صواريخ مجهولة تضرب العراق… هل تدفع بغداد ثمن التوتر الإقليمي؟

في ظل تصاعد التوتر الإقليمي بين إيران وإسرائيل، عاد شبح الهجمات إلى العراق من جديد، حيث شهدت محافظتا كركوك وصلاح الدين مساء الإثنين ضربات بـ صواريخ وهجمات بطائرات مسيّرة طالت منشآت حيوية، من بينها مطار كركوك الدولي ومصفاة بيجي النفطية.
ورغم عدم تبني أي جهة لهذه العمليات حتى الآن، إلا أن توقيتها ومواقعها تشير إلى ارتباط وثيق بما يجري في الإقليم، ما يعيد إلى الواجهة سؤالاً حرجًا: هل أصبحت بغداد ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية؟
صواريخ العراق تضع مطار كركوك تحت النار
سقط صاروخان من نوع كاتيوشا محلي الصنع في الجزء العسكري من مطار كركوك الدولي، ما أدى إلى إصابة عنصرين أمنيين بجروح طفيفة، فيما سقط صاروخ ثالث على منزل مدني في حي العروبة دون وقوع خسائر بشرية.
المسؤول الأمني الذي أدلى بالمعلومات للصحافة، رفض الكشف عن هويته، وأشار إلى أن الجزء المستهدف من المطار يضم قوات من الجيش العراقي والشرطة الاتحادية، إلى جانب فصائل من قوات الحشد الشعبي.
ورغم وقوع الانف.جار، أكدت إدارة مطار كركوك الدولي أن جميع مفاصل المطار المدني تعمل بشكل طبيعي، ولم تُسجل أي أضرار مادية أو فنية في البنية التحتية أو جدول الرحلات.
طائرات مسيّرة تضرب مصفاة بيجي
بالتزامن مع الهجوم الصاروخي، شهدت محافظة صلاح الدين استهدافًا لمصفاة بيجي بطائرة مسيّرة مجهولة الهوية. وقد أفاد مصدر أمني بأن الدفاعات الجوية العراقية أسقطت طائرة واحدة على الأقل في محيط المنشأة النفطية، مشيرًا إلى أن الهجوم يحمل دلالة على تنسيق مسبق بين الفاعلين.
وتشكل مصفاة بيجي واحدة من أكبر المنشآت النفطية في العراق، ما يجعل استهدافها ضربة مباشرة للاقتصاد الوطني، ورسالة سياسية في توقيت إقليمي بالغ الحساسية.
لجان تحقيق عاجلة في صواريخ العراق
بحسب وسائل إعلام ، أعلنت الجهات الأمنية العراقية تشكيل لجنة تحقيق رفيعة المستوى للوقوف على ملابسات الهجمات المتزامنة، تشمل كلاً من كركوك وقضاء بيجي، مع التشديد على تتبع مصدر إطلاق المقذوفات والطائرات المسيّرة.
من جهته، أعلن محافظ كركوك، ريبوار طه، فجر الثلاثاء، تشكيل لجنة محلية للتحقيق، مرجحًا أن يكون الهجوم ردًا على عملية أمنية أسفرت عن مقتل عدد من عناصر تنظيم داعش في الأيام السابقة.
صواريخ العراق وتحدي السيادة
رغم أن قوات الحشد الشعبي أصبحت جزءًا من القوات الرسمية العراقية، إلا أن الواقع الأمني يشير إلى وجود فصائل مسلحة تعمل خارج إطار الدولة، وتتحرك بناءً على أجندات إقليمية متصلة بإيران.
فخلال الحرب الأخيرة بين طهران وتل أبيب، خرجت بعض هذه الفصائل بتصريحات تتوعد بالتدخل العسكري إلى جانب إيران، متحدية سياسة النأي بالنفس التي التزمت بها حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
هذا الواقع يكرّس ضعف سلطة الدولة أمام الفصائل المسلحة، ويجعل من العراق ساحة مفتوحة أمام الضغوط الخارجية والتصفية غير المباشرة للحسابات الإقليمية.
العراق والتوازنات الإقليمية
رغم إحراز بغداد بعض التقدم في ملف الأمن الداخلي، خاصة في محاربة بقايا تنظيم داعش، فإن استمرار مثل هذه الهجمات يشير إلى هشاشة هذا التقدم، ويضع العراق في موقف صعب وسط الاصطفافات الإقليمية.
التحدي الأبرز الذي يواجه الدولة العراقية اليوم يتمثل في القدرة على ضبط السلاح المنفلت، وفرض إرادتها على جميع القوى المسلحة داخل الحدود، دون استثناءات طائفية أو سياسية.
من المستفيد من ضرب استقرار العراق؟
بحسب تقارير ففي ظل غياب جهة معلنة تتحمل مسؤولية هذه الضربات، تبقى الشكوك قائمة حول تورط فصائل موالية لإيران، تسعى لإيصال رسائل غير مباشرة إلى الخصوم من بوابة العراق.
لكن الثابت أن الخاسر الأكبر من كل هذا هو العراق نفسه، الذي يسعى جاهدًا لاستعادة دوره الإقليمي، وتأمين استقراره السياسي والاقتصادي. فهل تنجح بغداد في تحييد نفسها عن لعبة الأمم، أم أن مصيرها سيبقى معلقًا على قرارات تتخذ خارج حدودها؟
اقرا أيضا.. نفط كردستان يعود إلى الحياة بالعراق… هل طوت بغداد وأربيل صفحة الصراع؟