عودة الموظفين الشرفاء في سوريا.. مصالحة إدارية أم مناورة سياسية؟

بدأت وزارة الإدارة المحلية والبيئة في سوريا بإجراء مقابلات مع آلاف الموظفين المفصولين سابقًا، ممن وُصفوا بأنهم من أصحاب “المواقف المشرفة”.

وتأتي هذه الخطوة وسط تساؤلات عن حقيقة النوايا الكامنة وراءها: هل هي مصالحة إدارية لتصحيح مظالم الماضي؟ أم مناورة سياسية تمهيدًا لرفع العقوبات والانفتاح الدولي؟

5600 موظف على قائمة العودة في سوريا

أعلنت وزارة الإدارة المحلية والبيئة عبر قناة “الإخبارية السورية” أنها بدأت مقابلات لإعادة النظر في ملفات الموظفين المفصولين خلال السنوات الماضية.

وبلغ عدد هؤلاء، بحسب الوزارة، نحو 5,622 موظفًا موزعين على مختلف المحافظات، جرى فصلهم لأسباب وصفتها الوزارة بـ”المجحفة”.

وأكدت الوزارة في بيانها أن عملية إعادة التقييم ستتم “وفق المعايير القانونية والإدارية”، في محاولة لإنصاف الكوادر التي تضررت من قرارات الفصل خلال عهد النظام السابق.

تسوية مستحقات الموظفين المفصولين في سوريا

بالتوازي مع هذه الخطوة، كشف مصدر في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بحسب وسائل إعلام سورية أن هناك خطة شاملة لتسوية مستحقات الموظفين الذين فُصلوا قسرًا، تتضمن صرف الرواتب المتأخرة والتعويضات عن سنوات الخدمة، وإعادة الدمج في الوظائف السابقة أو توفير وظائف بديلة لهم، حسب ما تقتضيه المصلحة العامة.

وأكد المصدر أن التنفيذ سيتم تدريجيًا بسبب القيود المالية، مشيرًا إلى أن الأولوية ستُمنح لمن يبدي رغبته في العودة للعمل، بينما سيُحال البعض إلى التقاعد المبكر وفقًا للشروط القانونية.

قيود مالية تهدد عودة الموظفين المفصولين في سوريا

رغم الإشارات الإيجابية، أقرّت الجهات الحكومية بوجود تحديات كبيرة أبرزها نقص السيولة، مما يعرقل عملية التنفيذ الفوري.

وأوضح المصدر ذاته أن رفع العقوبات الأمريكية قد يُسرّع بشكل كبير من معالجة هذا الملف، عبر تحسن الاقتصاد وإعادة تشغيل مؤسسات الدولة.

قطاع عام متضخم ورواتب متدنية

يأتي ذلك في ظل وضع اقتصادي خانق، إذ لا يزال متوسط الرواتب في سوريا يتراوح بين 20 و25 دولارًا شهريًا، ما يجعل شريحة واسعة من السوريين تحت خط الفقر.

وفي محاولة لاحتواء التذمر الشعبي، أقرت الحكومة مؤخرًا زيادة في الرواتب بنسبة 400%، إلا أن ارتفاع الأسعار والتضخم أفقد هذه الزيادة قيمتها.

إعادة هيكلة جذرية للوظائف

في تصريح لافت، كشف وزير المالية عن خطة لإعادة هيكلة الوظائف العامة، مشيرًا إلى أن عدد موظفي القطاع العام يصل إلى نحو 900 ألف موظف، من بينهم 300 ألف موظف وهمي كانوا يتقاضون رواتب دون أداء فعلي.

وأوضح أن بعض هؤلاء كانوا مسجلين على الورق فقط في عهد النظام السابق، في إطار ممارسات فساد ومحسوبيات ممنهجة.

ديون بالمليارات وإرث إداري مثقل

أما على صعيد الدين العام، فقد كشف الوزير عن أن ديون سوريا الخارجية تتراوح بين 20 و23 مليار دولار، إلى جانب ديون داخلية ضخمة.

وأشار إلى أن النظام السابق لم يترك أي سجلات موثقة يمكن الاعتماد عليها، ما يصعّب من جهود إعادة الهيكلة ومحاسبة الفساد الإداري والمالي.

ويرى البعض أن إعادة الموظفين المفصولين، خاصة أولئك المعروفين بمواقفهم المعارضة للنظام السابق، قد تكون محاولة لإعادة بناء الثقة مع الشارع السوري، وتوجيه رسائل للخارج مفادها أن الحكومة ماضية في نهج المصالحة الوطنية.

اقرا أيضا

من “معاداة السامية” إلى “الحرب الصليبية”.. كيف تُرهب إسرائيل ماكرون وقادة أوروبا؟

زر الذهاب إلى الأعلى