غزة على أعتاب أسوأ مجاعة في تاريخها وسط استعدادات إسرائيلية لتوسيع الحرب

تدخل غزة مرحلة غير مسبوقة من المجاعة، مع تحذيرات منظمات إنسانية ومسؤولين محليين من نفاد شبه تام للدقيق في القطاع المحاصر، وفي ظل حصار خانق تفرضه إسرائيل منذ نحو شهرين.
في الوقت نفسه، تتجه إسرائيل نحو تصعيد عسكري جديد، وسط تحركات لتجنيد عشرات الآلاف من جنود الاحتياط، وتجميد مسارات التهدئة والمفاوضات.
غزة تدخل مرحلة “أخطر من التجويع”
وكشف عبد الناصر العجرمي، رئيس جمعية أصحاب المخابز في قطاع غزة، أن 95% من الدقيق نفد بالفعل من القطاع، بينما الكمية المتبقية لدى العائلات لا تكفي إلا لأيام معدودة.
وأوضح العجرمي لوسائل إعلام فلسطينية، أن التداول التجاري للدقيق متوقف منذ أسابيع، ما يجعل الأوضاع تنذر بـ”كارثة إنسانية غير مسبوقة”.
وحذّر العجرمي من أن ما ينتظر القطاع بعد نفاد الدقيق من البيوت هو “مرحلة أخطر من التجويع”، في ظل توقف كامل لـ”التكيات” الخيرية التي كانت تقدم وجبات يومية للأسر، نتيجة انعدام الموارد.
ووصف العجرمي ما يحدث بأنه “كارثة إنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى”، مشدداً على أن استمرار الأوضاع بهذه الوتيرة قد يؤدي إلى “أسوأ مجاعة تشهدها دولة في المنطقة”، في ظل انقطاع تام للمساعدات الغذائية منذ 8 مارس.
إسرائيل تستعد لتوسيع الحرب
في ظل هذا الانهيار الإنساني، أعلنت مصادر إسرائيلية، اليوم الأربعاء، أن الجيش الإسرائيلي بصدد إصدار أوامر استدعاء لعشرات الآلاف من جنود الاحتياط، استعداداً لتوسيع العمليات في غزة، وسط جمود تام يلف مفاوضات وقف إطلاق النار.
ونقلت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن الحكومة الإسرائيلية ناقشت عدة خطط قتالية تدريجية، من بينها خطة لإخلاء منطقة “المواصي”، التي تُستخدم حالياً كمنطقة إنسانية تؤوي آلاف النازحين، بزعم تحولها إلى ملاذ لعناصر من حركة “حماس”. وتدرس إسرائيل إنشاء مخيم خيام بديل في منطقة تل السلطان، يخضع فيه المدنيون لفحص أمني.
وأشار التقرير إلى أن بعض جنود الاحتياط الذين سيجري استدعاؤهم خدموا بالفعل مئات الأيام منذ بداية الحرب في أكتوبر الماضي، وأن العديد منهم أعربوا عن عدم رغبتهم بالعودة مجدداً للقتال، بسبب ما وصفوه بـ”الإرهاق الشديد”.
نتنياهو يعلن سنقاتل من رفح إلى جبل الشيخ
في الذكرى السنوية لمقتل جنود إسرائيليين، جدد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تأكيده على استمرار العمليات العسكرية. وقال في كلمة له: “سنحقق النصر الحاسم على أعدائنا، من رفح إلى جبل الشيخ”.
وأكد أن “المعركة لم تنته بعد”، متعهداً بـ”القتال حتى تحقيق أهداف إسرائيل الأمنية”.
لا مساعدات قبل الإفراج عن الرهائن
ورغم المطالب الدولية المتكررة، تواصل إسرائيل منع دخول أي مساعدات إنسانية إلى القطاع، وتربط ذلك بإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة “حماس”.
وتقول إسرائيل إن إدخال الإمدادات سيبقى محظوراً إلى حين الإفراج عن 59 رهينة، بينهم 24 تقول إنهم أحياء.
واستأنفت إسرائيل هجومها المكثف على غزة في 18 مارس الماضي، بعد انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في يناير.
ومنذ ذلك الحين، اشتدت وتيرة القصف الإسرائيلي، لا سيما على مناطق جنوب القطاع المكتظة بالسكان والنازحين.
منظمات أممية تحذر من المجاعة في غزة
حذرت منظمات أممية، من بينها برنامج الغذاء العالمي ومنظمة “أوتشا”، من دخول قطاع غزة في مرحلة المجاعة الكاملة، بعد أن تجاوزت مؤشرات الأمن الغذائي كافة الخطوط الحمراء.
وتقول هذه المنظمات إن السكان المدنيين يعانون من “انعدام تام للأمن الغذائي”، وسط تقارير عن وفيات بين الأطفال نتيجة الجوع، لا سيما في شمال القطاع.
انتقادات متزايدة لإسرائيل نتيجة المجاعة في غزة
تواجه إسرائيل انتقادات متصاعدة من المجتمع الدولي، بعد تقارير تؤكد استخدامها “سياسة التجويع كسلاح حرب”، وهو ما يشكل، بحسب خبراء قانونيين، “جريمة حرب بموجب القانون الدولي”.
وتقول منظمات حقوقية إن منع إدخال الغذاء والماء والدواء بشكل متعمد، يمثل انتهاكاً صارخاً لاتفاقيات جنيف، التي تحظر استهداف المدنيين.
غزة بين المجاعة والحرب
مع استمرار القصف، وتدهور الأوضاع الإنسانية، وتعثر المساعي السياسية، يبدو أن غزة تقف أمام مفترق طرق قاتل. فبينما يراهن البعض على تدخل دولي عاجل، يحذر آخرون من أن التأخير في وقف العمليات وإدخال المساعدات، قد يعني انهياراً تاماً لكل مظاهر الحياة في القطاع المحاصر.
اقرأ أيضا
إسرائيل تتدخل ودعوات لإنقاذ دولي.. تطورات خطيرة فى أزمة دروز صحنايا سوريا