“ستارجيت الإمارات” في مهب الريح.. طموح للريادة التكنولوجية يصطدم برغبة أمريكية في الهيمنة الرقمية

بعد الإعلان عنه كبداية لتحالف تكنولوجي غير مسبوق بين الولايات المتحدة والإمارات، يشهد مشروع “ستارجيت الإمارات” تعثرا واضحا وسط قلق أمريكي متزايد من تسرب التكنولوجيا المتقدمة إلى أطراف غير مرغوب بها، خصوصا الصين.
رؤية تكنولوجية طموحة تصطدم بواقع سياسي معقد
ويواجه المشروع الذي تم الترويج له كأحد أكبر مراكز الذكاء الاصطناعي في العالم، اليوم عقبات قد تُهدد مستقبله.
ووفقا لوكالة “رويترز”، كشفت مصادر مطلعة أن المشروع، الذي اُعلن عنه رسميا خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى أبوظبي في مايو 2025، لا يزال يفتقر للاتفاقات الأمنية والتقنية التي تُمكن الشركات الأمريكية من المضي قدما.
تفاصيل المشروع: قوة حوسبية أمريكية على أراض إماراتية
ويعد “ستارجيت الإمارات”، هو اسم المرحلة الأولى من مشروع ضخم يُقام على مساحة 26 كيلومترا مربعا، بدعم من شركة G42 المرتبطة بالحكومة الإماراتية، وبتعاون مع شركات تكنولوجية كبرى مثل “نيفديا Nvidia” و”أوبن ايه آي OpenAI” و”سيسكو Cisco” و “أوراكل Oracle” و “سوفت بانك SoftBank”، ومؤخرًا “مايكروسوفت Microsoft” التي استثمرت 1.5 مليار دولار في G42.
ومن المتوقع أن يضم المجمع 100,000 رقاقة ذكاء اصطناعي من طراز Grace Blackwell GB300 من “نيفديا”، ما يجعله مركزا رئيسيا للبيانات فائقة القدرات، على أن يبدأ التشغيل في عام 2026. كما تسعى الإدارة الأمريكية إلى ضمان أن تكون الخدمات السحابية داخل هذا المركز بإدارة أمريكية بالكامل، ما يمنح واشنطن نفوذا رقميا جديدا في منطقة الخليج.
التردد الأمريكي
ورغم الدعم العلني من مسؤولي ترامب، فإن واشنطن لا تزال قلقة من تأمين التكنولوجيا الأمريكية من التسرب إلى الصين أو روسيا. وقد أشارت أربعة مصادر أمنية إلى أن هذه المخاوف تتعلق باستخدام الإمارات تقنيات هواوي للجيل الخامس، رغم التحذيرات الأمريكية، وهو ما ترك “أثرا لا يُمحى” في أروقة صنع القرار بواشنطن.
وتعكس التصريحات الصادرة عن بعض المسؤولين رغبة الولايات المتحدة في الحصول على “ضمانات قانونية يمكن التحقق منها”، لضمان عدم انتقال المعرفة أو التكنولوجيا إلى أطراف غير مرغوب بها. ولم توافق واشنطن بعد على تصدير رقائق نيفديا، كما أن آليات الرقابة على المشروع لم تُستكمل بعد.
قيود صارمة تنتظر التنفيذ
ووفقا للمصادر، فإن أي اتفاق بين الطرفين سيُلزم الإمارات بالامتثال للوائح الأمن القومي الأمريكي، والتي قد تشمل حظر استخدام المعدات الصينية، وكذلك منع توظيف مواطنين صينيين ضمن المشروع.
وأضافت المصادر أن الإمارات، رغم تعهدها خلال زيارة ترامب بمواءمة لوائحها الأمنية مع الولايات المتحدة، لم تُقدّم حتى الآن ما يكفي من الضمانات العملية لتحقيق هذا التوافق. كما أن عدم وجود جدول زمني واضح لإنهاء الصفقة يزيد من الضبابية حول مستقبل المشروع.
اقرأ أيضا.. الإمارات تستثمر 366 مليون دولار في أحد أكبر مناجم القصدير بالعالم
الإمارات بين الطموح التكنولوجي والقيود الاستراتيجية
وتلعب الإمارات دورا محوريا في الجغرافيا السياسية للمنطقة. لكن موقعها كحلقة وصل بين الشرق والغرب، وخصوصا علاقاتها القوية مع الصين وروسيا، يثير القلق الأمريكي.
ورغم قيام G42 مؤخرا بإزالة البنية التحتية الصينية وبيع استثماراتها في بكين، إلا أن شركات مثل هواوي وعلي بابا كلاود لا تزال نشطة في السوق الإماراتي. كما أن الإمارات تُتهم بأنها أصبحت منصة لبعض الشركات التي تحاول الالتفاف على العقوبات المفروضة على روسيا منذ عام 2022.
ويرى بعض الخبراء أن مستقبل المشروع مرهون بقدرة الإمارات على إثبات شراكتها الاستراتيجية للولايات المتحدة. وقال مصدر مطلع: “لكي تُصبح الإمارات بوابة للذكاء الاصطناعي، يجب ألا تكتفي بالتصريحات، بل يجب أن تبني سجلا واضحا من الالتزام الأمني طويل الأمد”.
ومع عدم وجود ردود رسمية من البيت الأبيض أو وزارة التجارة، يبقى مصير الصفقة مفتوحا، وسط تزايد أصوات المعارضة داخل الكونجرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، خشية من تسرب التكنولوجيا إلى جهات معادية للولايات المتحدة.