غزة على شفا المجاعة.. تسريبات الجيش الإسرائيلي تناقض الرواية الرسمية وتشعل انتقادات دولية

يكشف تحليل داخلي للجيش الإسرائيلي بأن غزة على شفا المجاعة، مع استمرار إسرائيل في حصارها للقطاع، وذلك بحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز.
ورغم الموقف الإسرائيلي المعلن بأن الحصار المفروض على إمدادات الغذاء والوقود لا يُشكل تهديدًا كبيرًا، تُشير تحذيرات المنظمات الإنسانية وضباط الجيش الإسرائيلي إلى خطر شديد من المجاعة خلال أسابيع ما لم تُستأنف عمليات تسليم المساعدات.
وفقا لتقرير نيويورك تايمز، وضعت هذه الأزمة المتصاعدة كلاً من مسؤولي الأمن الإسرائيليين والمنظمات الإنسانية العالمية في خلاف مع نهج الحكومة، مما أثار مخاوف جدية بشأن التكلفة البشرية للصراع الدائر.
الحصار وأثره على سكان غزة
لأشهر، واصلت إسرائيل حصارها، مُتذرعةً بقصدها تعطيل وصول حماس إلى الموارد المخصصة للمدنيين. وبينما تُجادل إسرائيل بأن الحصار يهدف إلى إضعاف حماس، فإن عواقبه على سكان غزة المدنيين وخيمة.
وفقًا لمسؤولي الدفاع الإسرائيليين، أغلقت معظم مخابز غزة أبوابها، وتوقفت مطابخ الجمعيات الخيرية عن العمل، ونفد مخزون المساعدات الأساسية، وخاصةً من برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة.
يتفاقم هذا الوضع بارتفاع أسعار المواد الغذائية، حيث أفادت بعض التقارير بأن سعر الدقيق ارتفع 60 ضعفًا منذ فبراير، مما دفع العديد من السكان إلى اتخاذ إجراءات يائسة كالنهب للحصول على الطعام.
حدّ الحصار بشدة من قدرة المدنيين على تلبية حتى الاحتياجات الغذائية الأساسية، وأقرّ ضباط الجيش الإسرائيلي سرًا بأنه في حال استمرار الوضع، فقد ينتشر الجوع على نطاق واسع.
اعتراف الجيش الإسرائيلي سرًا بالأزمة
خلص ضباط الجيش الإسرائيلي سرًا إلى أن غزة على شفا مجاعة واسعة النطاق، حيث حذّر بعض المسؤولين من أن الإمدادات الغذائية ستنفد في غضون أسابيع ما لم تُتخذ إجراءات عاجلة.
وفقًا لثلاثة مصادر دفاعية تحدثوا لنيويورك تايمز، تتناقض هذه التقييمات مع الموقف العلني الإسرائيلي، الذي يُقلّل من خطورة الوضع. وقد شدد الجيش الإسرائيلي على ضرورة إعادة تأهيل أنظمة المساعدات الإنسانية بسرعة لتجنب كارثة. ومع ذلك، ورغم إلحاح الوضع، لم يُقرّ المسؤولون العسكريون علنًا بعدُ بحجم الأزمة.
أثار تردد الحكومة في رفع الحصار جدلًا أوسع حول أخلاقيات الوضع. جادل خبراء القانون الدولي بأن استخدام التجويع كوسيلة حرب يُشكّل انتهاكًا للقانون الدولي، وقد يُصنّف جريمة حرب. وتُسلّط الفجوة المتزايدة بين التصريحات العلنية الإسرائيلية والاعتراف الداخلي بالأزمة الضوء على المعضلات الأخلاقية والقانونية التي يُشكّلها الحصار.
اقرأ أيضا.. رفع العقوبات عن سوريا.. هل يتعافى اقتصاد دمشق قريبًا أم أنها خطوة تتبعها آلاف الخطوات؟
الاستجابة الدولية والتداعيات القانونية
انتقدت هيئات دولية، مثل الأمم المتحدة، الحصار الإسرائيلي بشدة. واتهم توم فليتشر، منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، إسرائيل بتعمد فرض ظروف لاإنسانية على المدنيين في غزة، مما زاد من تفاقم الكارثة الإنسانية.
طالب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في جلسة طارئة، إسرائيل بالسماح فورًا بدخول المساعدات إلى غزة. وأيّد جميع الأعضاء، باستثناء الولايات المتحدة، الدعوة إلى تقديم الإغاثة الإنسانية.
في الوقت نفسه، رفضت الوكالات الإنسانية، بما في ذلك مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، المقترحات الإسرائيلية لتوزيع الغذاء عبر منظمات خاصة تحت إشراف عسكري. واعتُبرت هذه الخطط غير كافية وخطيرة على المدنيين الذين سيضطرون إلى قطع مسافات أطول لتلقي المساعدات، مما يعرضهم لمزيد من المخاطر.
الانقسام السياسي والتوسع العسكري
أثار الوضع في غزة توترات سياسية أيضًا. وقد أوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نيته تصعيد الحملة العسكرية ضد حماس.
رغم تفاقم الأزمة الإنسانية، يبقى تركيز إسرائيل الأساسي منصبًا على القضاء على حماس وإعادة الرهائن. وتتناقض تصريحات نتنياهو الجريئة بشأن العمليات العسكرية الجارية بشكل حاد مع المخاوف التي أعرب عنها ضباط عسكريون إسرائيليون سرًا، محذرين من العواقب الوخيمة لإطالة الحصار.
تزامن توقيت تصريح نتنياهو مع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المملكة العربية السعودية، مما يُبرز اتساع الخلاف بين إسرائيل والولايات المتحدة حول بعض القضايا الأمنية الرئيسية. بينما تدفع إسرائيل باتجاه استمرار العمل العسكري، لا يزال الضغط الدولي والمحلي المتزايد لمعالجة الأزمة الإنسانية في غزة قضيةً خلافية.