غزة حرب اللانهاية.. هل طغت سياسة اليمين المتطرف على الأهداف العسكرية؟

أثار كمين حماس المميت هذا الشهر على جنود إسرائيليين في بيت حانون – وهي مدينة في غزة تعرضت لأربع هجمات إسرائيلية منفصلة – قلقًا عميقًا لدى الرأي العام الإسرائيلي، مما أثار تساؤلات حادة حول ما يحققه جيش الدفاع الإسرائيلي فعليًا في غزة بعد 21 شهرًا من الحرب.

بينما يُصر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته على أن القوة العسكرية وحدها هي التي ستضمن إطلاق سراح الرهائن الخمسين المتبقين والقضاء على حماس، يُجادل النقاد بأن الأهداف المعلنة لم تتحقق بعد.

فمعظم غزة الآن في حالة دمار، وقُتل ما يقرب من 60 ألف فلسطيني وفقًا لمسؤولين محليين، ويرتفع عدد القتلى بين الجنود الإسرائيليين مرة أخرى.

النقاد: الحرب الآن مدفوعة بالسياسة، لا بالأمن

يقول عدد متزايد من الأصوات الإسرائيلية – من مسؤولين أمنيين وقادة سابقين ومواطنين عاديين – إن الحملة العسكرية أصبحت بلا هدف بشكل متزايد.

بالنسبة للكثيرين، يبدو أن الحرب الآن مدفوعة أكثر من الضرورات الأمنية بضرورة حفاظ نتنياهو على ائتلافه الحاكم، الذي يهيمن عليه شركاء من اليمين المتطرف يهددون بإسقاط الحكومة إذا انتهت الحرب.

يقول مايكل ميلشتاين، ضابط استخبارات سابق في جيش الدفاع الإسرائيلي: “إنها حرب استنزاف… بلا هدف أو غاية استراتيجية، كالسير في مستنقع”.

تؤكد الأرقام على حالة الجمود منذ انهيار وقف إطلاق النار قصير الأمد في مارس، ازدادت الخسائر الإسرائيلية بشكل حاد، حيث قُتل 35 جنديًا منذ يونيو وحده – أي ثلاثة أضعاف عدد القتلى في الأشهر الثلاثة السابقة.

لا تزال حماس، على الرغم من الهجمات الإسرائيلية المكثفة، نشطة: فهي تواصل تجنيد المقاتلين وشن الهجمات والحفاظ على السيطرة في العديد من المناطق. لم تتم إعادة أي رهائن أحياء منذ مارس.

 المخاوف المحلية والدولية تتصاعد

لا يقتصر النقد الإسرائيلي على مسائل الاستراتيجية. اتهم رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت إسرائيل بارتكاب جرائم حرب، بينما يخشى البعض داخل إسرائيل وخارجها أن يكون الهدف الحقيقي من الهجوم هو جعل غزة غير صالحة للسكن وتهجير سكانها.

تُظهر استطلاعات الرأي أن معظم الإسرائيليين يؤيدون اتفاقًا لتحرير الرهائن، حتى لو كان ذلك يعني إنهاء الحرب. لكن المفاوضات الدبلوماسية في قطر تعثرت، حيث وصلت كل من إسرائيل وحماس إلى طريق مسدود: ترفض إسرائيل ضمان إنهاء الحرب، بينما تطالب حماس بوقف إطلاق نار دائم كجزء من أي اتفاق.

حرب بلا حل

على الأرض، احتل جيش الدفاع الإسرائيلي الآن حوالي ثلاثة أرباع غزة، بما في ذلك الهجمات الأخيرة على دير البلح والعمليات الجارية في خان يونس وأطراف مدينة غزة. مدن بأكملها، أبرزها رفح، سُوّيت بالأرض.

مع ذلك، يُقرّ المسؤولون العسكريون الإسرائيليون بأنه على الرغم من تدمير جزء كبير من البنية التحتية لحماس ومقتل العديد من كبار قادتها، تواصل الحركة تجديد نشاطها وتجنيد مقاتلين جدد والحفاظ على وجودها من خلال خلايا معزولة وهجمات خاطفة.

يبدو أن نهج جيش الدفاع الإسرائيلي الآن مزدوج: مواصلة العمليات البرية للضغط على حماس لوقف إطلاق النار بشروط إسرائيل، والاستعداد في الوقت نفسه لاحتمالية تجدد الهجوم الشامل في حال عدم التوصل إلى اتفاق.

صرح رئيس الأركان الإسرائيلي، إيال زامير، للجنود مؤخرًا: “نحن نقترب من مفترق طرق حاسم للغاية”. وأشار إلى أن الجيش سيتوقف إذا تم التوصل إلى اتفاق، لكنه حذّر من تكثيف العمليات في حال عدم التوصل إلى اتفاق.

أقرا أيضا.. صفارات الإنذار تحوّل “تايبيه” إلى ساحة حرب.. كيف تستعد تايوان تستعد للغزو الصيني وسط قلق المواطنين؟

خلاف في القمة مخاوف بشأن المستقبل

كما نشأ خلاف بين القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية. وتشير التقارير إلى أن جنرالات جيش الدفاع الإسرائيلي يؤيدون وقف إطلاق نار جزئي لإعادة بعض الرهائن على الأقل، بينما يظل نتنياهو وحلفاؤه ملتزمين بتحقيق النصر الكامل: لا نهاية للحرب حتى يتم إطلاق سراح جميع الرهائن، ونزع سلاح حماس، وعدم تشكيل غزة “أي تهديد” لإسرائيل.

بالنسبة لشركاء نتنياهو اليمينيين المتطرفين في الائتلاف الحكومي، أي شيء أقل من ذلك غير مقبول. وقد طرح بعضهم، ومنهم وزير الدفاع إسرائيل كاتس ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، خططًا لتهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين قسرًا داخل غزة، وهي خطوات أدانها الجيش والمجتمع الدولي باعتبارها تُعدّ تطهيرًا عرقيًا.

كابوس غزة الإنساني مستمر

بدون حل تفاوضي، تتفاقم معاناة غزة. تُحذّر منظمات الإغاثة الدولية من “ثمن باهظ”، حيث نزح معظم السكان بالفعل وأصبحوا على شفا المجاعة. تتزايد تكاليف الحرب – البشرية والسياسية والأخلاقية – دون نهاية تلوح في الأفق.

بالنسبة لمنتقدين مثل ميلشتاين، أصبحت غزة “عاصمة الأوهام الإسرائيلية”، حيث يتمسك القادة والجمهور بآمال نصر وشيك لا يزال بعيد المنال. ويختتم قائلاً: “إنها قصة هذه الحرب: الكثير من الإنجازات التكتيكية، دون أي إنجاز استراتيجي”.

زر الذهاب إلى الأعلى