سفينة نوح تعود للحياة.. كشف أثري مذهل وأدلة جديدة في قلب تركيا

أثار بحث أثري جديد جدلا واسعا في الأوساط العلمية والدينية على حد سواء، بعد أن أعلنت مجموعة من الباحثين عما يعتقدون أنه قد يكون الدليل المادي الأكثر إقناعا حتى الآن على وجود سفينة سيدنا نوح؛ حيث تلتقي الأدلة العلمية بالتقاليد الدينية القديمة في تمازج يثير الفضول والدهشة.
ووفقا لصحيفة “ديلي ميل” البريطانية، يتمحور هذا الاكتشاف حول تكوين دوروبينار، وهو تل غامض على شكل قارب طالما ارتبط بقصة سفينة نوح التوراتية ويقع على بُعد 18 ميلا فقط جنوب جبل أرارات شرق تركيا.
موقع أثري غامض يعود إلى الواجهة
يقع تكوين دوروبينار على بعد نحو 18 ميلا جنوب جبل أرارات في شرق تركيا، وتحيط به هالة من الغموض منذ اكتشافه لأول مرة عام 1948 عقب زلزال وفيضانات كشفت عن شكله الغريب الذي يشبه القارب.
وهذا الشكل الجيومورفولوجي أثار على مدى عقود تكهنات حول احتمال أن يكون بقايا السفينة التي ورد ذكرها في سفر التكوين.

وفي أحدث محاولة لفك لغز التكوين، قاد الباحث المستقل والرئيسي أندرو جونز مشروع مسح علمي لسفينة نوح باستخدام تقنية رادار اختراق الأرض (GPR)، والتي كشفت عن “فراغات هندسية” وهياكل تشبه الغرف والأنفاق.

الأدوات العلمية تلتقي بالادعاءات الدينية
وباستخدام تقنيات المسح المتطورة، يستكشف جونز وفريقه موقع دوروبينار منذ عام 2019. وقد مكنهم رادار اختراق الأرض من النظر إلى عمق يزيد عن 20 قدما تحت السطح، حيث اكتشفوا غرفة مربعة الشكل وهيكلا يشبه النفق – وهي سمات لا توجد عادة في التكوينات الجيولوجية الطبيعية بل قد تكون من صنع الإنسان.
وصرح جونز لصحيفة ديلي ميل: “وجدنا نفقا غير ممدود، ويؤدي إلى فراغ مركزي كبير، غرفة مربعة الشكل تمتد إلى عمق أعمق بكثير”، مضيفا: “نفترض أن هذا قد يكون جزءا من سفينة نوح، وربما القاعة المركزية وبعض أسطحها”.
في الطبيعة لا تجد زوايا قائمة بهذا الشكل
كما شارك في تحليل البيانات، الدكتور دانيال بيجمان، الخبير في التصوير تحت السطحي، وأكد وجود أنماط هندسية غريبة مثل الزوايا القائمة، التي يصعب أن تتشكل طبيعيا في باطن الأرض.

وقال جونز، ناقلا عن بيجمان: “في الطبيعة، لا تجد عادة سلسلة من الزوايا القائمة كهذه”، وهو ما يدعم فرضية أن الموقع قد يحتوي على هيكل صنع يدويا، ربما سفينة خشبية ضخمة كما تصفها الرواية التوراتية.
أدلة التربة تدعم فرضية الهيكل الخشبي
ولم تقتصر الأدلة على الصور الرادارية، بل امتدت إلى تحاليل التربة التي كشفت عن تركيبة غير مألوفة داخل التكوين أثارت الدهشة، إذ أظهرت النتائج انخفاضا في قلوية التربة، وارتفاعا في المادة العضوية ومستويات البوتاسيوم—وهي سمات كيميائية غالبا ما ترتبط بتحلل الخشب.
ويقول جونز: “تُظهر الاختبارات أن هذه الاختلافات في التربة (الرقم الهيدروجيني، والمواد العضوية، والبوتاسيوم) حقيقية، مع احتمال أقل من 5% أن تكون عشوائية”.
وتابع: “هذا يمنحنا ثقة بنسبة 95% في أن شيئا مثل سفينة خشبية متحللة هو السبب”. وهذا يدعم النظرية القائلة بأن التكوين قد يكون المثوى الأخير لهيكل خشبي ضخم، مما يتوافق مع الرواية التوراتية عن السفينة الخشبية.
أبعاد متطابقة مع الرواية التوراتية
ويحدد سفر التكوين أبعادا محددة لسفينة نوح: طولها 300 ذراع، وعرضها 50 ذراعا، وارتفاعها 30 ذراعا، وهو ما يعادل تقريبا 515 × 86 × 52 قدما، ويؤكد جونز أن أبعاد تكوين دوروبينار تتوافق تماما مع هذه القياسات القديمة؛ وذلك في واحدة من أكثر النقاط إثارة للاهتمام.
وعلاوة على ذلك، يضفي موقع التكوين مزيدا من المصداقية، إذ يذكر الكتاب المقدس أن السفينة استقرت في “جبال أرارات”، وليس بالضرورة قمة جبل أرارات نفسه.
وأوضح جونز: “في تلك الأيام، كانت أرارات مملكة قديمة، إنه يشير إلى منطقة، وليس إلى قمة واحدة. وموقعنا يقع ضمن هذا الموقع”.
تاريخ طويل من الجدل
لطالما أثار تكوين دوروبينار الجدل بين العلماء واللاهوتيين. فقد أشار المؤرخ اليهودي يوسيفوس في القرن الأول الميلادي إلى أن بقايا السفينة كانت ظاهرة في “جبال أرمينيا”، بينما ترسخت التقاليد المسيحية منذ القرن الرابع في ربط جبل أرارات بموقع السفينة. ورغم ذلك، لم تُعثر أي أدلة حاسمة على قمة الجبل نفسه.
وفي المقابل، يرى منتقدو فرضية جونز أن التكوين لا يعدو كونه ظاهرة جيولوجية طبيعية. ومع ذلك، يرد جونز: “لا يمكن أن يتشكل جسم بهذا الشكل الموجه، وبطرف مدبب صاعد، نتيجة ديناميكيات طبيعية للموائع والصخور مما يؤكد أن هذا التكوين ليس طبيعيا”.
اقرأ أيضا.. خطر سماوي يُشاهد من الأرض.. كويكب “قاتل المدن” يهدد القمر واصطدام محتمل في 2032
خطوة أولى نحو إثبات أو نفي الرواية
وعلى الرغم من قوة المؤشرات، لا يدعي فريق البحث أن التكوين هو سفينة نوح بشكل قاطع. بل يعتبرون هذا الاكتشاف خطوة أولى في رحلة طويلة نحو الحقيقة.
ويؤكد جونز: “نحتاج إلى أعمال حفر لبي أو تنقيب حقيقي لتأكيد ما نراه في بيانات الرادار”. لكنه في الوقت نفسه يصف التكوين بأنه “أفضل مرشح لدينا حتى الآن”، مشيرا إلى التوافق الملحوظ بين أبعاد التكوين، وغرائبه الجيولوجية، وسياقه الإقليمي، والسرد التوراتي.