فى يوم ميلاد عادل إمام.. مواقف اجتماعية وفكرية للزعيم

تمثل حياة بعض رموز الفن صورة من حياة أوطانهم، وفى يوم ميلاد عادل إمام نتذكر مواقف اجتماعية وفكرية للزعيم، منها:

حادث ثأر دامي حرك عادل إمام لزيارة سوهاج عام 2002

تشكل حوادث الثأر في الصعيد أحد أكبر الأزمات الاجتماعية المتوارثة من فكر بدائي مهدد لتمدن المجتمع وسيطرة قوة القانون، وخلال عام 2002 سيطر على محافظة سوهاج حادثة ثأر بين عائلتين ضج لها الرأي العام المصري لبشاعتها وعدد قتلاها، مما دعا الفنان عادل إمام بمبادرة شخصية منه للعمل على تنظيم عرض مسرحي في قلب مدينة سوهاج، إيمانًا منه بدور الفنون في تهذيب المجتمعات والترفيه عن نفوس أضناها الحزن والبحث عن الموت قبل البحث عن الحياة.
ليتواصل الفنان مع صديقه الصحفي بجريدة الأهرام أستاذ محمود موسى وينسق زيارته الحافلة لسوهاج وسط تنسيق أمني كبير، وزخم جماهيري لنجم الشعب الأول، وبالفعل
تمت الزيارة التاريخية خلال أيام حيث نسقت الجهات المعنية في سوهاج نقل الديكور والأجهزة الفنية والاتفاق على موعد محدد، وزار عادل إمام سوهاج في أكتوبر 2002.
وقام بعمل حفلات لمسرحية بودي جارد علي الاستاد الرياضي، وفي حواره المنشور في الأهرام قبل 20 عاما
يقول عادل إمام : “زيارتي لسوهاج تأتي بعد حادث الثأر الأليم، والحقيقة أنني تألمت كثيراً لهذه الجريمة التي راح ضحيتها 22 شخصاً بينهم طفل كان في حضن جده، يومها قررت أن أعبر عن رفضي لما حدث معلناً رغبتي في عرض مسرحية “بودي جارد” هناك، والتبرع بدخلها لمصلحة مشاريع خيرية في المحافظة”.

وأضاف: “زيارتي لسوهاج لا تقل أهمية عن زيارتي عام 1988 لمحافظة أسيوط لمناهضة الإرهاب والتطرف، بعد ما قامت جماعة إرهابية بالاعتداء على فرقة فنية، يومها قلت إنني أساند الفنانين-يقصد زيارة أسيوط بعد حادثة الإرهاب الشهيرة هناك – أما زيارتي لسوهاج فبهدف إعلان صرخة احتجاج ضد حوادث الثأر، فهذه الأمور الإنسانية تصيبني بالحزن. فأنا لستُ مجرد فنان يسعد جمهوره فقط، وإنما أعيش مشكلات وطني وقضاياه وهمومه، وأنشغل بجد في أعمالي بكل ما يتعلق بالوطن في الداخل والخارج.

عادل إمام في أسيوط مناضلاً بالفن ضد الإرهاب

خلال عام 1988، أثارت زيارة الفنان عادل إمام إلى أسيوط ضجة كبيرة لما تمثله تلك الخطوة من مغامرة هائلة وتحدي مباشر للإرهاب الذي استهدف شباب هواة للمسرح في قرية “كودية الإسلام” بمحافظة أسيوط بجنوب مصر .

حيث أقدم عادل إمام على الانتقام الفني الكبير من ذلك الحادث الأليم بعرض مسرحي لمسرحيته “الواد سيد الشغال”، تضامنًا مع فرقة المسرح التي استهدفت من الإرهاب إبان ذروة صعود الجماعات الإرهابية بأواخر التمنينات، تلك الموجة المتطرفة التي استمرت لتسعينات القرن الماضي ومابعدها..
وأوضح عادل إمام فى تصريحات صحفية وقتها سبب الزيارة لأسيوط وتقديم هذا العرض المسرحي التاريخي، حيث قال
«قررت أن أذهب للوقوف إلى جوار هؤلاء الفنانين وللدفاع أيضًا عن نفسى وأسرتى ووطنى.. ذهبت لأدافع عن الفن الذى أحبه، لأدافع عن صورتى أمام أولادى لكى يعرفوا جيدًا أن مهنتى ليست حرامًا وأن الطعام الذى يأكلونه والتعليم الذى يتعلمونه وحياتهم كلها ليست حرامًا فى حرام.. ولكن يدركون أننى أكسب أموالى من عرق جبينى ومن خلال أشرف مهنة وهى الفن.. قررت الذهاب لإحساسى بوطنى، لأننى عندما تأملت ما يمكن أن يحدث فى المستقبل إذا استمر هذا الإرهاب الأسود انتابنى الفزع».

هذا وكان استقبال الجمهور في أسيوط للزعيم بمحطة القطارات وفي العرض، وخلال جولته بالصعيد، استقبالا تاريخياً لن ينسي بين صفحات ناصعة لتصدي الفن المصري لزحف الإرهاب على عقله الجمعي.

فنان بدرجة مثقف

لا يعرف الكثيرين أن خلف هذا الفنان الكبير الذي سيطرت الكوميديا على معظم أعماله والذي مثل عشرات الأفلام والمسرحيات والمسلسلات بطرق أقرب للبساطة منها للعمق والتعقيد، أن خلف ذلك المجهود الفني والنجاح الشعبي فنان ذو موقف فكري واضح،ووطنية مصرية خالصة، وثقافة عالية نتجت عن تعليم متميز وقراءات مجتهدة لكثير من الكتب، ومعرفة قريبة من كُتاب ومفكرين كبار منهم على سبيل المثال الأستاذ محمد حسنين هيكل، والدكتور فرج فودة والأستاذ وحيد حامد ، و آخرين من رموز الثقافة المصرية..
هذة المعرفة الثقافية التي ساعدت عادل إمام في رؤيته الفنية وفي كثير من اختيارات مشواره الفني،وفي فترات انتقالية مهمة في حياته، حيث كانت أعماله ومواقفه مواكبة لتطور الصراع الاجتماعي الثقافي والسياسي في مصر، خاصة لما اضلع به من دور تنويري وتحرري استمر في خطه الفني ضد كل تيارات التشدد الديني، وموجة “السينما النظيفة”، ليقدم خلال أكثر من 60 عام متصلة أعمال شكلت جزء أساسي من وجدان الشعب المصرى، والشعوب الناطقة بالعربية.

كتبت – أميرة أبو شهبة

زر الذهاب إلى الأعلى