عاصفة أمنية تضرب الإعلام العراقي.. ماذا وراء اقتحام قناة البغدادية؟

في تصعيد مفاجئ وغير مسبوق، داهمت قوة أمنية عراقية مساء الجمعة مقر قناة “البغدادية” الفضائية الواقع في شارع السعدون، وسط العاصمة بغداد، حيث صادرت أجهزة فنية واقتادت عدداً من موظفي القناة إلى جهة مجهولة، في خطوة أثارت مخاوف بشأن حرية التعبير والإعلام في العراق.
ونشرت قناة “البغدادية” بياناً مقتضباً على حساباتها الرسمية، أكدت فيه أن “قوة أمنية مجهولة اقتحمت مقر القناة، وصادرت بعض الأجهزة الفنية، واعتقلت سبعة من العاملين”، دون توضيح الجهة المنفذة أو المبررات القانونية للمداهمة.
وبحسب مصادر إعلامية وشهود عيان، فإن الاقتحام جاء بعد بث حلقة مثيرة من برنامج “التاسعة” الذي يقدمه الإعلامي علي الذبحاوي، وتضمّنت هجوماً علنياً على جهاز المخابرات الوطني العراقي، اتهمه فيه بـ”توريط الإعلام في الصراع السياسي”.
تسريب يهز الوسط الإعلامي
المداهمة جاءت في أعقاب تسريب مقطع فيديو للذبحاوي يُظهره داخل أحد مكاتب جهاز المخابرات، وهو يتلقى مبلغاً مالياً نقدياً.
ورغم عدم وجود توضيح رسمي بشأن طبيعة المبلغ أو سياق اللقاء، إلا أن المقطع أثار صدمة واسعة، إذ وُصف بأنه “دليل موثق على تورط إعلاميين في التعاون مع أجهزة أمنية ضد متظاهري تشرين”.
المثير أن الذبحاوي، وبدلاً من تقديم توضيح أو نفي صريح، ظهر في برنامجه ليرد بهجوم ناري على جهاز المخابرات، متهماً إياه بـ”الابتزاز” و”تشويه سمعته”، وهو ما فُسّر كتصعيد مباشر ساهم في تعقيد الموقف بين الطرفين.
تضارب الروايات وغياب التعليق الرسمي
ولم تصدر وزارة الداخلية أو جهاز المخابرات الوطني أي توضيح رسمي بشأن أسباب المداهمة، فيما يتداول الناشطون والصحفيون ثلاث روايات متضاربة؛ الأولى تربط الاقتحام بفضيحة الفيديو، والثانية تشير إلى دعاوى قضائية سابقة بحق القناة بتهم “الابتزاز الإعلامي”، أما الثالثة فترجّح وجود تصفية حسابات سياسية مع جهات نافذة في الدولة.
ويأتي هذا التطور في وقت حساس يشهده العراق، مع تصاعد الجدل حول حرية الصحافة واستقلال الإعلام، بالتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية.
وتتزايد المخاوف من أن تتحول بعض وسائل الإعلام إلى ساحات لتصفية الخلافات بين الأجنحة السياسية والأمنية، وسط غياب إطار قانوني يحمي الصحفيين من الملاحقات التعسفية.
أزمة أعمق من “البغدادية”
الجدل الدائر حول علي الذبحاوي وقناة “البغدادية” يعكس أزمة أعمق تتعلق بعلاقة الإعلام العراقي بالمؤسسات الأمنية.
ففي ظل الانقسامات السياسية الحادة، يجد بعض الصحفيين أنفسهم في مرمى نيران متعددة، سواء من الشارع الغاضب أو من الدولة وأجهزتها، وهو ما يهدد بانهيار ما تبقى من ثقة الجمهور في المنظومة الإعلامية.
اقرأ أيضا.. إطلاق سراح هارون أسوات يثير الجدل في بريطانيا.. هل يقود صديق بن لادن «ريمونتادا» القاعدة؟