عمان تخطط لتصبح مركزًا إقليميا لسياحة البالون.. ما القصة؟

في خطوة استراتيجية جريئة لتنويع تجارب السفر وترسيخ مكانتها في قطاع سياحي متميز، تستعد سلطنة عُمان لتصبح أحدث وجهة سياحية في المنطقة لرحلات البالون عبر مشروع “مناطيد عُمان” الذي يبشر بتحول نوعي في المشهد السياحي المحلي.
ووفقًا لصحيفة “مسقط ديلي”، حقق مشروع “مناطيد عُمان”، بقيادة رائد الأعمال سالم سلطان العبري، إنجازا مهما بإتمام أول رحلة تجريبية ناجحة في كابادوكيا، وجهة المناطيد العالمية الشهيرة، وتستعد الآن لإطلاق تجاري في محافظة شمال الشرقية بسلطنة عُمان في وقت لاحق من هذا العام.
رؤية للطيران: من كابادوكيا إلى رمال عُمان
وقد نجحت “مناطيد عمان”، التي تأسست عام 2023، في إطلاق أول منطاد لها – مسجل برقم A4O-OHS – فوق المناظر الطبيعية الخلابة لكابادوكيا، تركيا، في 3 يونيو، مسجلة بذلك إنجازا هاما في المشروع.
- أول منطاد تجريبي تطلقه عمان إلى كابادوكيا التركية -مسقط ديلي
ومن المقرر أن تبدأ الشركة عملياتها في أكتوبر، برحلات تنطلق من مخيم بوابة النجوم بمنطقة واسط بولاية بدية. ستوفر هذه الرحلات للركاب إطلالات بانورامية فوق رمال الصحراء العمانية الخلابة وجمالها الطبيعي الأخاذ، لتمنح السياح تجربة فريدة مع شروق الشمس، في مشهد يمتزج فيه السكون بالطبيعة الأخاذة.
وصرح العبري، في مقابلة حصرية له مع صحيفة “مسقط ديلي” قائلا: “يمثل هذا بداية رحلة عُمان لتصبح وجهة إقليمية رئيسية لسياحة مناطيد الهواء الساخن في المنطقة”، مؤكدا أن “التحليق بصمت فوق المعالم الطبيعية والتاريخية العُمانية عند شروق الشمس يمثل تجربة استثنائية لا تُنسى”.
السلامة أولا… وتقنيات مكيفة للبيئة العُمانية
وقد حظيت هذه المبادرة بدعم مؤسسي قوي. فقد حصل المنطاد على اعتماد من هيئة الطيران المدني، وتم تكييفه ليتناسب مع مناخ عُمان الفريد، مما يضمن رحلات آمنة وموثوقة. ويتسع كل منطاد لما يصل إلى 20 راكبا، ويشغله طيار مرخص يرافقه مساعد مختص، بما يضمن تجربة آمنة ومريحة.
وشدد العبري على أن “منطاد الهواء الساخن يعد من أكثر وسائل الطيران أمانا، نظرا لكونه يعمل في بيئة هادئة وبظروف جوية مستقرة”، مضيفا أن الطيارين يخضعون لتدريب دقيق يمكنهم من اتخاذ قرارات لحظية مبنية على توقعات الطقس الدقيقة.
كما أبرمت شركة “عُمان بالونز” اتفاقية حصرية مع شركة “باشا بالونز” التركية لتصنيع المناطيد، لتصبح بذلك الوكيل الوحيد للشركة في منطقة الخليج. وتتجاوز هذه الشراكة حدود الاستيراد، إذ يتطلع العبري إلى إنشاء منشأة صيانة في عُمان، وعلى المدى الطويل، مصنع لتصنيع المناطيد يعمل به كفاءات عمانية مدربة.
دفعة قوية للسياحة والاقتصاد المحلي
ويحظي المشروع بدعم رسمي من وزارة التراث والسياحة باعتباره جزءًا من استراتيجية وطنية تهدف لتنويع مصادر الدخل لعمان وتعزيز جاذبيتها السياحية. وأكد العبري على الفوائد المتعددة الأبعاد التي يجلبها المنطاد – ليس فقط للسياح، بل للاقتصاد المحلي أيضا.
وأشار إلى أن “كل منطاد يوفر 12 وظيفة مباشرة، إلى جانب فرص إضافية في مجالات النقل والضيافة وخدمات الدعم اللوجستي. ومع نمو أسطولنا، نهدف إلى إلهام الشباب العماني لاستكشاف هذه الصناعة الواعدة والحديثة”.
ويتماشى دمج المجتمعات المحلية، إلى جانب تنمية المهارات وخلق فرص العمل، مع الرؤية الوطنية لسلطنة عُمان لنمو السياحة المستدامة وتمكين الشباب.
رسالة ملهمة للجيل القادم
وتجسد رحلة عبري الريادية قصة طموح ومثابرة ليست مجرد مشروع سياحي. فمن الزيارات الميدانية إلى تركيا والولايات المتحدة الأمريكية لاكتساب الخبرة إلى التخطيط الشامل المصمم خصيصا للبيئة العمانية، تجسد هذه المبادرة روح الابتكار.
ومن خلال إشادته بدعم المؤسسات الوطنية، بما في ذلك هيئة الطيران المدني ووزارة التراث والسياحة، وجه رسالة صادقة مباشرة للشباب العماني قائلا:
“آمنوا بأفكاركم وادرسوا مشاريعكم بعناية. الإيمان بقدراتكم هو الخطوة الأولى نحو النجاح.”
اقرأ أيضًا.. 2000 متر نحو السماء.. السعودية تستعد لاستقبال أطول ناطحة سحاب في العالم
بداية مرحلة جديدة في سماء السلطنة
فبفضل مناظرها الطبيعية الخلابة، وجاذبيتها التاريخية، وبنيتها التحتية السياحية المتنامية، تتمتع عمان بموقع فريد يمكنها من أن تصبح وجهة رائدة وبيئة مثالية لسياحة المناطيد.
ولا يمثل الإطلاق المرتقب لـ”مناطيد عمان” مجرد مغامرة جديدة لعشاق الإثارة، بل قفزة استراتيجية إلى الأمام في قطاع السياحة في السلطنة.
ومع بدء الرحلات التجارية في أكتوبر المقبل، ستتجه الأنظار إلى سماء بدية، حيث تَعِد مناطيد الهواء الساخن بالارتقاء بالسياحة في عمان إلى آفاق جديدة.