صراع السلطة يدفع لانقلاب في تيجراي مع اقتراب حرب بين إثيوبيا وإريتريا

تصاعدت التوترات في منطقة تيجراي الإثيوبية مجددًا، حيث أدى صراع على السلطة داخل جبهة تحرير شعب تيجراي إلى انقلاب قد يُشعل حرب بين إثيوبيا وإريتريا.
وفقا للجارديان، تأتي الأزمة السياسية وسط مخاوف مستمرة من تجدد الحرب بين إثيوبيا وإريتريا، حيث يواجه البلدان ضغوطًا متزايدة بشأن النزاعات الإقليمية، لا سيما فيما يتعلق بالوصول إلى البحر الأحمر.
الانقلاب في تيجراي والاضطرابات الداخلية
تشهد منطقة تيجراي، التي عانت بالفعل من صراع مدمر بين قادتها المتمردين والحكومة الفيدرالية الإثيوبية، صراعًا جديدًا على السلطة، ففي أعقاب فشل وقف إطلاق النار عام 2022، والذي خلّف مئات الآلاف من القتلى وملايين النازحين، غرقت المنطقة في انقسام داخلي.
أدت محاولة فاشلة من الرئيس المؤقت لتيجراي، جيتاتشو رضا، لإقالة ثلاثة من كبار القادة العسكريين إلى انقلاب سياسي قاده فصيل منافس من جبهة تحرير شعب تيغراي بقيادة رئيس الحزب دبرصيون جبريمايكل.
شهد الانقلاب سيطرة فصيل جبريمايكل على مكاتب حكومية إقليمية رئيسية في العاصمة الإقليمية، ميكيلي، وطرد جيتاتشو الذي فرّ إلى العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا. يقوم مسلحون الآن بدوريات في شوارع ميكيلي، مما أثار مخاوف السكان الذين يسارعون لمغادرة المدينة.
قال أحد السكان المحليين: “يسود الخوف وعدم اليقين”، يفكر الكثيرون في الفرار إلى دول مجاورة مثل كينيا وأوغندا مع تصاعد التوترات.
خطر الحرب المتزايد
يتفاقم الانقلاب في تيجراي بسبب تصاعد التوترات بين إثيوبيا وإريتريا، فعلى الرغم من أن البلدين قاتلا معًا في صراع تيجراي سابقًا، إلا أنهما يعانيان من نزاعات طويلة الأمد، لا سيما حول الوصول إلى البحر الأحمر.
إثيوبيا، التي ظلت حبيسة منذ انفصال إريتريا عام 1993، مصممة على استعادة الوصول إلى ميناء عصب الإريتري، واصفةً إياه بأنه “وجودي” للبلاد.
أدت رغبة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في استعادة الميناء إلى سلسلة من المبادرات الدبلوماسية، بما في ذلك التعاون المحتمل مع جمهورية أرض الصومال الانفصالية، لكن إريتريا رفضت هذه الجهود، بل وبدأت بمساعدة المتمردين الذين يقاتلون في منطقة أمهرة، المتاخمة لتيجراي.
تشير التقارير إلى أن المخابرات الإريترية ساعدت فصيل ديبريتسيون خلال الانقلاب الأخير في تيجراي.
اقرأ أيضا.. من الخوف إلى الفخر.. كيف تحول “المطلوب” في سوريا إلى وسام شرف؟
التحركات العسكرية والضغوط الدبلوماسية
مع تصاعد التوترات بين البلدين، نقلت إثيوبيا قوات ودبابات إلى الحدود الإريترية، بينما تُضخّم وسائل الإعلام الرسمية مزاعمها بشأن ميناء عصب، وحذّر الجنرال تسادكان جبريتينساي، نائب رئيس تيغراي، من أن الوضع قد يتطور إلى حرب شاملة في أي لحظة، واصفًا المنطقة بأنها “كيس غبار ينتظر عود ثقاب”.
على الرغم من ذلك، أصرّ آبي أحمد على سعي إثيوبيا إلى حل سلمي لقضية ميناء البحر الأحمر، مُعربًا عن رغبته في التفاوض بدلًا من الصراع العسكري. ومع ذلك، لا يزال الوضع السياسي محفوفًا بالمخاطر، إذ لا يزال الجيش الإثيوبي يواجه تحديات من القوات المدعومة من إريتريا والانقسامات الداخلية في تيغراي.
التداعيات الجيوسياسية وتحليلات الخبراء
للوضع تداعيات جيوسياسية كبيرة. وقد أعرب خبراء مثل بايتون كنوبف وألكسندر روندوس، المبعوثان الخاصان السابقان إلى المنطقة، عن قلقهم من أن يؤدي فراغ السلطة في تيجراي والتنافس بين إثيوبيا وإريتريا إلى حرب جديدة.
يكمن جوهر القضية، وفقًا للمحلل الجيوسياسي أحمد سليمان من تشاتام هاوس، في كيفية تطور الوضع في تيجراي وكيفية استجابة آبي أحمد.
حذر سليمان قائلًا: “من المؤكد أن الوضع قد يتصاعد إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق”، مُسلطًا الضوء على احتمال اندلاع أعمال عنف في حال عدم التوصل إلى انفراج دبلوماسي.
بينما تتأرجح إثيوبيا وإريتريا على شفا الصراع، لا يزال مستقبل تيجراي غامضًا، مع حرص القيادة الجديدة في المنطقة على استعادة السيطرة على غرب تيجراي – وهي منطقة غنية بالموارد كالذهب الذي استولت عليه قوات أمهرة خلال الحرب السابقة.