عضوة بالكونجرس الأمريكي تفجر مفاجأة.. هل عارض الرئيس الراحل كينيدي إسرائيل فدفع حياته ثمنًا؟

أثارت تصريحات عضوة الكونجرس الأمريكي، مارجوري تايلور جرين، عاصفة سياسية جديدة بعد أن ألمحت إلى وجود صلة مزعومة بين اغتيال جون كينيدي، الرئيس الأمريكي الراحل، عام 1963 ومعارضته للبرنامج النووي الإسرائيلي.

تصريحات تثير الانتقادات

وأشعل نشر هذه التصريحات على منصة “إكس” (تويتر سابقا) يوم الثلاثاء 24 يونيو 2025، موجة من الانتقادات اللاذعة من خبراء السياسة ومراقبين، واعتبرها كثيرون ترويجا خطيرا لنظريات المؤامرة دون أي أدلة دامغة.

ووفقا لصحيفة “بوليتيكو” الأمريكية، لم تُقدم هذه الجمهورية من جورجيا، المعروفة بآرائها الصريحة ومغازلتها المتكررة لنظريات المؤامرة، أي دليل ملموس يدعم ادعاءاتها. ومع ذلك، فقد أعاد خطابها الاستفزازي إحياء نظريات راسخة ومُفنّدة حول وفاة كينيدي، وأقحمها في لحظة سياسية متقلبة، مع تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة.

تلميحات مثيرة: هل اغتيل كينيدي بسبب إسرائيل؟

كتبت جرين: “كان هناك رئيس عظيم أحبه الشعب الأمريكي. عارض البرنامج النووي الإسرائيلي. ثم اغتيل”، مُلمحة بقوة إلى أن وفاة الرئيس كينيدي مرتبطة بمعارضته لبرنامج إسرائيل النووي، وتحديدا رفضه السرية المحيطة بمفاعل ديمونا، وهو موقف موثق تاريخيا.

كينيدي
منشور مارجوري تايلور جرين على اكس

وخلال فترة رئاسته، تحدى كينيدي بالفعل رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك ديفيد بن جوريون بشأن منشأة ديمونا النووية، مطالبا بإجراء عمليات تفتيش وشفافية. ويؤكد المؤرخون وجود هذا التوتر الدبلوماسي، لكن لم يربط أي دليل موثوق هذه الخلافات باغتياله. خلصت لجنة وارن عام 1964 إلى أن لي هارفي أوزوالد تصرف بمفرده.

ومع ذلك، يبدو أن ادعاءات غرين تربط بشكل مباشر بين سياسة كينيدي الخارجية وحادث إطلاق النار المميت الذي أودى بحياته في دالاس.

مناظرة حادة مع مارك ليفين.. وتحذير مبطن من “مصير مشابه”

وجاءت تعليقات جرين بعد مناوشة إلكترونية ساخنة مع المذيع المحافظ في قناة فوكس نيوز، مارك ليفين، والذي وصفها بـ”الغبية” على خلفية معارضتها للضربات العسكرية الأمريكية الأخيرة ضد إيران.

وردّت جرين على ليفين بسخرية لاذعة، مشيرة إلى أنها باتت تخشى على حياتها لمجرد انتقادها للسياسات الإسرائيلية، قائلة:

“هل يجب أن أشعر أن حياتي في خطر أيضا؟ ماذا عن الرئيس ترامب الذي وبّخ إسرائيل هذا الصباح؟”

وأعادت جرين بذلك ربط مواقف سياسية بمخاطر شخصية، في إسقاط رمزي على ما اعتبرته “عواقب” تعرض لها كينيدي عندما وقف ضد البرنامج النووي الإسرائيلي.

فقد ألمح خطابها إلى سردية أوسع نطاقا وهي أن معارضة المصالح العسكرية الإسرائيلية قد تكون لها عواقب وخيمة. ولطالما أعربت جرين عن تشككها في التدخل الأمريكي في الحروب الخارجية، وخاصة تلك التي تعتقد أنها تفيد دولا أخرى أكثر من الولايات المتحدة.

