شهور من المفاوضات المتعثرة.. ترامب يؤكد اقتراب وقف إطلاق النار في غزة

بعد قرابة 20 شهرًا من الحرب وكارثة إنسانية تهدد ملايين الأشخاص في القطاع، ازدادت الآمال بوقف إطلاق النار في غزة عقب تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
أعلن ترامب، في حديثه في البيت الأبيض يوم الجمعة، أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة “قريب جدًا”، ويمكن الإعلان عنه “اليوم أو غدًا”. جاءت تصريحاته في الوقت الذي أكدت فيه إسرائيل قبولها اقتراح هدنة جديد مدعوم من الولايات المتحدة، على الرغم من أن حماس لا تزال غير ملتزمة.
وفقا لتقرير يورو نيوز، على الرغم من المفاوضات المتقطعة وجهود الوساطة الدولية، فشلت محادثات إنهاء الصراع مرارًا وتكرارًا في تحقيق تقدم ملموس. وقد تسبب العنف والحصار المستمران في أزمة إنسانية غير مسبوقة، حيث حذرت الأمم المتحدة من أن غزة أصبحت الآن “أكثر مكان يعاني من الجوع في العالم”، حيث يواجه 100% من سكانها خطر المجاعة.
إسرائيل وحماس في مأزق بشأن خطة وقف إطلاق النار
قبلت إسرائيل الاقتراح الأمريكي الأخير – الذي قدمه المبعوث الخاص لترامب، ستيف ويتكوف – ويُقال إنه يتضمن وقفًا للقتال لمدة 60 يومًا، واستئناف توزيع المساعدات التي تقودها الأمم المتحدة، والإفراج عن 10 رهائن أحياء ورفات 18 آخرين. إلا أن حماس انتقدت الاتفاق لعدم تلبيته مطالب الشعب الفلسطيني، وقالت إنها لا تزال “تتشاور مع الفصائل الفلسطينية”.
أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إنذارًا نهائيًا صارمًا، محذرًا من أن على حماس قبول الاتفاق وإلا ستواجه “الفناء”. ويبقى هدف إسرائيل المعلن هو القضاء على حماس وتحرير جميع الرهائن الذين اختُطفوا في هجوم أكتوبر 2023 الذي أشعل فتيل الحرب.
أزمة إنسانية: غزة تواجه مجاعة ودمارًا واسع النطاق
على أرض الواقع، ازداد الوضع في غزة سوءًا. وصف ينس ليركه، المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، غزة بأنها “المنطقة الوحيدة في العالم التي يُهدد فيها جميع سكانها بالمجاعة”.
كما أفادت الأمم المتحدة بقيام جماعات مسلحة بنهب كميات كبيرة من الإمدادات الطبية والأغذية المخصصة للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية من مستشفى ميداني في دير البلح، مما يُسلط الضوء على تزايد اليأس وانهيار الأمن.
استُؤنفت عمليات إيصال المساعدات بشكل محدود بعد أن رفعت إسرائيل حصارها جزئيًا، حيث وزعت مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) أكثر من 2.1 مليون وجبة في أربعة أيام. ومع ذلك، فإن حجم الاحتياجات الهائل دفع الآلاف إلى الاصطفاف في طوابير أمام مراكز الإغاثة، وخاصة في رفح، مع استمرار تفاقم الجوع والمرض.
استمرار العنف ومعاناة المدنيين
في حين تتقدم الجهود الدبلوماسية ببطء، لم يهدأ العنف في غزة. استأنف الجيش الإسرائيلي عملياته في مارس بعد هدنة قصيرة، وصعّد غاراته الجوية في مايو، مستهدفًا ما يزعم أنه معاقل لحماس، إلا أنه أسفر عن خسائر بشرية كبيرة في صفوف المدنيين.
في يوم الجمعة وحده، أفاد الدفاع المدني في غزة بمقتل 45 شخصًا على الأقل، بينهم أطفال وعائلات بأكملها. وتقول وزارة الصحة في غزة التي تديرها حماس إن أكثر من 54 ألف شخص لقوا حتفهم منذ بدء الصراع، غالبيتهم العظمى من المدنيين.
اقرأ أيضا.. ابنة مفقودة ومكالمة تيك توك و44 عامًا من اليأس الصامت.. لم شمل الإعلامية الليبية حنان المقوب
الضغوط الدولية وتوسيع المستوطنات
تأتي محادثات وقف إطلاق النار في الوقت الذي تُسرّع فيه إسرائيل من توسيع المستوطنات في الضفة الغربية، حيث أعلنت عن بناء 22 مستوطنة جديدة هذا الأسبوع. وقد لاقت هذه الخطوة إدانة سريعة من المملكة المتحدة والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، اللذين حذرا من أنها تُهدد آمال حل الدولتين.
جدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعواته للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو ما وصفته وزارة الخارجية الإسرائيلية بأنه “حملة صليبية ضد الدولة اليهودية”.
في هذه الأثناء، من المقرر أن يقوم وزير الخارجية السعودي بزيارة تاريخية إلى الضفة الغربية، مما يُبرز التحديات الدبلوماسية والتحولات الديناميكية الإقليمية.
الإشارات الاقتصادية تُشير إلى آمال في السلام
حتى مع استمرار تعثر العملية السياسية، تُشير بعض المؤشرات المالية إلى تفاؤل حذر. فقد ارتفع الشيكل الإسرائيلي مقابل الدولار، وانخفضت عقود مقايضة مخاطر الائتمان الإسرائيلية، مما يعكس ثقة المستثمرين في أن وقف إطلاق النار قد يكون وشيكًا بالفعل.
مسار السلام لا يزال غامضًا
على الرغم من التفاؤل الحذر من واشنطن وتل أبيب، لا يزال هناك انعدام ثقة عميق وفجوات كبيرة بين الطرفين. تُطالب حماس بانسحاب إسرائيلي كامل من غزة، بينما تُصر إسرائيل على نزع سلاح الحركة وتفكيكها.
كما صرّح باسم نعيم، المسؤول في حماس، فإن الخطة الأمريكية الحالية “في جوهرها اقتراح إسرائيلي يُديم احتلال غزة”.
ستكشف الساعات والأيام القادمة ما إذا كان الجهد الدبلوماسي الأخير سيُخفف معاناة غزة أم أن دائرة العنف والجوع ستستمر.