صمت أمريكا وتصاعد الهجمات الروسية.. هل فشلت سياسة ترامب تجاه أوكرانيا؟

في ظلمة كييف التي سبقت بزوغ الفجر، لم يضاهي أصوات الحرب المألوفة – هدير الدفاعات الجوية، ومحركات الطائرات المسيرة المشؤومة، والانفجارات المفاجئة المدوية – سوى صمت واشنطن، مما يؤكد فشل سياسة ترامب تجاه أوكرانيا.

فبينما شنت روسيا واحدة من أعنف عمليات القصف الجوي حتى الآن، حيث أطلقت ما يقرب من 300 طائرة مسيّرة ونحو 70 صاروخًا على مدار ليلتين، لم تُصدر الولايات المتحدة – بقيادة الرئيس دونالد ترامب – أي تعليق، ولا إدانة، ولا أي إجراء ذي معنى.

وعد لم يُوفَّ به: تباهي ترامب وجرأة بوتين

يواجه دونالد ترامب، الذي خاض حملته الانتخابية وتولى منصبه متباهيًا بأنه “سينهي الحرب في غضون 24 ساعة”، الآن حقيقةً صارخة: لم تفشل سياسة ترامب تجاه أوكرانيا في تحقيق السلام فحسب، بل شجع، وفقًا لمسؤولين أوكرانيين وغربيين، فلاديمير بوتين على تصعيد الهجمات.

منذ المكالمة الأخيرة التي أجراها ترامب مع بوتين والتي استمرت ساعتين، واصل الكرملين هجومه، وأمر بإنشاء “منطقة عازلة أمنية” على طول الحدود الشرقية لأوكرانيا، وكثّف ضرباته على البنية التحتية المدنية.

وفقا لتحليل نشرته الجارديان، تتوقع الاستخبارات الغربية، بما في ذلك وكالة الاستخبارات الدفاعية التابعة لترامب، أن تواصل موسكو جهودها الحربية طوال العام، دون أن تُظهر أي نية للتنازل أو ضبط النفس.

من المفاوضات إلى التصعيد: تداعيات المحادثات الأمريكية

مرّ ما يزيد قليلاً عن أسبوع على انهيار أول محادثات مباشرة بين روسيا وأوكرانيا منذ مارس 2022. ورغم الآمال في وقف إطلاق النار، إلا أن النتيجة كانت تصعيدًا ملحوظًا في العنف، ويشير المراقبون إلى أن إحجام ترامب عن فرض عقوبات صارمة أو دعم مسعى أوروبي لتحقيق سلام فوري قد صبّ في مصلحة بوتين.

مع استمرار الجمود العسكري على الأرض، سرّعت كل من روسيا وأوكرانيا من وتيرة حروب الطائرات المسيّرة. تستهدف الضربات الروسية بشكل متزايد المناطق المدنية – المباني السكنية والمنازل، وحتى مساكن الطلاب – بهدف كسر إرادة الشعب الأوكراني، بدلاً من كسب الأراضي.

أقرا أيضا.. مسئول في الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي متهم بالتجسس لصالح بكين.. ما القصة؟

تحذير زيلينسكي: صمت الولايات المتحدة يشجع بوتين

أدان الرئيس فولوديمير زيلينسكي علناً ما وصفه بـ”صمت أمريكا”، محذراً من أن هذا التقاعس ليس مجرد فشل في القيادة، بل هو بمثابة ضوء أخضر لبوتين لتكثيف هجومه. ويشارك زيلينسكي الكثيرون في كييف هذا الإحباط، إذ يرون أن سياسات ترامب ليست صانعة للسلام، بل تراجعاً يكافئ العدوان الروسي.

يجادل المحلل العسكري البارز فيليبس أوبراين، من سانت أندروز، بأن جهود ترامب للسلام، التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة، لم تكن أكثر من “مسرحية هزلية”. ويزعم أن هدف ترامب الحقيقي كان الضغط على أوكرانيا لقبول الشروط الروسية وخسائرها الإقليمية، بدلاً من السعي إلى تسوية عادلة.

أسئلة بلا إجابات: مستقبل الدعم الأمريكي والأوروبي

ولعل انسحاب ترامب الواضح من الأزمة يترك أوكرانيا أمام أسئلة ملحة:

هل ستواصل الولايات المتحدة تقديم المساعدات العسكرية الأساسية؟

هل يمكن لأوروبا التدخل لملء الفراغ الدبلوماسي والعسكري إذا انسحبت واشنطن؟

بالنسبة لكييف، تحمل هذه الشكوك تداعيات قاتمة، فبدون دعم أمريكي قوي أو تسريع كبير للمساعدات الأوروبية، يبقى الاحتمال واضحًا: ستستمر الحرب، وستستمر المدن الأوكرانية في تحمل ليالي الرعب والدمار.

زر الذهاب إلى الأعلى