غضب شعبي بسبب وزير العدل الجديد في السودان.. ما علاقة عمر البشير؟
أثار وزير العدل الجديد في السودان عبد الله درف موجة من الغضب والرفض، لا سيما في أوساط قوى الثورة والشباب السوداني الذين اعتبروا اختياره انتكاسة خطيرة لمسار العدالة الانتقالية.
درف ليس مجرد اسم جديد في الحكومة، بل هو شخصية مثيرة للجدل، معروفة بانتمائها لحزب المؤتمر الوطني، الحزب الحاكم في عهد الرئيس المخلوع عمر البشير، كما شغل سابقاً منصباً في هيئة الدفاع عن البشير خلال محاكماته بعد الثورة.
ماذا قال ثوار السودان عن وزير العدل الجديد
شوارع السودان، التي لا تزال تحمل آثار الاحتجاجات الشعبية والمواجهات الدامية، استقبلت نبأ التعيين بسخط واسع، حيث اعتبره كثيرون خيانة صريحة لدماء الشهداء وتضحيات مئات الآلاف ممن خرجوا لإسقاط نظام البشير.
نشطاء ولجان مقاومة وصفوا الحكومة الجديدة بأنها “تسير عكس التيار الشعبي”، متهمين السلطة الانتقالية بمحاولة إعادة تدوير الوجوه القديمة التي لفظها الشارع، والتمهيد لعودة النظام السابق عبر بوابة “التسويات السياسية”.
علاقة وزير العدل الجديد في السودان بالبشير
علاقة عبد الله درف بالرئيس المعزول لا تقتصر على كونه أحد المدافعين عنه قانونياً، بل هو أيضاً من القيادات السياسية التي حافظت على ولائها العلني لحزب المؤتمر الوطني حتى بعد سقوط النظام.
تعيينه في وزارة العدل، وهي من أكثر الوزارات حساسية في أي مرحلة انتقالية، يُفهم على نطاق واسع كرسالة بأن مراكز القرار الحالية لا تضع تطلعات الثورة أولوية، بل تميل لمهادنة قوى الإسلام السياسي لضمان البقاء.
البرهان والمصالح المشتركة
ويُنظر إلى هذا التعيين أيضاً ضمن تحركات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، الذي يسعى بحسب مراقبين إلى إعادة بناء تحالفات استراتيجية مع رموز النظام السابق، في مواجهة قوات الدعم السريع بزعامة محمد حمدان دقلو (حميدتي). حيث تعزز هذه الخطوة الروايات المتكررة حول وجود “تحالف مصالح” بين الجيش وبعض قادة الإسلاميين لخلق جبهة موحدة في الحرب الدائرة.
وبحسب تقارير فإن رئيس الوزراء المعيّن، كامل إدريس، وجد نفسه محاصراً بين مطرقة الضغوط العسكرية وسندان الرفض الشعبي. إذ أن إبقاءه على أسماء مثيرة للجدل – مثل جبريل إبراهيم في وزارة المالية – وتعيينه لدرف، قوض من صورته كوجه انتقالي مقبول، وطرح تساؤلات حول استقلاليته السياسية وقدرته على قيادة مرحلة مفصلية في تاريخ السودان.
تراجع العدالة الانتقالية؟
القلق الأكبر الذي تعبر عنه القوى الثورية ومنظمات حقوق الإنسان يتمثل في مصير العدالة الانتقالية، والتي تعد من ركائز مطالب الثورة. فوجود شخصية مثل درف على رأس وزارة العدل يضع هذه العملية برمتها تحت تهديد التجاهل أو التسييس، وهو ما قد يعمق الانقسامات، ويزيد من فقدان الثقة في السلطة القائمة.
وفي ظل حرب مستمرة، وواقع اقتصادي يزداد تدهوراً، تبدو قرارات السلطة الانتقالية وكأنها تفصل السودان عن مبادئ الثورة أكثر مما تقرّبه منها.
ويري مراقبون أن تعيين عبد الله درف ليس مجرد قرار إداري، بل هو مؤشر سياسي خطير قد يعيد إنتاج النظام السابق بأدوات جديدة، في وقت لا يزال فيه الشعب السوداني يبحث عن وطن يُدار بالعدالة، لا الولاءات.
اقرأ أيضا
تركيا تنتظر خطاب إردوغان.. هل يمهد نزع السلاح لسلام تاريخي مع العمال الكردستاني؟