ستة أشهر لـ إعمار الخرطوم.. هل تنجح حكومة السودان في إعادة الحياة إلى العاصمة؟
أعلن رئيس الوزراء الجديد في السودان كامل إدريس عن خطة طموحة لإعادة إعمار العاصمة الخرطوم خلال ستة أشهر، مشددًا على أنَّ العمل سيبدأ تدريجيًا خلال الأشهر المقبلة.
وجاءت تصريحات إدريس خلال زيارة ميدانية أجراها إلى الخرطوم، الجمعة، هي الأولى له منذ توليه منصبه قبل نحو شهرين، ورافقه خلالها وفد رفيع المستوى للوقوف على حجم الدمار الذي لحق بالعاصمة نتيجة المعارك العنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
دمار واسع في قلب الخرطوم
وفق تقارير فإن العاصمة السودانية، التي كانت مسرحًا لمعارك طاحنة استمرت أكثر من عام، تعاني من تدهور كبير في البنية التحتية، خاصة في المناطق الحكومية الواقعة وسط المدينة، حيث تعرضت مقار الوزارات والمباني السيادية للحرق والتخريب.
وتواجه الحكومة تحديًا هائلًا يتمثل في إعادة تشغيل مؤسسات الدولة، وسط نقص حاد في الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه والصرف الصحي والتعليم، إضافة إلى المخاوف الأمنية الناتجة عن بقاء بعض التشكيلات العسكرية في مواقعها داخل الخرطوم.
قرار سيادي لتفريغ الخرطوم من القوات
دعماً لخطة الحكومة، أصدر رئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قرارًا يقضي بتفريغ العاصمة الخرطوم من كافة القوات المقاتلة والكيانات المسلحة خلال أسبوعين، وتشكيل لجنة خاصة برئاسة عضو مجلس السيادة إبراهيم جابر، تتولى تهيئة الأوضاع لعودة المواطنين ومؤسسات الدولة.
وتتمتع اللجنة بصلاحيات واسعة، تشمل فرض هيبة الدولة، وإزالة كافة المظاهر السالبة، وضبط الوجود الأجنبي، وترحيل المخالفين، إلى جانب إزالة كل مناطق السكن العشوائي، واستعادة الخدمات الأساسية في أسرع وقت ممكن.
عودة تدريجية للمؤسسات الحكومية إلي الخرطوم
بدأت بالفعل بعض الوزارات، وعلى رأسها وزارة الداخلية، العودة إلى العمل من داخل العاصمة، في إطار خطة إسعافية لتأمين المدينة، وإعادة تفعيل الأجهزة النظامية. كما تشمل خطة الإعمار تأهيل الطرق والجسور، وشبكات الصرف الصحي، ومصارف المياه، إلى جانب تحديد مواقع جديدة للوزارات التي دُمرت مقارها السابقة.
وتسعى الحكومة إلى تسريع وتيرة العمل، وسط وعود بإشراك القطاع الخاص، والاستعانة بخبرات محلية ودولية، لدفع عجلة الإعمار في ظل أزمة اقتصادية خانقة تعاني منها البلاد منذ سنوات.
تحديات في التمويل والواقع الميداني
رغم الطموحات الكبيرة، تواجه خطة إدريس عقبات كثيرة، أبرزها نقص التمويل، وتداخل السيطرة الأمنية في بعض أحياء الخرطوم، إضافة إلى عدم وضوح آلية تنفيذ قرار تفريغ المدينة من التشكيلات العسكرية.
ويرى مراقبون أن إعادة الإعمار تحتاج إلى بيئة سياسية وأمنية مستقرة، فضلاً عن دعم دولي حقيقي، لضمان استمرار العملية وعدم توقفها في منتصف الطريق كما حدث في محاولات سابقة لإعادة بناء العاصمة.
الخرطوم بين أنقاض الحرب وأمل العودة
وفق مراقبون تُعد خطة إعادة إعمار الخرطوم خلال ستة أشهر واحدة من أكثر الخطوات جرأة منذ اندلاع الحرب في السودان.
ورغم التحديات، يترقب الشارع السوداني ما إذا كانت الحكومة قادرة فعلاً على تحويل العاصمة المنكوبة إلى مركز إداري وسياسي نابض بالحياة، أم أن المشروع سيظل أسير الوعود والمراسم.
اقرأ أيضًا: “اللاهار” كارثة صامتة تقترب.. 800 زلزال تهز جبل رينيير وتهدد ملايين الأمريكيين