في ظل ضغوط التخلص منهم.. هل يتحول المسلحون الأجانب في سوريا لقتال الشرع؟

منذ تسلُّمه السلطة في سوريا، يواجه الرئيس أحمد الشرع، مجموعة من الملفات الشائكة تُهدِّد استقرار حُكمه داخليًا وخارجيها أبرزها ملف المقاتلين والمسلحين الأجانب في ظل ضغوط دولية مباشرة لإخراجهم من سوريا.
ويبرز ملف المقاتلين الأجانب كأحد أكثر القضايا تعقيدًا وخطورة، لكونه متداخلًا بين الأبعاد الأمنية، والسياسية، والدينية، بل وحتى الأخلاقية.
المسلحون الأجانب في سوريا
وفق تقارير يُقدر عدد المقاتلين الأجانب الذين ما زالوا داخل الأراضي السورية بعد سقوط نظام الأسد بنحو 1200 إلى 1500 مقاتل، غالبيتهم من جنسيات آسيوية (أوزبك، تركستان، طاجيك)، إضافة إلى مجموعات من شمال إفريقيا وأوروبا الشرقية.
وتنتشر هذه الجماعات في مناطق محدودة بمحافظة إدلب، وتحديدًا في مناطق جبل الزاوية، وجبل التركمان، وجسر الشغور، وبعض الجيوب الريفية في شمال حلب.
ورغم تراجع قوتهم العسكرية عقب الحرب على داعش وتفكيك “هيئة تحرير الشام” لغالبية الفصائل الجهادية، فإن وجودهم لا يزال يُعد خطرًا وجوديًا على أي مشروع سياسي مستقر في سوريا، خصوصًا في ظل عجز الشرع عن تفكيكهم بالكامل أو ترحيلهم، بسبب غياب القنوات القانونية والتنسيق الدولي.
الأمريكيون يطالبون بإخراج المسلحون الأجانب من سوريا
بحسب تقارير صحفية، فإن قضية المقاتلين الأجانب كانت محورًا رئيسيًا في المباحثات غير المعلنة بين الشرع وواشنطن. فالإدارة الأمريكية، التي وافقت على فتح قنوات تواصل مع الحكومة السورية الجديدة ، تضع ضمن أولوياتها التخلص من هؤلاء المقاتلين، سواء من خلال إعادتهم إلى بلدانهم أو نقلهم إلى دول ثالثة.
غير أن العقبة الكبرى تكمن في رفض الدول الأصلية استقبال مواطنيها، خصوصًا من يحملون فكرًا متشددًا أو لديهم تاريخ من الانخراط في جماعات مصنفة إرهابية.
وفي هذا السياق، طرحت الولايات المتحدة خيار نقل بعضهم إلى دول أفريقية بعيدة، بموجب اتفاقات سرية، أو حتى تسليمهم إلى “قوات سوريا الديمقراطية” لاحتجازهم في شمال شرق سوريا، وهو ما رفضه الشرع بشكل قاطع، معتبرًا أن ذلك يُشكل تهديدًا مباشرًا لحكومته.
ضغوط داخلية
داخليًا، لم يعد الملف محصورًا في المفاوضات، بل بدأ ينعكس توترًا على الأرض. إذ رصدت جهات محلية ازدياد حوادث الاشتباك بين خلايا مقاتلين أجانب من جهة، وقوات الأمن الداخلي التابعة للحكومة السورية الجديدة من جهة أخرى.
ويؤكد أحد المصادر الأمنية في إدلب أن المقاتلين الأجانب الذين كانوا يقاتلون في صفوف “الحزب الإسلامي التركستاني” و”جماعة الألبان” و”أجناد القوقاز”، “بدأوا في إعادة تنظيم أنفسهم ضمن خلايا صغيرة متفرقة، بعضها يتلقى دعمًا من خارج الحدود”.
هل يُقدم المسلحون الأجانب على فتح جبهة ضد الشرع؟
المخاوف من انقلاب السلاح بوجه الشرع نفسه باتت أكثر واقعية في ظل تزايد الشعور بالعزلة لدى هؤلاء المقاتلين، وتنامي الشعور بأنهم باتوا عبئًا لا بد من التخلص منه.
ويرى محللون أن الفصائل الأجنبية، التي كانت حليفة الشرع في وقت ما، قد تجد في القتال خيارها الوحيد لمنع تسليمها أو تصفيتها. خصوصًا أن بعض هذه الفصائل تمتلك تسليحًا متقدمًا، ولها حاضنة محلية محدودة لكنها موجودة، خاصة في مناطق جبل التركمان وسهل الروج.
ومن غير المستبعد أن تشهد الفترة القادمة تفجيرات أو هجمات محدودة تستهدف رموز حكومة الشرع أو مفاصلها الأمنية، في رسالة تحذيرية قبل التحول إلى المواجهة المباشرة، ما لم تُعالج القضية سياسيًا أو دوليًا.
خيارات حكومة الشرع
وفق تقارير، تبدو خيارات حكومة الشرع محدودة في التعامل مع ملف المقاتلين الأجانب ويبدو أن الترحيل القسري غير ممكن دون تعاون دولي.
كما إن الاحتواء المحلي محفوف بالمخاطر الأمنية والعقائدية، أما الاشتباك المفتوح سيقوّض شرعية الحكومة الجديدة ولذلك، يلجأ الشرع حاليًا إلى خيار ثالث يتمثل في تفكيك التنظيمات الأجنبية من الداخل عبر تجنيد عملاء محليين في صفوفها، وإثارة الشقاق بين قادتها، وهو تكتيك استخدمه سابقًا خلال معاركه ضد “داعش” و”حراس الدين”.
اقرأ أيضًا: الشرع يكشف عن فرصة لم تحدث منذ 500 عام في سوريا.. ماذا يقصد؟