عالم أمريكي يكشف أسرار قنبلة GBU-57 “MOP” القادرة على “تمزيق الجبال”.. هل تستخدم قريبًا؟

في إحدى زوايا ميدان وايت ساندز الشاسع بولاية نيو مكسيكو، وقف الدكتور غاري سترادلينغ، عالم الفيزياء ونائب سابق في مختبر لوس ألاموس الوطني، عند فوهةٍ غائرة حفرتها قنبلة GBU-57/B الخارقة للتحصينات، المعروفة باسم MOP، متأملًا القوة الكامنة في أضخم سلاح تقليدي تمتلكه الولايات المتحدة.

ورغم أن سترادلينغ لم يكن جزءًا مباشرًا من البرنامج الذي طوّر هذه القنبلة، إلا أن تجربته الطويلة في فيزياء الاصطدامات عالية السرعة وتقنيات كشف الانتشار النووي، جعلت من رؤيته شهادة نادرة على كيفية تصميم وتنفيذ سلاح قادر على تمزيق الجبال واستهداف منشآت نووية تحت الأرض، مثلما حدث في إيران.

عالم فيزياء أمريكي يكشف عن التحضير للقنابل الخارقة للتحصينات GBU-57

يسترجع سترادلينغ اللحظة التي وقف فيها عند فتحة ضخمة في جبل بوايت ساندز، وقد أحدثتها تجربة مباشرة لقنبلة MOP:

“كنت أقف على حافة الحاجز الذي وُضع لحماية الزوار من السقوط، بينما كنت أحدق إلى الأسفل في تجويفٍ يخترق الصخر الصلب. كانت الفتحة على بُعد أمتار قليلة فقط من نقطة التصويب، وهو أمرٌ يُظهر الدقة الهائلة لهذا السلاح.”

تلك الحفرة لم تكن مجرّد فراغ في الجبل، بل كانت محاكاة هندسية لمنشأة نووية مُحصّنة – كتلك التي يُعتقد أن إيران تُخزّن فيها قدراتها التخصيبية في فوردو ونطنز.

الدكتور غاري سترادلينغ عالم الفيزياء الأمريكي من موقع اختبار تفجير القنبلة GBU-57

معجزات متسلسلة: حين تتحول قاذفات B-2 إلى مثاقب استراتيجية

في حديثه عن العملية الأخيرة المسماة “مطرقة منتصف الليل”، التي استهدفت منشآت نووية إيرانية، أشار سترادلينغ إلى نقاشات قديمة دارت داخل مجتمع العلماء العسكريين حول إمكانية تنفيذ هجوم اختراقي متعدد الطبقات:

“تصورنا أنه يمكن إسقاط قنبلة أولى تفتح طريقًا داخل الصخر، تليها ثانية وثالثة تنفذ أعمق فأعمق. الفكرة شبيهة بمثقاب عملاق تعمل أجزاءه بتتابع دقيق، دون أن تتأثر كل قنبلة بانف.جار سابقتها. هل نجحنا في ذلك؟ لا أعلم. لكن مجرد التفكير أننا قد نكون فعلناها… هذا مدهش.”

فيزياء المستحيل: لماذا لا تخترق التنغستين الأرض إلى ما لا نهاية؟

يرى سترادلينغ أن ثمة حدودًا طبيعية لا يمكن تجاوزها حتى بأقوى المواد وأكثرها كثافة:

“حتى لو كانت لديك كتلة تنغستين قطرها 3 أقدام وطولها 30 قدمًا، فإنها ستخترق لمسافة محدودة فقط قبل أن تفقد كل زخمها. الفيزياء تفرض حدودًا، حتى على أحلام السلاح المطلق.”

هذا التقييم لم يكن نظريًا فقط، بل ثمرة عقود قضاها في دراسة تجارب الاصطدام بسرعات تصل إلى 55 كيلومترًا في الثانية، وتحليل سلوك المواد تحت ظروف اصطدام خارقة للطبيعة.

تأثير اختبار القنبلة الأمريكية الخارقة للتحصينات GBU-57

عن القلق من التلوث الإشعاعي: “المبالغة أكثر من الخطر”

وحين سُئل عن خطر تسرب إشعاعي من منشآت نووية يتم قصفها بـMOP، بدا سترادلينغ حاسمًا: “نعم، قد يحدث تسرب. لكن التأثير الحقيقي محدود. بعض البيئيين يُضخمون الأمر. الكميات المتسربة – إن وُجدت – تكون صغيرة جدًا.”

هل تمتلك إيران سلاحًا نوويًا؟

رغم تحفظه عن الإدلاء بتوقعات صريحة، فإن سترادلينغ لا يُخفي قلقه: “افتراض أن إيران لا تملك مواد كافية لصنع سلاح نووي أو أن مخزونها دون العتبة… هو تفاؤل مفرط، وربما متهور.”

ويضيف أن مرحلة التخصيب المتقدمة لا تستغرق وقتًا طويلًا، بل قد تُنجز خلال أسابيع، وهو ما يجعل الحسابات الزمنية التقليدية غير دقيقة.

بداية تطوير القنبلة

البداية الرسمية لتطوير القنبلة كانت في عام 2004، “أي قبل الضربة الأمريكية لإيران بنحو 21 عاماً” تحت إشراف وكالة مشاريع البحوث الدفاعية المتقدمة (DARPA)، وذلك كرد على التحديات المتزايدة في استهداف المنشآت النووية المُحصّنة بشدة مثل تلك الموجودة في كوريا الشمالية وإيران.

ثم تولت القوات الجوية الأميركية المشروع، ليُدرج رسميًا ضمن برامج التسلح الخاصة بها.

أول اختبار ميداني موثق

الاختبار الأول للقنبلة GBU-57/B تم في عام 2007 في ميدان وايت ساندز للرماية والتجارب الصاروخية في ولاية نيو مكسيكو.

في عام 2008، أجرت القوات الجوية اختبارات اختراق أكثر تطورًا، وأثبتت القنبلة قدرتها على اختراق أهداف محصنة تحت الأرض تصل إلى عمق 60 مترًا في الخرسانة أو أكثر من 100 متر في الصخور.

دخول الخدمة التشغيلية

القنبلة دخلت الخدمة رسميًا في عام 2011، وجرى تجهيز قاذفات الشبح B-2 Spirit لحملها، وهي الطائرة الوحيدة القادرة على حملها بسبب حجمها الكبير ووزنها البالغ 30 ألف رطل (13.6 طنًا).

مكان الاختبارات الرئيسية

ميدان وايت ساندز الصاروخي – White Sands Missile Range، ولاية نيو مكسيكو .. يعد هذا الموقع هو أحد أكبر ميادين الاختبار في العالم، ويُستخدم لتجارب الأسلحة شديدة التدمير.

اقرأ أيضًا.. دولة إسلامية تطور نظام القبة الفولاذية لرصد طائرات إف-35 الإسرائيلية من 500 كيلومتر

زر الذهاب إلى الأعلى