تاريخ طويل من الجدل

ليست هذه هي المرة الأولى التي تتبنى فيها جرين نظريات المؤامرة المتعلقة بإسرائيل. ففي عام 2018، أشارت بشكل سيء السمعة إلى أن “أشعة ليزر فضائية” مرتبطة بعائلة روتشيلد المصرفية ربما تكون قد تسببت في حرائق غابات في كاليفورنيا – وهو ادعاء أُدين على نطاق واسع باعتباره معاد للسامية.

بينما تأتي تعليقاتها الأخيرة في وقت حساس. ففي 24 يونيو، انتقد الرئيس دونالد ترامب كلا من إسرائيل وإيران لانتهاكهما اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسط فيه، بعد أن قصفت القوات الإسرائيلية موقع رادار بالقرب من طهران.

وأثارت هذه الخطوة غضب غرين وآخرين في قاعدة ترامب الشعبية الذين يعارضون التدخلات العسكرية المستمرة في الخارج.

وكتبت جرين في منشور آخر: “لقد سفك دم الجنود الأمريكيون من أجل حروب لا تخدم سوى مصالح خارجية، وتحقيق أرباح من القواعد الصناعية العسكرية. لقد سئمت من ذلك”.

استخدام ديني يثير القلق.. وانتقادات لتحريض مبطن

لم تكتفِ جرين بالرد السياسي فقط، بل استخدمت تعابير دينية مثيرة للجدل عندما خاطبت ليفين قائلة:

“دعني أقدّمك إلى صديقي يسوع… من لم يتعرف عليه، سيحزن عند عودته.”

واعتُبرت تصريحات كهذه من قبل محللين محاولة لتحويل الجدل السياسي إلى خطاب ديني، ما أثار انتقادات واسعة، خصوصا في ظل الخلفية اليهودية لليفين.

وعلقت الخبيرة السياسية د. راشيل شتاين من جامعة جورجتاون، على خطاب جرين بالقول: “إنها تُعيد توظيف مأساة وطنية لخلق سردية سياسية معاصرة، دون أي دليل. مثل هذه الادعاءات تُغذي ثقافة المؤامرة وتشوه الحقائق التاريخية.”

انقسامات داخل “المعسكر الترامبي”

ويعكس الخلاف بين جرين وليفين أيضا انقسامات أعمق داخل حركة “لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى” التي يتزعمها دونالد ترامب. ففي حين أيّد العديد من الجمهوريين الضربة على إيران، استنكر آخرون – مثل جرين، ومستشار ترامب السابق ستيف بانون، ومقدم البرامج السابق على قناة فوكس، تاكر كارلسون – التدخل العسكري الأمريكي معتبرين أنه يخدم أجندات أجنبية لا المصالح الأمريكية.

وكتبت جرين يوم الأحد: “أستطيع القول بسهولة إنني أؤيد حق إسرائيل النووية في الدفاع عن نفسها، وأقول في الوقت نفسه إنني لا أريد خوض حروب إسرائيل النووية أو تمويلها”.

ويعكس هذا التصريح موقفا متوازنا في الظاهر، لكنه يخفي رفضا جوهريا لأي تداخل أمريكي مباشر في الصراع الإيراني-الإسرائيلي، وهي نقطة تثير توترات داخل الحزب الجمهوري ذاته.

اقرأ أيضًا.. عملة ترامب الطبعة الإسرائيلية.. الإيمان والربح والسياسة في خضم الصراع الإيراني

لعبة سياسية محفوفة بالمخاطر مع التاريخ

وبربطها اغتيال جون كينيدي بالبرنامج النووي الإسرائيلي، تكون جرين قد أعادت فتح أحد أكثر الملفات حساسية في التاريخ السياسي الأمريكي. ورغم افتقارها لأي إثبات، فإن مجرد طرح الفكرة يُغذّي بيئة خصبة لنظريات المؤامرة، ويطرح تساؤلات أخلاقية حول حدود الخطاب السياسي.

بينما تصر جرين على أنها تُدافع عن السلام والسيادة الأمريكية، يرى المراقبون أنها تُخاطر بتحريف التاريخ، وتأجيج انقسامات دينية وسياسية في وقت تحتاج فيه البلاد إلى خطاب مسؤول.

زر الذهاب إلى الأعلى