علاقة غامضة بين الفراعنة واليونانيين في تصميم مقبرة بيتوزيريس
شهدت قاعة العرض بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56 جلسة نقاشية ضمن محور “المصريات”، حيث تم استعراض كتاب “مقبرة بيتوزيريس” للدكتور علي عبد الحليم علي، أستاذ الآثار بجامعة عين شمس ومدير عام المتحف المصري.
أدار الندوة الباحث الأثري محمود أنور، الذي أشار إلى أن الكتاب صدر ضمن سلسلة “مصريات” التي تصدرها الهيئة العامة للكتاب، موضحًا أن الكاتب اعتمد أسلوبًا مبسطًا في تقديم المعلومات والنصوص التاريخية ليكون في متناول القارئ غير المتخصص.
المنيا ومكانتها الأثرية
تطرق محمود أنور خلال الندوة إلى الأهمية التاريخية لمحافظة المنيا، موضحًا أنها تضم العديد من المواقع الأثرية الفريدة التي تعود إلى عصور مختلفة من الحضارة المصرية القديمة.
وذكر أن المنيا كانت موطنًا لمدينة إخناتون، الذي دعا إلى التوحيد، بالإضافة إلى مدينة تل العمارنة ومنطقة بني حسن، حيث أكد أن الكتاب يتناول منطقة تزنة الجبل التي تضم مقبرة الكاهن والفيلسوف بيتوزيريس، من خلال توثيق الكاتب هذه المقبرة الفريدة من الناحية المعمارية والتاريخية.
بيتوزيريس: الكاهن والفيلسوف في العصر المتأخر
من جانبه، أوضح الدكتور علي عبد الحليم علي، مدير المتحف المصري، أن بيتوزيريس كان شخصية مثقفة وعاش في فترة صعبة، لكنه استطاع تجاوز التحديات وإدارة شؤون عصره بذكاء.
وأضاف أن فكرة الكتاب جاءت استنادًا إلى بحث أكاديمي أعدّه خلال دراسته في كلية الآثار في السبعينيات، مشيرًا إلى أن مقبرة بيتوزيريس تمتاز بكونها تجمع بين خصائص المقبرة والمعبد، ولذلك يطلق عليها “المقبرة المعبد”، حيث كشف أن اسم “بيتوزيريس” في اللغة المصرية القديمة يعني “عطية الإله أوزوريس”.
اقرأ أيضًا:
المتحف المصري يستعد لـ «رحلة أبدية» عبر مراكب الشمس
الطراز المعماري وتأريخ المقبرة
أكد الدكتور عبد الحليم أن مقبرة بيتوزيريس تحمل طابعًا معماريًا فريدًا، حيث تمت صياغة الموضوعات المصرية بطراز يوناني، وهو ما أثار نقاشًا طويلًا بين الباحثين حول تأريخ المقبرة.
وأوضح أنه رغم الدراسات العديدة التي أجراها الباحثون الأجانب عن الحضارة المصرية، فإنهم لم يتمكنوا من التعبير عن روحها العميقة مثلما يستطيع المصريون أنفسهم، مشيرًا إلى وجود ترابط بين بعض المصطلحات الهيروغليفية والمصطلحات العامية المصرية المستخدمة حتى اليوم.
تحديات تبسيط المعلومات الأثرية
كشف الدكتور علي عبد الحليم عن أحد أبرز التحديات التي واجهها أثناء إعداد الكتاب، وهو تقديم المعلومات الأثرية بلغة سهلة تناسب الجمهور العام، وليس الباحثين المتخصصين فقط، مؤكدًا أن هذه المعضلة استلزمت تبسيط المصطلحات العلمية وصياغتها بأسلوب يضمن وصولها إلى أكبر شريحة من القراء المهتمين بالتاريخ المصري القديم.
الاهتمام بالمقابر والمعابد في الحضارة المصرية
اختتم الدكتور حديثه بالإشارة إلى أن المصريين القدماء لم يولوا اهتمامًا كبيرًا بالبيوت السكنية مقارنة بالمقابر والمعابد، وذلك بسبب معتقداتهم الدينية، حيث اعتبروا أن “المعبد هو بيت الإله”، لذا اهتموا بتشييده وتزيينه، بينما كانت المقبرة بالنسبة لهم هي “الدار الآخرة”، ما جعلها تحظى باهتمام خاص في التصميم والعمارة لضمان الخلود في العالم الآخر.