قبل اجتماع البنك المركزي غدا.. رحلة أسعار الفائدة والتضخم في مصر منذ بداية 2024
تتوجه الأنظار غدًا الخميس، نحو اجتماع البنك المركزي المصري، الذي يعتبر نقطة تحول حاسمة في السياسة النقدية للبلاد، حيث تأتي هذه الجلسة في ظل بيئة اقتصادية عالمية مضطربة.
وتعيش مصر في عام 2024 واحدة من أكثر الفترات تحديًا من الناحية الاقتصادية، حيث تتداخل أسعار الفائدة مع معدلات التضخم بشكل يتطلب فهمًا دقيقًا للتوجهات الاقتصادية والسياسات النقدية.
وشهدت الدولة المصرية، خلال العام الجاري رحلة مليئة بالتحديات والمفاجآت فيما يتعلق بأسعار الفائدة ومعدلات التضخم، وفي بداية العام، كان التضخم يلامس مستويات قياسية، مما دفع البنك المركزي إلى اتخاذ تدابير صارمة لمواجهة الضغوط التضخمية المتزايدة.
وفي هذا التقرير، من خاص عن مصر، نستعرض أبرز قرارات لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري وأسعار الفائدة، إلى جانب تطورات معدلات التضخم منذ بداية العام، وتأثير ذلك على الوضع الاقتصادي العام في البلاد.
اقرأ أيضًا: استثمارات بـ6.4 مليار دولار لتوطين صناعة السلع الاستفزازية في مصر
بداية التحركات النقدية
وفي فبراير 2024، قررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة بمقدار 200 نقطة أساس، ليصل العائد إلى 21.25% و22.25% على التوالي، كما ارتفع سعر العملية الرئيسية للبنك المركزي إلى 21.75%، ورفع سعر الائتمان والخصم إلى 21.75%.
وجاءت هذه القرارات وسط تفاقم معدلات التضخم، حيث سجل المعدل السنوي للتضخم العام 29.8% في يناير، والمعدل الأساسي 29.0%، في حين كان الهدف من رفع أسعار الفائدة هو كبح جماح التضخم المتزايد، والذي بدأ يؤثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للمواطنين.
رفع حاد لأسعار الفائدة من البنك المركزي
وفي 6 مارس 2024، قررت لجنة السياسة النقدية اتخاذ خطوة جريئة برفع سعري عائد الإيداع والإقراض بمقدار 600 نقطة أساس، ليصل العائد إلى 27.25% و28.25% على التوالي، وقد ارتفع أيضًا سعر العملية الرئيسية إلى 27.75%، وسعر الائتمان والخصم إلى 27.75%.
والقرار جاء في وقت شهدت فيه مصر ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات التضخم، حيث سجل المعدل السنوي للتضخم العام 35.7% في فبراير، والمعدل الأساسي 35.1%، و=وبدا واضحًا أن البنك المركزي يسعى بشكل جاد لمواجهة الضغوط التضخمية المتزايدة.
مايو ويوليو 2024
وفي 23 مايو 2024، قررت لجنة السياسة النقدية الإبقاء على أسعار الفائدة عند مستوياتها المرتفعة، حيث استقر العائد عند 27.25% و28.25% وسعر العملية الرئيسية عند 27.75%، وتم الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند 27.75%. وقد كان هذا القرار انعكاسًا للمتغيرات العالمية والمحلية.
وفي 18 يوليو 2024، تكرر السيناريو نفسه، حيث تم الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، لتبقى الأرقام ثابتة عند 27.25% و28.25% و27.75%، ولم يكن هناك أي تغيير في السياسة النقدية، مما يشير إلى أن البنك المركزي كان يراقب الوضع الاقتصادي عن كثب، ويحاول التعامل بهدوء مع الوضع.
اقرأ أيضًا: اقتصاد العالم في قبضة مصر.. الموانئ المصرية تسيطر على حركة التجارة الدولية
سبتمبر 2024 استمرار الثبات
وفي 5 سبتمبر 2024، استمرت اللجنة في نفس الاتجاه، حيث تم الإبقاء على أسعار الفائدة عند مستوياتها، مع استمرار المخاوف بشأن معدلات التضخم، وفي هذا الوقت، سجل المعدل السنوي للتضخم العام 26.4%، والمعدل الأساسي 25.0%.
تحليل معدلات التضخم
ومنذ بداية العام، شهدت معدلات التضخم في مصر تغييرات ملحوظة، ففي يناير 2024، بدأ المعدل السنوي للتضخم العام عند 29.8%، ثم ارتفع إلى 35.7% في فبراير، وهو ما يعكس الضغوط المتزايدة على الأسعار.
ولكن مع مرور الوقت، بدأت المعدلات تتجه نحو الانخفاض، حيث سجل التضخم العام 28.1% في مايو، و27.5% في يونيو، ثم 25.7% في يوليو.
وهذا الاتجاه في التضخم، رغم أنه قد يبدو إيجابيًا، إلا أنه لا يزال أعلى من المعدلات المستهدفة، مما يشير إلى أن التضخم لا يزال يمثل تحديًا كبيرًا للسياسات النقدية في البلاد.
رابط بين أسعار الفائدة والتضخم
ويرتبط رفع أسعار الفائدة بشكل مباشر بتوجهات التضخم، فعندما يتم رفع أسعار الفائدة، يصبح الاقتراض أكثر تكلفة، مما يؤدي إلى تقليل الإنفاق والاستثمار، وبالتالي يساهم في كبح جماح التضخم.
وقد اتخذ البنك المركزي المصري خطوات سريعة وفعالة لرفع أسعار الفائدة في بداية عام 2024، مستجيبًا للتحديات التضخمية.
ومع ذلك، تبقى معدلات التضخم مرتفعة نسبيًا، مما يجعل من الضروري أن يظل البنك المركزي حذرًا في قراراته القادمة، فالإبقاء على أسعار الفائدة المرتفعة لفترة طويلة قد يؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي والاستثمار في البلاد.
اقرأ أيضًا: ما وراء الكواليس.. كيف أعادت مصر وروسيا إحياء مشروع مدينة الشمس بقناة السويس؟
هل يخفض البنك المركزي المصري الفائدة؟
وبعد خفض البنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، يتساءل البعض: هل يخفض البنك المركزي المصري الفائدة؟.
ولكن يتوقع بعض الخبراء، أن يبقي البنك المركزي المصري على أسعار الفائدة الحالية، مشيرًا إلى أن الظروف الاقتصادية المحلية، بما في ذلك معدلات التضخم المرتفعة، لا تسمح بتخفيض الفائدة في الوقت الراهن.
وأشار الخبراء، إلى أن السياسات النقدية الصارمة لا تزال ضرورية لمواجهة التحديات الاقتصادية الحالية، وخاصة مع استمرار التضخم عند مستويات مرتفعة.
التوقعات المستقبلية لقرار البنك المركزي
ومع اقتراب اجتماع البنك المركزي المقرر غدًا، يترقب الجميع ما ستسفر عنه قرارات لجنة السياسة النقدية، وهل ستظل أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية، أم سيكون هناك تغيير؟، حيث ستلعب العوامل المحلية والدولية دورًا محوريًا في اتخاذ هذا القرار.
ويظل الهدف الأساسي هو تحقيق استقرار الأسعار وتحفيز النمو الاقتصادي، ولذلك يتمثل دور البنك المركزي في إيجاد توازنًا بين كبح التضخم وتعزيز الاستثمار والنمو.