” حجر الزاوية في الاتفاق، وهي غواصات هجومية تعمل بالطاقة النووية، وتتميز بقدرتها العالية على التخفي وتعدد المهام، وتشغلها حاليًا البحرية الأمريكية في إطار جهود الردع الاستراتيجي.
وتعتزم أستراليا شراء ثلاث غواصات على الأقل خلال الخمسة عشر عامًا القادمة، إلى جانب تطوير قدرة محلية لبناء غواصات نووية.
السباق البحري الإقليمي.. وضغوط المنافسة
تأتي الصفقة في وقت تتسارع فيه وتيرة سباق التسلح البحري في المحيطين الهندي والهادئ.
فالغواصات الروسية من فئة “ياسين”، والنماذج الصينية المتطورة من فئة “تايب 095″، تواصل التقدم، مما يزيد الضغط على الشركاء الغربيين للإبقاء على تفوقهم النوعي.
- الولايات المتحدة تعاني من انتكاسة في إنتاج الغواصات النووية “فيرجينيا”
فجوة بحرية وشيكة تهدد الدفاع الأسترالي
تواجه أستراليا خطر فجوة في قدراتها البحرية مع اقتراب غواصاتها القديمة من فئة “كولينز” من نهاية عمرها التشغيلي.
ومع أن الغواصات الحالية خدمت بشكل موثوق منذ تسعينيات القرن الماضي، إلا أنها تفتقر إلى المدى والقدرة على التسلل مقارنة بالغواصات النووية، ما يجعل التأخيرات في تسليم غواصات فرجينيا مصدر قلق استراتيجي بالغ.
دعم مالي أسترالي لتسريع الإنتاج الأمريكي
خصصت الحكومة الأسترالية ملياري دولار أمريكي لدعم أحواض بناء السفن الأمريكية بهدف تسريع تسليم الغواصات الثلاث، والتي يُفترض أن تبدأ في الوصول عام 2032.
هذه الخطوة تُبرز التزام كانبيرا بخطة AUKUS، رغم استمرار الشكوك حول الجدول الزمني.
انتقادات في واشنطن وتحذيرات من الضغط على الأسطول الأمريكي
عبّر مشرّعون أمريكيون عن تحفظهم بشأن أولويات وزارة الدفاع، لا سيما في ظل تأجيل بعض تمويلات برنامج غواصات “كولومبيا” النووية لصالح اتفاقية AUKUS، مما أثار مخاوف من الإضرار بالردع النووي الأمريكي.
وشدّد هيجسيث على أن وزارته تعمل على موازنة الالتزامات الوطنية والدولية دون المساس بالجاهزية الأمريكية.
الصين تُهاجم الاتفاقية.. وأستراليا تُطمئن بشأن عدم التسلّح النووي
انتقدت الصين بشدة اتفاقية AUKUS، واعتبرتها تهديدًا لمنظومة عدم الانتشار النووي، رغم تأكيد أستراليا أن غواصاتها ستكون مسلحة تقليديًا.
وتستمر التوترات الجيوسياسية في بحر الصين الجنوبي وتايوان في تغذية أهمية هذا التحالف الثلاثي.
دعوات أمريكية لزيادة الإنفاق الدفاعي الأسترالي
خلال حوار شانغريلا الأخير في سنغافورة، دعا وزير الدفاع الأمريكي حلفاء بلاده، وفي مقدمتهم أستراليا، إلى رفع إنفاقهم الدفاعي لمجابهة التهديدات المتزايدة، مقترحًا أن يصل إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي.
ورغم انفتاح المسؤولين الأستراليين على النقاش، فإنهم أكدوا أن السياسات الدفاعية ستظل قائمة على تقييم المصالح الوطنية.
مسار غير واضح.. وإصلاح الصناعة الدفاعية مفتاح المستقبل
ما تزال الولايات المتحدة تواجه تحديات حقيقية في توسيع قدرات صناعتها الدفاعية البحرية.
وبينما تعمل إدارة البنتاغون على دعم البنية التحتية، وتكثيف التدريب، وتحسين سلاسل التوريد، تبقى الجدوى الزمنية والعملية لتسليم الغواصات لأستراليا محل ترقّب، في ظل سباق بحري محموم ومصالح استراتيجية متشابكة.
اقرأ أيضًا: الصين تهدد تايوان بحاملتي طائرات .. هل تسقط مثل أوكرانيا؟