سوريا وإسرائيل… هل يتوقف قطار التطبيع بعد هجوم الجولان؟

بينما كانت التصريحات تتوالى حول بوادر انفتاح دبلوماسي بين إسرائيل وسوريا، دوَّت صفارات الإنذار مجددًا في الجولان المحتل، مساء الثلاثاء، عقب إطلاق صاروخين من جنوب سوريا، في تطور هو الأول من نوعه منذ أكثر من عام.
الحدث أعاد طرح تساؤلات حول مستقبل العلاقات الهشَّة بين الجانبين، وما إذا كانت حادثة محدودة كهذه كفيلة بإيقاف قطار التطبيع الذي بدأ يتحرك بخطى حذرة منذ وصول الرئيس السوري أحمد الشرع إلى الحكم.
تصعيد محسوب بين إسرائيل وسوريا
وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس سارع إلى تحميل نظام الشرع المسؤولية الكاملة عن أي تهديد يصدر من الأراضي السورية، متوعدًا برد “شامل”. إلا أن مصادر أمنية وعسكرية إسرائيلية أكدت أن الرئيس السوري الجديد لا يبدو متورطًا في الحادث، بل على العكس، تشير التقديرات إلى أن جماعات فلسطينية – تحديدًا عناصر من “حماس” أُفرج عنهم عقب سقوط نظام الأسد – هم من نفذوا الهجوم من دون علم القيادة السورية.
وقالت القيادة الشمالية في الجيش الإسرائيلي إن الرد الإسرائيلي استهدف بدقة مواقع تابعة لمجموعات مسلحة في جنوب سوريا، دون المساس بمواقع حكومية، ما يعكس إدراك تل أبيب لحساسية المرحلة السياسية في دمشق.
رسائل مزدوجة من إسرائيل لـ سوريا
الموقف الإسرائيلي يُقرأ كرسالة مزدوجة للشرع: من جهة، تأكيد على تحميله مسؤولية كل ما ينطلق من الأرض السورية، ومن جهة أخرى، عدم إغلاق الباب أمام إمكانيات التعاون في المستقبل القريب.
وخلال زيارة قام بها المبعوث الأمريكي الجديد إلى سوريا، توماس براك، لهضبة الجولان، حرص كاتس على عرض ما وصفه بـ”التهديدات الأمنية الناشئة من سوريا الجديدة”، لكنه لم يذهب بعيدًا في اتهام النظام، بل بدا حريصًا على إبلاغ واشنطن برسائل تطمين مشروطة.
تحذيرات إسرائيلية
على المستوى الأمني، عبّر رئيس “مجلس الجولان الإقليمي”، أوري كيلنر، عن موقف واضح، مطالبًا بتكثيف الوجود العسكري في المنطقة العازلة شمالًا، وقال: “الجولان ثروة استراتيجية وطنية، وأي خرق للهدوء يجب الرد عليه بقوة عملياتية واضحة”.
كما نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” تحذيرات من مسؤولين كبار في وزارة الخارجية الإسرائيلية بشأن احتمال تجديد العلاقات بين النظام الجديد في دمشق وكوريا الشمالية، خصوصًا في مجالات الأسلحة غير التقليدية. ورغم تأكيدهم على عدم وجود مؤشرات حالية، فإن تل أبيب تعتبر هذا الملف “خطًا أحمر” قد يفجّر أي تقارب محتمل.
جدل داخل إسرائيل
رغم الحذر الرسمي، تشهد إسرائيل نقاشًا داخليًا متزايدًا بشأن ضرورة اغتنام اللحظة الإقليمية. الكاتبة الإسرائيلية المختصة بالشأن العربي، سمادار بيري، كتبت في “يديعوت أحرونوت”: “لا تفوتوا القطار إلى دمشق”، في إشارة إلى أن الرئيس الشرع – رغم تاريخه – يُظهر اليوم إشارات استقلالية لافتة، وميله إلى فتح حوار مع تل أبيب يجب أن يُؤخذ على محمل الجد.
وأضافت: “نعم، لا تزال هناك جماعات منفلتة داخل سوريا، وإطلاق الصواريخ مؤخرًا يُظهر هشاشة السيطرة الأمنية، لكننا تلقّينا إشارتين واضحتين: إعادة وثائق كوهين، وتصريحات مباشرة للشرع بأنه مستعد للتعاون. هذا ليس قليلًا”.
هل يتوقف قطار التطبيع بين إسرائيل وسوريا؟
حتى اللحظة، لا يبدو أن حادثة الصواريخ ستؤدي إلى انهيار المسار السياسي الوليد بين دمشق وتل أبيب. فإسرائيل، بحسب تحليل وسائل إعلامها، ما زالت ترى في الشرع “خصمًا يمكن التفاوض معه”، لا “عدوًا وجوديًا”.
أما الشرع، الذي يسعى جاهدًا لتثبيت شرعيته دوليًا، فهو في موقع لا يسمح له بالمجازفة بمواجهة عسكرية مفتوحة.
اقرأ أيضًا: انشقاق يضرب حكومة نتنياهو.. هل تتجه إسرائيل إلى انتخابات مبكرة؟