قادة حماس في الدوحة يتلقون أوامر بإلقاء السلاح وسط محادثات وقف إطلاق النار

تلقى كبار قادة حماس في الدوحة تعليمات من وسطاء قطريين بتسليم أسلحتهم الشخصية، في بادرة رمزية تهدف إلى دفع محادثات وقف إطلاق النار التي توسطت فيها الولايات المتحدة مع إسرائيل، وإنهاء الحرب المستمرة في غزة.

يُعتبر هذا التوجيه، الذي كُشف عنه في الوقت الذي تدرس فيه حماس مقترحًا جديدًا مدعومًا أمريكيًا، خطوة مهمة في المفاوضات، حيث طالبت إسرائيل باستمرار بنزع سلاح الحركة بالكامل كشرط مسبق للسلام.

ووفقًا للبيانات الصادرة يوم الأربعاء، تُجري حماس مراجعة نشطة لعرض وقف إطلاق النار الأخير. ويتضمن الاقتراح، الذي طرحه الرئيس ترامب، موافقة إسرائيل على وقف الأعمال العدائية لمدة 60 يومًا، مع إمكانية إطلاق سراح الرهائن، بينما يعمل الطرفان على التوصل إلى هدنة دائمة.

أعلنت حماس: “نُجري مناقشاتٍ للتوصل إلى اتفاقٍ يضمن إنهاءَ الاعتداءات، وانسحابَ القوات، وتقديمَ المساعدات لأهالي غزة”.

شخصياتٌ رئيسيةٌ أُمرت بنزع سلاحها

أكدت مصادرٌ أن كبارَ مفاوضي حماس خارج غزة، بمن فيهم خليل الحية وأعضاءٌ آخرون في المكتب السياسي مثل زاهر جبارين ومحمد إسماعيل درويش، قد طُلب منهم تسليم أسلحتهم. تُعدّ هذه الشخصيات، التي شارك بعضها بنشاطٍ في مفاوضاتٍ غير مباشرة مع إسرائيل والتقت بقادةٍ من إيران وتركيا، محوريةً في الاستراتيجية السياسية للحركة.

يُعدّ طلب نزع السلاح رمزيًا للغاية، إذ يُشير إلى تزايد ضغط قطر على حماس لإظهار استعدادها للتسوية. ومع ذلك، تبقى السلطةُ النهائيةُ للموافقة على أيِّ وقفٍ لإطلاق النار في يد عز الدين الحداد، القائدُ العسكريُّ لحماس في غزة.

الخسائرُ الإنسانية: وفاةُ مدير مستشفى غزة

مع استمرار محادثات وقف إطلاق النار، تتفاقمُ الأزمةُ الإنسانيةُ في غزة. يُسلّط استشهاد الدكتور مروان سلطان، مدير المستشفى الإندونيسي في شمال غزة، إلى جانب ثمانية من أفراد عائلته في غارة إسرائيلية، الضوء على الخسائر المتزايدة في صفوف الكوادر الطبية. ووفقًا لوزارة الصحة التي تديرها حماس، فقد قُتل أكثر من 1500 من الكوادر الطبية منذ اندلاع الحرب.

وقد كان للدكتور سلطان، الذي يُشاد به كأحد أبرز أطباء القلب في غزة وأحد رواد العمل الإنساني، دورٌ محوري في الحفاظ على خدمات الرعاية الصحية المحدودة في الشمال، حيث دُمرت معظم المستشفيات أو أُجبرت على الإغلاق. وصرح الجيش الإسرائيلي بأنه يُراجع ملابسات الغارة.

الأهداف الإسرائيلية: “حماس لن تعود موجودة”

على الصعيد العسكري، أكّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن القضاء التام على حماس لا يزال الهدف الرئيسي لإسرائيل. وخلال زيارة قام بها مؤخرًا لخط أنابيب نفط رئيسي، صرّح نتنياهو: “سنُدمرهم بالكامل. سنُطلق سراح جميع الرهائن، مع تدمير حماس. على عكس ما يُقال، هذه أهداف غير متعارضة”.

أعرب الرئيس ترامب عن أمله في إمكانية تطبيق وقف إطلاق نار مؤقت في وقت مبكر من الأسبوع المقبل، قبل اجتماع مقرر في البيت الأبيض مع نتنياهو. في غضون ذلك، أكد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر التزام إسرائيل بصفقة محتملة تتضمن إطلاق سراح جميع الرهائن الخمسين المتبقين، أحياءً كانوا أم أمواتًا، لدى حماس.

تفاصيل الصفقة: تبادل الرهائن ولوجستيات المفاوضات

تشير التقارير إلى أن الصفقة قيد النقاش قد تتضمن إطلاق سراح عشرة رهائن أحياء وإعادة 18 جثة، على فترات 60 يومًا مقابل أسرى فلسطينيين. وبينما لعب الوسطاء القطريون والمصريون أدوارًا رئيسية، لم يسافر أي مفاوض إسرائيلي إلى الدوحة أو القاهرة حتى الآن، في إشارة نموذجية إلى أن المفاوضات الرسمية وشيكة.

على الرغم من الضغوط الدولية المتزايدة، بما في ذلك الدعوات لإيجاد بدائل لحكم حماس في غزة، لا تزال الحركة تعاني من ضغط هائل. وقد أدى تدمير البنية التحتية المدنية في غزة وتشريد ما يقرب من جميع سكانها – أكثر من 57 ألف قتيل وفقًا لوزارة الصحة التي تديرها حماس – إلى تفاقم الحاجة الملحة إلى وقف إطلاق نار تفاوضي.

اقرأ أيضا.. إعادة تشكيل النظام العالمي.. كيف يمكن لمجموعة البريكس الصمود في وجه تحدي أمريكا أولًا؟

كارثة غزة الإنسانية

مع سيطرة القوات الإسرائيلية أو حصارها لمعظم غزة، وانتشار النزوح والمجاعة على نطاق واسع، بلغت الأزمة المدنية مستويات غير مسبوقة. معظم المستشفيات خارج الخدمة، ومنظمات الإغاثة تحذر من كارثة متنامية مع تزايد حصيلة ضحايا الحرب.

مع تكثيف الجهود الدبلوماسية في الدوحة، يُراقب عن كثب أمر نزع سلاح قادة حماس السياسيين، باعتباره مقياسًا لمدى استعداد الحركة لقبول تغييرات جوهرية. إلا أن القرار النهائي يقع على عاتق الجناح العسكري للحركة الذي لا يزال متحصنًا في غزة، مما يُبرز التحديات الجسيمة التي لا تزال قائمة قبل أن يترسخ أي سلام دائم.

زر الذهاب إلى الأعلى