فنلندا تستعد للمستقبل.. استثمار 1.45 مليار يورو في أقوى سفنها الحربية

أطلقت البحرية الفنلندية أول كورفيت متعدد الأغراض من فئة “بوهجانما”، ضمن برنامج التحديث الطموح المعروف باسم “سرب 2020″، وذلك في حوض بناء السفن التابع لشركة “راوما للإنشاءات البحرية” (RMC).
يُمثِّل هذا الحدث أول مرة تدخل فيها سفينة من هذه الفئة المياه، بعد عملية تقنية دقيقة شملت نقل الهيكل المكتمل على بارجة غاطسة، ومن ثم سحبه إلى حوض جاف لتركيب الصاري واستكمال التجهيزات.
فنلندا تطلق أقوى سفنها الحربية
حضر حفل الإطلاق عدد من كبار ممثلي القوات الدفاعية الفنلندية وشركة Saab ولويدز ريجستر، في مشهد يعكس الطبيعة التعاونية لهذا المشروع الاستراتيجي، واقوى سفن حربية لفنلندا.
سرب 2020: من التخطيط إلى التنفيذ رغم العقبات السياسية والوبائية
بدأ التخطيط لبرنامج “سرب 2020” في عام 2008 وأُطلق رسميًا عام 2015، بهدف استبدال سبع سفن قديمة في الأسطول الفنلندي. تأخرت عمليات الشراء بعد استقالة الحكومة الفنلندية عام 2019، لكن التقدم استؤنف بتوقيع عقد بقيمة 647.6 مليون يورو مع شركة RMC في سبتمبر من نفس العام.
- كورفيت “بوهجانما” الفنلندي الجديد
شهدت أعمال التصميم تأخيرات بسبب جائحة كوفيد-19 وتعقيدات التطوير التقني، ما أدى إلى تأخير يتراوح بين ستة أشهر و18 شهرًا. ورغم ذلك، بدأ قطع الفولاذ للسفينة الأولى في أكتوبر 2023، وتم وضع عارضتها في أبريل 2024.
إطلاق تسلسلي للسفن: الإنتاج يتسارع رغم التحديات
بدأ بناء السفينة الثانية في أكتوبر 2024، متقدمًا على الجدول الزمني، ووُضعت عارضتها في 8 مايو 2025. ومن المتوقع بناء السفينتين الثالثة والرابعة لاحقًا خلال عام 2025.
ويجري تصنيع السفن الأربع بواسطة RMC وشركتها التابعة RMC Defence Oy، في منشآت تم تطويرها خصيصًا لتلبية معايير حلف شمال الأطلسي.
أكبر سفن قتالية سطحية في تاريخ البحرية الفنلندية الحديث
يبلغ طول سفن فئة “بوهجانما” 117 مترًا، وعرضها حوالي 16.5 متر، وتزن كل منها حوالي 4300 طن، ما يجعلها أكبر سفن قتالية سطحية تبنيها فنلندا منذ ثلاثينيات القرن الماضي. تم تصميم هذه السفن لتحمّل العمل لمدة 14 يومًا متواصلة، مع مدى يصل إلى 3500 ميل بحري، وقدرة على العمل طوال العام حتى في مياه بحر البلطيق المتجمدة.
اقرأ أيضًا: أمريكا تضاعف إنتاج صواريخ “جافلين”.. سباق تسلّح لوجستي قبل انفجار الأزمات المقبلة
نظام دفع متكامل عالي الكفاءة يُمكّن من مهام متعددة وسرعات عالية
يعتمد الكورفيت على نظام دفع هجين (CODLAG) يجمع بين الديزل، والكهرباء، والتوربين الغازي، باستخدام محركات MAN ومولد توربيني من طراز GE LM2500، بقدرة إجمالية تبلغ 28 ميجاواط. تتيح هذه المنظومة للسفينة بلوغ سرعات تتجاوز 26 عقدة، مع أداء صوتي منخفض في المهام المضادة للغواصات.
رادارات متطورة وأنظمة إدارة قتال متكاملة بإشراف Saab
تتولى شركة Saab السويدية تزويد السفن بنظام إدارة القتال 9LV، المتكامل مع رادارات AESA Sea Giraffe 4A FF وSea Giraffe 1X، إلى جانب أنظمة التوجيه CEROS 200. تدعم هذه الأنظمة العمليات الجوية والسطحية وتحت السطحية، بما في ذلك مهام القيادة والسيطرة ضمن بيئة قتالية شبكية.
- مراحل تصنيع أول كورفيت متعدد الأغراض من فئة “بوهجانما” لصالح البحرية الفنلندية
تسليح متنوع بصواريخ Gabriel V وESSM Block 2 وأسلحة مضادة للغواصات
تتسلح كل سفينة بمدفع بحري Bofors Mk3 عيار 57 ملم، ومحطتي إطلاق Saab Trackfire، بالإضافة إلى صواريخ Gabriel V المضادة للسفن وعددها 8، وأنظمة دفاع جوي تشمل 32 صاروخًا من طراز RIM-162 ESSM Block 2 المثبتة ضمن خلايا VLS Mk 41. كما تُزوّد بطوربيدات Saab Torped 47، وقدرة على زرع 100 لغم بحري.
جاهزية كاملة للمهام المتعددة في بيئة البلطيق وتحت مظلة الناتو
تتميز هذه الكورفيتات بقدرات متعددة تشمل الحرب ضد السطح، والدفاع الجوي، ومكافحة الغواصات، وزرع الألغام، والقيادة والسيطرة، وحماية الممرات البحرية، وتكاملها مع قدرات الناتو.
كما تشمل التجهيزات أنظمة طائرات بدون طيار ومرافق لطائرات الهليكوبتر، مما يزيد من مرونة العمليات.
تصميم خاص للبيئة الفنلندية رغم الجدل المحلي
رغم بعض الانتقادات المحلية التي تساءلت عن حجم السفن ومدى ملاءمتها للمياه الساحلية، أكدت القيادة البحرية أن التصميم يعكس الحاجة لدمج مهام عديدة ضمن هيكل واحد.
ووفق تصريحات قائد الأسطول الفنلندي، فإن السفن مُصممة خصيصًا للعمل في بيئة البلطيق، وليس للمياه الزرقاء أو المهام البعيدة.
تكلفة البرنامج تتجاوز التقديرات الأولى .. ولكن الطموحات مستمرة
ارتفعت تكلفة برنامج “سرب 2020” من 1.2 مليار يورو إلى 1.45 مليار يورو، وتشمل هذه الميزانية تكلفة البناء وتكامل الأنظمة والتجهيزات المرتبطة. وفي عام 2022، تم اقتراح تمويل إضافي بقيمة 104 ملايين يورو لتغطية التكاليف الممتدة حتى عام 2027.
من المتوقع أن تدخل السفن الخدمة بين عامي 2027 و2029، وتبقى في الخدمة حتى خمسينيات القرن الحالي.
اقرأ أيضاً.. صاروخ إسكندر الروسي يدمر بطارية باتريوت أمريكية في أوكرانيا- هل تتغير قواعد الاشتباك؟