عُمان تفاجئ الأسواق العالمية وتحقق إنجازًا استثنائيًا.. ترقيتان من موديز خلال عام

شهدت سلطنة عُمان إنجازا ماليا بارزا برفع تصنيفها الائتماني إلى الدرجة الاستثمارية من قِبل وكالة موديز، وهو ما انعكس مباشرة على انخفاض مستويات القلق من التخلف عن سداد ديونها إلى أدنى مستوى في تاريخها.

ترقية تاريخية تعزز مكانة سلطنة عُمان المالية

وقد فاجأ هذا التطور أسواق السندات العالمية، دافعا تكلفة التأمين ضد التخلف عن السداد – المعروفة باسم عقود مقايضة التخلف عن السداد (CDS) – إلى تراجع حاد بلغ 3.8 نقطة أساس، لتستقر عند 86.4 نقطة، في تراجع أسبوعي هو الأكبر خلال العام.

ويعكس هذا التحسن تحولا جوهريا في النظرة الدولية لأداء الاقتصاد العُماني، حيث ارتفعت أسعار السندات السيادية المقومة بالدولار بشكل ملموس، مدفوعة بموجة جديدة من الثقة في السوق.

الإصلاحات الاقتصادية تقود الأداء الإيجابي

ويرى محللون ماليون أن هذه النتائج لم تكن محض مصادفة، بل جاءت نتيجة مباشرة لإصلاحات مالية واستراتيجية صارمة انتهجتها السلطنة خلال السنوات الماضية. فقد قلصت الحكومة من الإنفاق العام وركّزت على تخفيض الدين العام في توجهات عززت التوقعات بتحسن التصنيف الائتماني لعُمان، وهو ما تحقق بالفعل.

وقالت آرثي شاندراسيكاران، رئيسة إدارة الأصول في شركة شعاع كابيتال ش.م.ع. ومقرها دبي: “من المرجح أن جزءا كبيرا من التدفقات الداخلة، وخاصة من مديري الأصول النشطين، قد تحقق بالفعل”، في إشارة إلى أن المستثمرين بدأوا فعليا في الاستفادة من التحول الاقتصادي العُماني، لا سيما مع انخفاض تكاليف الاقتراض وتحسن مناخ الاستثمار.

كما عززت عائدات السندات العُمانية هذا التفاؤل، حيث بلغ العائد الإجمالي للمستثمرين 5.5% حتى منتصف العام، لتصبح ضمن الأفضل أداءً في الأسواق الناشئة.

ترقيتان في أقل من عام.. تأكيد على النجاح المالي

وتمثل أحدث ترقية من وكالة موديز للتصنيف الائتماني الترقية الثانية من نوعها خلال أقل من عام، ما يعكس وتيرة التقدم السريع في المؤشرات المالية لعُمان. وقد أشارت الوكالة إلى عاملين رئيسيين وراء قرارها وهما: الانخفاض في عبء الدين العام، وقدرة السلطنة المتزايدة على امتصاص الصدمات الناتجة عن تقلبات أسعار النفط.

وانخفض الدين الحكومي إلى 35.5% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ37.5% في 2023، بينما انكمش الإنفاق العام ليبلغ أقل من 29% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024، مقابل متوسط 41% خلال الفترة من 2016 إلى 2020 – مما يعكس انضباطا ماليا غير مسبوق.

وأكدت شاندراسيكاران أن “انخفاض الإنفاق التنموي والتركيز على تعزيز الإيرادات الضريبية يعكسان التزام عُمان بسياسات مالية متزنة على المدى الطويل.”

ارتفاع أسعار السندات وتراجع العوائد: مؤشر على ثقة المستثمرين

وساهم ارتفاع سعر سند عُمان السيادي المستحق في 2047 إلى 103.11 سنتًا – مقارنة بسعر إصداره الأصلي 99.36 سنتًا – في خفّض العائد حتى الاستحقاق إلى 6.24%. وهو ما يُعد مؤشرا واضحا على زيادة ثقة المستثمرين تجاه الاقتصاد العُماني، وانخفاض المخاطر المرتبطة بإقراض الدولة.

ويأتي هذا الأداء في وقت يشهد فيه الاقتصاد العُماني انتعاشا مدعوما بإصلاحات طويلة الأمد واستقرار مالي متزايد، ما يضع السلطنة في موقع قوي للعب دور أكبر في النظام المالي العالمي، خاصة ضمن الأسواق الناشئة.

اقرأ أيضًا: فنادق فاخرة ومارينا عالمية.. الإمارات تطلق المرحلة الأولى من مشروع رأس الحكمة

عُمان على الطريق الصحيح

ولا تعكس ترقية التصنيف الائتماني فقط تحسن المؤشرات المالية، بل تمثل تتويجا لسلسلة من السياسات المتوازنة والجريئة.

وبينما تتجه عُمان لتعزيز موقعها بين اقتصادات الخليج، تؤكد نتائج السوق أن الثقة قد عادت بقوة – ليس فقط من مؤسسات التصنيف، بل من مجتمع المستثمرين العالمي ككل.

زر الذهاب إلى الأعلى