قرار صادم من دولتين أوروبيتين ضد اللاجئين… هل انتهت الحماية الغربية للسوريين؟
في تحوّل دراماتيكي يُهدِّد استقرار آلاف السوريين في أوروبا، أعلنت كل من اليونان وقبرص عن بدء إصدار قرارات رفض بحق طالبي اللجوء السوريين، في خطوة تُعد الأولى من نوعها منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، ما أثار صدمة في أوساط اللاجئين والمنظمات الحقوقية.
وبحسب وسائل إعلام، صرح وزير الهجرة واللجوء اليوناني، ثانوس بليفريس، لصحيفة “بروتو تيما” أن السلطات بدأت مؤخرًا بإصدار قرارات رفض بحق متقدّمي اللجوء من السوريين، بعد دراسة خلفياتهم الشخصية وأسباب مغادرتهم لبلادهم.
وقال الوزير، إن بلاده لن تتسامح مع “إساءة استخدام نظام الحماية الدولية”، مؤكدًا أن اليونان أصبحت ثاني دولة أوروبية بعد قبرص تتخذ هذا النهج.
ويأتي هذا القرار بعد أكثر من عقد من منح الحماية المؤقتة للسوريين، ويبدو أنه بداية لنهاية سياسية طالما شكلت مظلة إنسانية لعشرات الآلاف من اللاجئين الهاربين من الحرب والقمع.
مراجعة ملفات اللاجئين السوريين في اليونان
في أواخر يونيو الماضي، أصدر رئيس دائرة اللجوء اليونانية، ماريو كالياس، تعليمات مباشرة لموظفيه لتطبيق التغيير الجديد. كما أبلغت الحكومة اليونانية المنظمة الدولية للهجرة بضرورة استئناف برنامج العودة الطوعية إلى سوريا، وهو ما اعتبره مراقبون مؤشراً خطيراً على تغيّر النظرة الأوروبية نحو الوضع الأمني في سوريا بعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر الماضي.
ولم يتوقف الأمر عند رفض الطلبات الجديدة، بل أعلنت السلطات اليونانية عن نيتها مراجعة ملفات اللاجئين السوريين الذين حصلوا على الحماية في السنوات الماضية. وهددت بسحب صفة “لاجئ” ممن تنتفي عنهم الأسباب التي أدّت إلى منحهم الحماية، ما يضع مستقبل آلاف السوريين في مهب الريح.
ووفقًا للبيانات الحكومية، منحت اليونان منذ عام 2011 حق اللجوء لنحو 147 ألف سوري، يقيم منهم حوالي 5600 في مرافق إيواء مؤقتة، فيما دخل نحو 150 ألفًا آخرين البلاد بطرق غير رسمية بغرض العبور إلى دول أوروبية أخرى.
تمييز ديني في المعايير الجديدة
أثارت صحيفة “بروتو تيما” جدلاً واسعًا بعدما كشفت أن المعايير الجديدة تستهدف فئات محددة من السوريين، لاسيما الرجال المسلمين السنة غير المتزوجين، ممن لديهم أقارب داخل سوريا يمكنهم إعالتهم.
في المقابل، تستمر السلطات في استقبال طلبات لجوء بعض الأقليات الدينية، ما يطرح تساؤلات خطيرة حول تمييز ديني وطائفي في سياسة الهجرة واللجوء الجديدة.
انتقادات أوروبية وتحقيقات بحق اليونان
في الوقت نفسه، تخضع اليونان لتحقيقات من قبل وكالة حماية الحدود الأوروبية (فرونتكس) بشأن انتهاكات محتملة لحقوق اللاجئين، خصوصًا في ما يتعلق بعمليات الإعادة القسرية والتمييز في الإجراءات.
وتزايدت تحذيرات المنظمات الحقوقية من أن هذه القرارات قد تعرض السوريين لخطر العودة القسرية إلى بيئة غير آمنة، في ظل غياب أي ضمانات قانونية للحماية داخل سوريا.
بداية تحول أوروبي واسع؟
قرار اليونان وقبرص أثار تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الخطوة مجرد تحرك منفرد، أم مقدمة لتحول أوروبي شامل في ملف اللجوء السوري، خاصة مع ازدياد الأصوات المطالبة بتصنيف أجزاء من سوريا كـ”مناطق آمنة” بعد التطورات السياسية الأخيرة.
وسط هذا المشهد، يجد آلاف اللاجئين السوريين أنفسهم أمام مستقبل غامض، في ظل غياب وضوح أوروبي بشأن الالتزامات الإنسانية، وارتفاع مخاوف من أن يكون القرار الصادم بداية لنهاية الحماية الدولية للسوريين.
اقرأ أيضًا: الكراهية تخرج عن السيطرة.. لماذا فشلت ألمانيا في حماية السوريات؟