عاصفة الاعتراف الدولي بفلسطين.. هل تنعكس على مفاوضات الهدنة في غزة؟

تشهد الساحة الدولية تصاعدا ملحوظا في الدعوات لإنهاء الحرب في قطاع غزة والاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، في ظل تراجع المسار التفاوضي وتهديدات إسرائيلية بإعادة احتلال القطاع بالكامل.

هذا التحول الدبلوماسي، المدعوم عربياً وغربياً، يضع تل أبيب في موقف حرج لم تعهده منذ عقود، ويعيد ترتيب الأوراق السياسية في الشرق الأوسط.

مؤتمر دولي يعيد الزخم لحل الدولتين

أحدث مؤتمر “حل الدولتين” الذي عُقد في مقر الأمم المتحدة بنيويورك برئاسة مشتركة من السعودية وفرنسا، نقلة نوعية في المشهد السياسي، مع دعوات صريحة لوقف الحرب وتحقيق تسوية دائمة للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.

البيان الختامي دعا إلى اتخاذ إجراءات جماعية لتنفيذ حل الدولتين والاعتراف بالدولة الفلسطينية، بمشاركة واسعة شملت دولاً أوروبية وآسيوية وعربية، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية.

اعترافات أوروبية وازنة بفلسطين

أعلنت بريطانيا نيتها الاعتراف رسمياً بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل، كما جدّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون موقف بلاده الداعم للاعتراف، ما اعتُبر خطوة رمزية كبرى لما للدولتين من ثقل سياسي وتاريخ استعماري في المنطقة.

وزيرة النقل البريطانية هايدي ألكسندر شددت على أن الخطوة لا تُعد دعماً لحماس، بل دعماً لحقوق الشعب الفلسطيني.

تل أبيب ترد بالتصعيد والتهديد

ردّت إسرائيل على تلك التطورات بغضب واضح، معتبرة أنها تقوّض فرص التوصل إلى هدنة في غزة. وزارة الخارجية الإسرائيلية وصفت الاعترافات المرتقبة بأنها “ضارة بمسار التفاوض”،

فيما دعا وزراء في الائتلاف الحاكم إلى إعادة احتلال قطاع غزة. أبرزهم إيتمار بن غفير، الذي طالب بجولة ميدانية تمهيداً لتنفيذ خطط السيطرة على شمال القطاع.

وفي موقف أكثر تطرفاً، دعا وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو إلى “الاحتلال الكامل لغزة”، مشدداً على أن القضاء على حركة حماس يجب أن يكون أولوية تفوق مسألة تحرير الرهائن، ما يعكس مزاجًا عامًا داخل الحكومة الإسرائيلية يميل للتصعيد بدلًا من التهدئة.

وساطة قطرية ومصرية لبحث الهدنة في غزة

رغم التصعيد الإسرائيلي، تواصلت الوساطات من قطر ومصر. وزير الخارجية القطري أكد استمرار جهود بلاده للتوصل إلى وقف إطلاق النار،

في حين أجرى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مباحثات في واشنطن مع أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، في إطار جهود القاهرة لدفع المفاوضات نحو اتفاق هدنة شامل.

وتأتي هذه الجهود بالتوازي مع نشاط سياسي مكثف تقوده الرياض في المحافل الدولية، عبر التنسيق مع باريس وعواصم أوروبية أخرى، لترجمة الدعم السياسي لفلسطين إلى قرارات ملزمة داخل الأمم المتحدة.

 الضغوط قد تجبر إسرائيل على الهدنة في غزة

يرى خبراء سياسيون أن موجة الاعترافات المرتقبة تمثل عامل ضغط استثنائي على إسرائيل، لا سيما إذا اقترنت بموقف أمريكي حاسم.

ويشير مراقبون إلى أن التحركات السعودية والمصرية بالتنسيق مع الدول الأوروبية تُعد أوراق ضغط مهمة تدفع باتجاه وقف الحرب، لكن الحسم سيبقى مرهونًا بقدرة واشنطن على كبح جماح الحكومة الإسرائيلية.

ويذهب بعض المراقبين إلى وصف ما يجري بـ”تسونامي الاعترافات”، الذي يضع إسرائيل تحت طائلة عزلة سياسية غير مسبوقة، خاصة مع الحديث العلني عن الاعتراف بدولة فلسطين من قبل دول كبرى كالمملكة المتحدة وفرنسا.

ووفق تقديراتهم، فإن موجة الاعتراف هذه قد تؤدي إلى تحوّل نوعي في الموقف الدولي، يُجبر إسرائيل على إعادة حساباتها.

مفاوضات معلقة وتهديدات بعمليات عسكرية

تعثرت مفاوضات الهدنة التي جرت في الدوحة بداية يوليو، بعد انسحاب الوفدين الإسرائيلي والأمريكي للتشاور، وسط تلويح من واشنطن وتل أبيب باستخدام “خطط بديلة” لتحرير الرهائن في غزة.

ويرى محللون أن مثل هذه السيناريوهات العسكرية محفوفة بالمخاطر، ولا تضمن نتائج ميدانية حاسمة في ظل تعقيدات الوضع القائم.

وفي مقابل ذلك، تؤكد المصادر الدبلوماسية أن قنوات الوساطة لا تزال مفتوحة، وأن احتمالات العودة إلى طاولة التفاوض تبقى قائمة، خاصة مع دخول قوى إقليمية ودولية على خط الحلحلة السياسية.

اقرأ أيضا: 15 دولة غربية تمهد للاعتراف بفلسطين.. هل اقترب حلم الدولة؟

زر الذهاب إلى الأعلى