شبح الحرب النووية.. هل ستتجنب الهند وباكستان نهاية العالم؟

بلغ الصراع المحتدم بين الهند وباكستان ذروة جديدة مرعبة شبح الحرب النووية، مع تبادل الهجمات الصاروخية، وقرب اشتعال حرب أوسع نطاقًا بين البلدين.

وفقا لتقرير تليجراف، ففي أعقاب هجوم إرهابي مميت في كشمير، تزعم الحكومة الهندية أنها نفذت ضربات دقيقة ضد معسكرات إرهابية في باكستان، بينما تصر إسلام آباد على إسقاطها عدة طائرات هندية وتهدد برد وشيك.

إعلان

مع تصاعد التوترات، يجد العالم نفسه أمام شبح الحرب النووية بين اثنتين من أقوى الدول وأكثرها تقلبًا على وجه الأرض.

التصعيد وسوابق التاريخ

تتبع الهجمات الصاروخية الأخيرة بين الهند وباكستان نمطًا مألوفًا من الأعمال العسكرية المتبادلة. وقد مهد الهجوم المميت في كشمير في 22 أبريل، والذي نُسب إلى جماعة عسكر طيبة الباكستانية، الطريق لرد الهند.

على الرغم من أن السوابق التاريخية، مثل حرب كارجيل عام 1999، قد أظهرت أن هذه الأنواع من المناوشات يمكن تهدئة حدتها في كثير من الأحيان، إلا أن هناك أسبابًا عديدة للاعتقاد بأن هذا الوضع قد يكون مختلفًا وأكثر خطورة بكثير.

كانت حرب كارجيل عام 1999، التي شهدت توغل قوات باكستانية متنكرةً في زي مسلحين داخل الهند، صراعًا دمويًا، لكنها في النهاية لم تتحول إلى حرب شاملة بين الدولتين النوويتين.

مع ذلك، فإن البيئة السياسية والاستراتيجية الحالية أكثر خطورة من ذي قبل. فالضغوط السياسية الداخلية، والتحولات الاستراتيجية، وتقلص مساحة تخفيف حدة التصعيد، تجعل هذا الصراع أكثر تقلبًا.

إلغاء ضمانات معاهدة مياه نهر السند

يُعد قرار رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بتعليق معاهدة مياه نهر السند، وهي اتفاقية طويلة الأمد سمحت بتقاسم موارد المياه بين البلدين، أحد أكثر التطورات إثارة للقلق. ولعقود، شكّلت هذه المعاهدة قوة استقرار، وضمنت التعاون بين البلدين حتى في أوقات التوتر المتزايد.

مع تحرك مودي المحتمل لقطع وصول باكستان إلى موارد المياه من منطقة نهر السند، تعتبر إسلام آباد هذا الإجراء عملاً حربياً لا رجعة فيه. وهذا يجعل الصراع الحالي ليس مجرد صراع إقليمي أو سياسي، بل أيضاً صراعاً على موارد البقاء الأساسية.

اقرأ أيضا.. تصعيد عسكري بين الهند وباكستان.. صواريخ على كشمير وإسلام آباد تتوعد بالرد

الضغوط الداخلية تُؤجج الصراع

يُعقّد المشهد السياسي في كل من الهند وباكستان جهود تحقيق السلام. ففي باكستان، تواجه القيادة بقيادة رئيس الوزراء شهباز شريف اضطرابات داخلية كبيرة في أعقاب الإطاحة بعمران خان.

شهدت البلاد توترات مدنية-عسكرية متزايدة، وتشير الأنماط التاريخية إلى أن قادة باكستان، كما حدث بعد حرب كارجيل، قد يترددون في خفض التصعيد. وأي تنازل قد يؤدي إلى عدم استقرار سياسي، مما قد يُعيد إلى الأذهان المسار الذي قاد إلى انقلاب الجنرال برويز مشرف عام 1999.

في غضون ذلك، ربط نهج مودي الشعبوي في الهند خطابه بشكل متزايد بالمشاعر المعادية لباكستان. عزز هذا النهج موقفه محليًا، لكنه زاد أيضًا من مخاطر المزيد من التصعيد العسكري. إن تصوير مودي لقادة حزب المؤتمر على أنهم ضعفاء تجاه باكستان يجعل أي حل سلمي صعبًا سياسيًا.

التنافس بين الولايات المتحدة والصين يُعقّد عملية خفض التصعيد

يتأثر التصعيد المستمر بين الهند وباكستان أيضًا بديناميكيات القوة العالمية، ولا سيما تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين. منذ تدشين الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني عام 2015، ازدادت علاقات باكستان مع الصين، ويرى الرئيس شي جين بينغ باكستان حليفًا أساسيًا في استراتيجيته الجيوسياسية الأوسع.

في غضون ذلك، وتحت قيادة دونالد ترامب، سعت الولايات المتحدة إلى توثيق علاقاتها مع الهند، مما عقّد أي محاولة لاتباع نهج دولي موحد لخفض التصعيد. إن غياب الدعم الواضح من القوى العالمية الكبرى يُصعّب التوسط في السلام، مما يزيد من تأجيج الصراع.

تهديد جديد بكارثة نووية

كما شهد العالم مع الحرب في أوكرانيا، فإن خطر الصراع النووي لا يخلو من طلاسم في الجغرافيا السياسية العالمية. إلا أن الأزمة الهندية الباكستانية، بترساناتها النووية وتصاعد العنف، تُبرز احتمالية وقوع كارثة نووية.

يُمثل الخطر المتزايد لتبادل إطلاق النار النووي بين دولتين خاضتا حروبًا متعددة منذ تقسيمهما عام 1947 سيناريو كابوسيًا، قد تكون له عواقب كارثية تتجاوز جنوب آسيا بكثير.

إعلان

أحمد سيف الدين

أحمد سيف الدين، مترجم صحفي وعضو نقابة الصحفيين، مهتم بالسياسة الدولية والشؤون الخارجية، عمل/يعمل لدي عدد من المؤسسات الصحفية ومراكز الأبحاث الإقليمية والدولية.
زر الذهاب إلى الأعلى