شم النسيم: احتفالات الأحفاد بعيد الأجداد

تشوم أن سيم: قد يبدو اسمًا غريبًا عليكم، لكنه في الواقع اسم العيد المصري القديم باللغة المصرية القديمة في آخر مراحلها المتطورة، القبطية، أو كما نعرفه اليوم بـ “شم النسيم”.

لم تتوقف براعة أجدادنا المصريين القدماء عند الطب والفلك والهندسة، بل أحسنوا استغلال أرض مصر شديدة الخصوبة بفعل طمى النيل في الزراعة، وكانت عمادًا لحضارتنا الخالدة.

واكتملت عبقريتهم بابتكار تقويم زراعي ينظم عملهم طوال العام، فقسموا السنة لثلاثة فصول:

• آخت: فصل الفيضان
• برت: فصل الإنبات
• شمو: فصل الحصاد

ما سنلقى الضوء عليه هنا هو فصل “شمو” الذي بدأت منه حكاية شم النسيم، العيد الذي ظل يعبُر في ذاكرتنا الجينية جيلاً بعد جيل، وورثناه وحافظنا على احتفالاته حتى يومنا هذا.

لطالما استقبل أجدادنا فصل “شمو” بالفرح والابتهاج طوال أشهره، فخرجوا للتنزه في الحدائق وأقاموا المواكب الرائعة للنثر للأرباب والربات، وقدموا الأطعمة الشهية.

كانت “رننوتت” – والتي جسدها الفنان المصري القديم بهيئة امرأة برأس أفعى كوبرا – من أهم ربات الحصاد والغذاء في مصر القديمة، وارتبطت بشكل مباشر مع شم النسيم، ومنها جاءت فكرة تقديم البيض الملوّن الذي يعبر عن الخلق والبعث والتجدد بشكل عام، وتقديرًا لدورها الأسطوري في الحصاد والغذاء بشكل خاص.

أيضًا، الأسماك المملحة التي ارتبطت بأسطورة زواجها من “سوبك” – حامي الملوك وسيد تماسيح النيل – والذي قدمها كهدية لزواجهم.

ومع احتلال الرومان لمصر، ولأن هذا العيد تزامن مع عيد الربيع في أوروبا، تداخل العيدان وتحولت احتفالات شم النسيم إلى عيد الربيع!

ولكن مع دخول المسيحية لمصر بعد عشرات السنين، وبسبب تزامن الصوم الكبير مع شم النسيم، واجه أجدادنا إشكالية الاحتفال بالعيد حتى توصلوا إلى تأجيل شم النسيم ليصبح عقب عيد القيامة المجيد، ويختصر الاحتفال في يوم واحد.

من ذلك الوقت ولقرون عديدة، لا زلنا نحتفل بهذا العيد المصري ونستقبله بفرح وبهجة، نلون البيض ونُجهز الأسماك المملحة والنباتات الخضراء، ونخرج للحدائق والمنتزهات مع عائلاتنا، تمامًا كما لو كنا نحتفل بـ “تشوم أن سيم” في مصر القديمة.

إعداد : فاطمة الزهراء مزر

زر الذهاب إلى الأعلى