فيديو ثانيتان يفضح شبكة الدفاع الجوي للمفاعل “نطنز” في إيران

في حادثة غير مسبوقة من حيث تداعياتها الأمنية، أدّى نشر وسائل الإعلام الرسمية في إيران لمقطع فيديو لا تتجاوز مدته ثانيتين إلى تسريب معلومات حساسة للغاية حول الدفاعات الجوية المحيطة بمنشأة نطنز النووية، التي تُعد أحد أكثر الأهداف الإستراتيجية حراسة في البلاد.
الباحث في مركز “جيمس مارتن” لدراسات منع الانتشار، سام لير، وصف المقطع بأنه “أوضح ما رأيناه حتى الآن من معلومات حول أنظمة الدفاع الجوي التي تحمي منشآت إيران النووية”. وأضاف: “كمية البيانات التي وفّرها المقطع مذهلة، وتكشف تفاصيل كانت تعتبر سرًا من أسرار الدولة”.
فيديو إيران يكشف دفاعات جوية “مجزأة ومكشوفة” حول المفاعل النووي
من خلال تحليل الفيديو، استطاع فريق لير تحديد مواقع أربعة رادارات تغطي منشأة نطنز. وشملت هذه الأنظمة رادار “نجم 804” المرتبط بنظام الدفاع الجوي الإيراني “خرداد 15“، بالإضافة إلى رادارات أصغر مخصصة لأنظمة “تور إم 1” الروسية قصيرة المدى، ونسخ محلية من الرادار السوفيتي القديم P-12، المستخدم في خمسينيات القرن الماضي.
لكن المفاجأة الكبرى لم تكن في نوع الرادارات، بل في كيفية تشغيلها. إذ تُعرض البيانات من كل رادار على شاشة منفصلة دون دمجها في شبكة مركزية تعرض صورة موحدة ومترابطة للمجال الجوي. وعلّق لير على ذلك قائلًا: “كان من المتوقع أن تكون منشأة بهذه الحساسية محمية بنظام قيادة وتحكم أكثر تطورًا… لكن الواقع أظهر العكس”.
غياب الطائرات المتقدمة يزيد الخطر
تعتمد إيران بشكل كبير على راداراتها الأرضية في ظل غياب طائرات مقاتلة حديثة أو أنظمة إنذار مبكر محمولة جوًا (AEW\&C)، وهي قدرات تُعد أساسية في عمليات الدفاع الجوي المتكاملة. وبينما طوّرت طهران بعض أنظمتها محليًا، إلا أن افتقارها للبنية التحتية الشبكية يجعل من تنسيق الدفاع عن مواقع مثل نطنز أمرًا بالغ الصعوبة.
اقرأ أيضاً.. شبح السماء.. روسيا تهدي أول مقاتلة من الجيل الخامس Su-57E لدولة عربية| من هي؟
منشأة محصنة.. ولكن السماء مكشوفة
رغم أن منشأة نطنز مُحصنة بشدة تحت الأرض، بمساعدة خبراء كوريين شماليين وفق تقارير سابقة، إلا أن الحماية الجوية تبقى الحلقة الأضعف. ويُعتقد أن تحصين المنشأة جعل تدميرها مستحيلًا دون استخدام أسلحة خارقة للتحصينات مثل قنابل GBU-57 الأمريكية، أو حتى سلاح نووي تكتيكي.
- بطارية صواريخ أرض-جو من نظام الدفاع الجوي خرداد 15
خرداد 15: درع نطنز الجوي
في قلب الدفاعات حول نطنز يقف نظام “خرداد 15″، الذي كشفت عنه إيران عام 2019. وهو نظام دفاع جوي بعيد المدى يعتمد على صواريخ “صياد 3” ويصل مداه إلى 120 كيلومترًا، مع قدرة على رصد الأهداف الشبحية على بعد 45 كيلومترًا. ويُقارن النظام من حيث الدور والكفاءة بنظام S-350 الروسي، ويدعم أنظمة أطول مدى مثل “بافار 373″ و”S-300 PMU-2″ و”S-200”.
ورغم فعالية خرداد 15، فإن قدراته تبقى محدودة بدون تكامل مع أنظمة أخرى، وخصوصًا مع الطائرات القتالية التي توفر تغطية رادارية أوسع واستجابة أسرع.
سو-35.. أمل إيران لتعزيز السماء
في محاولة لسد هذا النقص، تعتزم إيران تعزيز قواتها الجوية بمقاتلات “سوخوي-35” الروسية الحديثة، مع توقعات ببدء استلامها قبل نهاية عام 2025. ويُعرف رادار “إيربيس-إي” على متن هذه المقاتلة بأنه من الأقوى في العالم، مدعومًا برادارين إضافيين يعملان على النطاق L لاكتشاف الطائرات الشبحية وتنفيذ هجمات إلكترونية.
ويرى الخبراء أن امتلاك إيران لمقاتلات سو-35 قد يُجبرها على تسريع عملية ربط أنظمة الرادار الأرضية المختلفة بشبكة موحدة، ما قد يغير معادلة الدفاع الجوي جذريًا.
وتشير تقارير غير مؤكدة إلى أن طهران تسعى لشراء ما يصل إلى 64 طائرة، لتحل محل أسطول طائرات F-4D/E القديمة من عهد الشاه.
سماء المفاعل النووي مفتوحة!
الفيديو القصير الذي بُثّ عن طريق الخطأ لا يمثل مجرد زلة إعلامية، بل كشف عن ثغرة هيكلية في منظومة الدفاع الجوي الإيراني، أبرزها ضعف التنسيق بين الرادارات، واعتماد مفرط على أنظمة تقليدية.
وبينما تستعد إيران لتعزيز قواتها الجوية، يبدو أن منشأة نطنز، رغم تحصينها تحت الأرض، لا تزال معرضة للهجمات من السماء وهو أمر قد يُعيد حسابات كثيرة في المنطقة.
اقرأ أيضاً: أباتشي الأمريكية في مواجهة Z-21 الصينية .. سباق واشنطن وبكين| من يحسم معركة السماء؟