غياب بوتين عن القمة الروسية الأوكرانية بإسطنبول.. 3 سيناريوهات لمستقبل السلام

في حدث دبلوماسي مرتقب للغاية، أثار قرار الرئيس فلاديمير بوتين عدم حضور القمة الروسية الأوكرانية بإسطنبول تساؤلات، لا سيما فيما يتعلق بتأثيرها المحتمل على علاقة روسيا بالولايات المتحدة وإمكانية تحقيق السلام في أوكرانيا.

مع غياب بوتين، أرسل الكرملين وفدًا منخفض المستوى بقيادة وزير الثقافة السابق فلاديمير ميدينسكي، مما يشير إلى أن روسيا قد لا تكون مهتمة بإجراء محادثات سلام حقيقية في هذه المرحلة.

وبحسب تحليل صنداي تايمز، قد يؤدي غياب بوتين، الشخصية الرئيسية في المفاوضات، إلى تغيير مسار المحادثات وعرقلة الجهود المبذولة للتوصل إلى وقف إطلاق النار.

القمة الروسية الأوكرانية بإسطنبول: هل تستمر الحرب بأي ثمن؟

يبدو أن رفض بوتين حضور محادثات إسطنبول، على الرغم من الجهود الدبلوماسية السابقة للتفاوض، يؤكد رغبته في مواصلة القتال في أوكرانيا.

على الرغم من أن المحادثات مع الرئيس زيلينسكي في تركيا من غير المرجح أن تُسفر عن اتفاق سلام دائم، إلا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان قد أعرب سابقًا عن تفاؤله بأن مشاركته قد تُعجّل التوصل إلى حل. بل ألمح ترامب إلى أنه قد يحضر القمة إذا طُرح اتفاق هادف على الطاولة.

مع ذلك، فإن تجاهل بوتين لهذه المحادثات يُشير إلى رسالة واضحة: الرئيس الروسي غير مستعد للقاء زيلينسكي إلا للمطالبة باستسلام أوكرانيا.

في سياق يُلحّ فيه القادة الأوروبيون والقوى الدولية على وقف إطلاق النار والتوصل إلى حل، قد يُلحق قرار بوتين ضررًا بالغًا بعلاقته مع ترامب، الذي قدّم نفسه أيضًا كوسيط مُحتمل.

تُعرّض تطلعات ترامب للحصول على جائزة نوبل للسلام للخطر إذا اعتقد أن غياب بوتين يُمثّل فرصة ضائعة للسلام.

ماذا قد يحدث في القمة الروسية الأوكرانية بإسطنبول؟

ثلاثة سيناريوهات للمستقبل

قد تُواصل المحادثات المُقبلة في إسطنبول، رغم غياب بوتين، مفاوضات على مستوى أدنى. ومع ذلك، لا تزال التوقعات قاتمة. فيما يلي ثلاث نتائج محتملة:

السيناريو الأول: الجمود ومطالب روسيا المُلحة

في هذا السيناريو، تُصرّ روسيا على مطالبها الراسخة: خروج أوكرانيا من حلف الناتو، وتسليم أربع مناطق (بما في ذلك شبه جزيرة القرم التي تسيطر عليها روسيا بالفعل)، ورفع جميع العقوبات الغربية. من غير المُرجّح أن تقبل أوكرانيا بهذه الشروط، لا سيما وأن بعض المناطق التي تُطالب بها روسيا لا تزال تحت السيطرة الأوكرانية، مثل خيرسون وزابوريزهيا.

قد تنهار هذه المحادثات، مع وعود مُبهمة فقط بإعادة النظر في المفاوضات مستقبلًا – ربما في محاولة لتهدئة رغبة ترامب في التقدم. لن يُؤدّي الجمود إلا إلى إطالة أمد الحرب، دون أي تحرّك حقيقي نحو السلام.

السيناريو الثاني: وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى

يتضمن السيناريو الثاني اتفاقًا عمليًا أكثر – ربما وقف إطلاق نار لمدة 30 يومًا مُقترنًا بتبادل للأسرى. وقد أجرى الجانبان سابقًا عمليات تبادل للأسرى، مما يعني أن إطارًا لمثل هذا الاتفاق مُوضّع بالفعل. مع ذلك، في حين أن وقف إطلاق النار قد يكون ممكنًا من حيث المبدأ، إلا أن شروط هدنة أطول أمدًا أكثر إثارة للجدل.

فقد رفضت روسيا دعوات وقف إطلاق النار في الماضي، مشيرةً إلى مخاوف من أن يستغل حلفاء أوكرانيا فترة التهدئة لإرسال المزيد من الأسلحة. ومع ذلك، فإن هذه النتيجة ستوفر هدنة قصيرة، وقد تمهد الطريق لمزيد من المحادثات، مع أن تحقيق سلام مستدام لا يزال مستبعدًا.

أقرا أيضا.. لماذا يراهن خامنئي على ترامب وسط تراجع إيران في المحادثات النووية

السيناريو الثالث: وساطة ترامب تُحدث تغييرًا جذريًا بالمحادثات

السيناريو الأقل ترجيحًا، ولكنه لا يزال واردًا، هو زيارة الرئيس ترامب إلى إسطنبول للتوسط في محادثات بين بوتين وزيلينسكي. في هذه الحالة، قد يقدم ترامب خطة سلام تُصب في مصلحة روسيا بشدة، مما يضغط على زيلينسكي إما لتوقيع الاتفاق أو المخاطرة بفقدان دور ترامب بالكامل.

من المرجح أن يُنظر إلى هذا السيناريو على أنه انتكاسة كبيرة لأوكرانيا، لأنه سيُجبر زيلينسكي على اتخاذ موقف صعب بين السلام بشروط غير مواتية أو استمرار الصراع دون دعم أمريكي.

في حين أن هذا السيناريو هو الأقل ترجيحًا، فمن الواضح أن تأثير ترامب في هذه المحادثات قد يُجبر أوكرانيا على تقديم تنازلات صعبة. المخاطر الأوسع: التأثير على العلاقات العالمية والسلام

مع استمرار الحرب دون أي حل واضح في الأفق، يُفاقم غياب بوتين عن محادثات إسطنبول حالة عدم اليقين. ويثير رفضه التواصل المباشر مع زيلينسكي تساؤلات حول التزام روسيا بالسلام، كما أن عدوانه المستمر في أوكرانيا يُفاقم المخاوف من تصاعد هذه الحرب، مما يُزعزع استقرار أوروبا لسنوات قادمة.

في غضون ذلك، ورغم أن مشاركة ترامب في محادثات السلام لا تزال غير مؤكدة، إلا أنها قد تُعيد رسم ملامح العلاقات الأمريكية الروسية. وقد تُفاقم محاولاته للتوسط في السلام من توتر علاقته مع حلفائه الأوروبيين، الذين قد يرون في أفعاله تقويضًا لجهودهم الرامية إلى كبح جماح العدوان الروسي.

لا يزال الوضع في أوكرانيا يمر بمنعطف حرج، وقد تكون للخطوات التالية في إسطنبول، سواءٌ أفضت إلى وقف إطلاق نار أو إلى مزيد من الصراع، عواقب عالمية طويلة الأمد.

زر الذهاب إلى الأعلى