سوريا تستعد لأول انتخابات بعد الأسد.. ماذا عن مناطق الأكراد والدروز؟
تخطو سوريا أولى خطواتها نحو تنظيم انتخابات برلمانية بعد سقوط نظام بشار الأسد، في حدث يُعدّ الأهم منذ إعلان الحكومة الانتقالية بقيادة أحمد الشرع مطلع هذا العام.
ومع تسلّم الرئيس الشرع مساء السبت النسخة النهائية من النظام الانتخابي المؤقت، يتجه المشهد السوري نحو استحقاق ديمقراطي مفصلي، لكن تحديات المناطق الخارجة عن السيطرة، خاصة الكردية والدرزية، تضع علامات استفهام كبيرة حول مدى شمولية الانتخابات القادمة.
الشرع يستلم النظام المؤقت للانتخابات
وأعلنت الرئاسة السورية في بيان رسمي أن الرئيس أحمد الشرع تسلّم النظام المؤقت للانتخابات، ووجه المسؤولين “بمواصلة التقدّم لضمان مشاركة شاملة تعبّر عن إرادة الشعب”، في وقت أعلنت فيه اللجنة العليا للانتخابات، برئاسة محمد طه الأحمد، البدء بتشكيل اللجان الفرعية فور التصديق الرسمي على النظام.
حنان البلخي، عضو اللجنة، أكدت أن العمل “ملتزم بالشفافية والنزاهة”، وأنه يستند إلى معايير تم تطويرها بعد لقاءات ميدانية مع مكوّنات الشعب السوري، مشيرة إلى أن المجلس القادم سيمثل كافة الأطياف “دون استثناء”.
تمثيل غامض للمناطق الكردية في انتخابات سوريا
إلا أن مناطق شمال شرق سوريا الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تمثّل تحديًا فعليًا للجنة الانتخابية، خاصة مع غياب أي مؤشرات على استعداد “الإدارة الذاتية” الكردية للتنسيق مع دمشق في ملف الانتخابات.
ووفقًا لتصريحات رئيس اللجنة، فإن “التصويت سيجري في جميع المحافظات قدر الإمكان، وفي حال تعذر الوصول إلى مناطق معينة، سيتم التواصل مع وجهائها”.
لكن مراقبين اعتبروا هذا التصريح غير كافٍ لضمان تمثيل فعلي للأكراد، الذين يديرون مناطقهم عبر مؤسسات محلية منذ أكثر من عقد، مؤكدين أن الانتخابات بدونهم ستبقى “منقوصة الشرعية ومفتقدة للتوازن المجتمعي”.
الدروز وانتخابات سوريا
في الجنوب السوري، ما زال الملف الدرزي في السويداء معقدًا، خاصة بعد الاشتباكات الأخيرة التي أفضت إلى انسحاب القوات الحكومية، وسيطرة فصائل محلية على بعض المفاصل الأمنية.
ورغم ذلك، لم تُصدر الحكومة الانتقالية أي توضيح بشأن كيفية تنظيم الانتخابات في المحافظة، ما يفتح الباب أمام احتمالات التوتر أو المقاطعة.
وترى مصادر محلية أن تجاهل خصوصية محافظة السويداء، وعدم إشراك الزعامات الدينية والمدنية في مشاورات النظام الانتخابي، قد يُفاقم الهوة بين المركز وهذه المناطق، ويُؤثر سلبًا على شرعية المجلس القادم.
نظام انتخابي غير مباشر في سوريا
بموجب المرسوم الرئاسي، سيتم انتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشعب عبر هيئات ناخبة فرعية، في حين يُفترض أن يكون عدد الأعضاء 150 موزّعين على المحافظات حسب عدد السكان، وبين فئتي الأعيان والمثقفين. لكن عدم اعتماد نظام القوائم الانتخابية، وغياب قانون انتخابي دائم حتى الآن، يثير انتقادات بشأن احتمال تغييب بعض المكوّنات السياسية والعرقية عن التمثيل الحقيقي.
كما لا تزال الحياة الحزبية مشلولة، ولم تُعلن الحكومة الانتقالية عن أي خطط لإعادة تشكيل أو ترخيص أحزاب سياسية جديدة، ما قد يفتح الباب أمام هيمنة الكتل التقليدية أو شخصيات محلية نافذة على حساب المشاركة السياسية المنظمة.
الحكومة الجديدة ووعود بناء سوريا الديمقراطية
ومنذ إعلان تولّي أحمد الشرع رئاسة البلاد خلال مرحلة انتقالية في يناير 2025، بعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024، تعهدت الحكومة المؤقتة ببناء مؤسسات ديمقراطية، وإلغاء دستور 2012، وحل البرلمان وأجهزة الأمن.
لكن الطريق إلى انتخابات حرة وشاملة لا يزال مليئًا بالعقبات، أبرزها غياب سيطرة الحكومة على كامل الأراضي، وعدم وضوح مستقبل المناطق الكردية، وتوتر الجنوب السوري، فضلًا عن انعدام التوافق على قانون انتخابي دائم يضمن التمثيل العادل والمتوازن.
اقرأ أيضا: بعد إعلان حكومة حميدتي.. هل يدخل السودان دوامة الانقسام الليبي؟