قصة خان الزراكشة في العصر المملوكي
كتبه : د. أبو العلا خليل
كان الخان فى العصور الوسطى بمثابة وكالة أو فندق معد لأستقبال التجار وبضائعهم . وللخان فناء تربط فيه الدواب ، وفى الدور الأرضى غرف مفتوحة على الفناء أو الصحن تعرض فيه بضائع التجار، وآخرى تطل على الشارع تؤجر كحوانيت للتجار ، وبأعلى الخان غرف ينزل فيها الوافدين .
والزراكشة أى الزردكاشية – د. حسن الباشا فى ” معلومات جديدة عن الإدارة المملوكية من خلال النقوش الأثرية ” – وهم صناع الزرد الذين يصنعون الأسلحة من السيوف والدروع والزرد وغير ذلك من أنواع السلاح .وقد سمى الخان بالزراكشة نسبة إلى زركشة المعادن ونقشها ، وكان الخان مقرا لهذه الصناعة .
وقد ورد ذكر ” خان الزراكشة ” فى وثيقة للزينى أبى بكر محمد بن مزهر الأنصارى كاتب سر السلطان قايتباى مؤرخة فى الثامن من شهر صفر سنة 879هـ / 1474م .
كما ورد ذكره فى وثيقة للسلطان الغورى بتاريخ عشرين شهر صفر سنة 911هـ بالنص التالى ( … المكان الكائن بالقاهرة المحروسة بخط الخيميين قريبا من الجامع الأزهر المعروف بخان الزراكشة … بشتمل على واجهة بها سبعة حوانيت وباب كبير … ) .
آلت ملكية خان الزراكشة إلى السلطان الغورى شراء من خوند فاطمة أبنة الزينى عبدالباسط بن خليل أرملة السلطان الظاهر جقمق ، وأوقفه الغورى على مصالح عمائره .
وفى عام 1187هـ / 1773م شرع الأمير محمد بك أبوالذهب فى إنشاء مدرسة تعاون الجامع الأزهر فى رسالته العلمية ، فاشترى قسم كبير من أرض خان الزراشكة ، وترك مدخل الخان وواجهة صغيرة منه . وقد أدى ذلك إلى عدم وجود المدخل الرئيسى فى منتصف الواجهة نظرا لأقتطاع جزء من الخان وضم مساحته إلى مسجد محمد بك أبوالذهب .
يذكر الجبرتى فى عجائب الآثار فى التراجم والأخبار ( وشرع محمد بك أبوالذهب فى بناء مدرسته التى تجاه الجامع الأزهر ، وكان محلها رباع متخربة ، فاشتراها من أربابها وهدمها وأمر ببنائها على هذه الصفة ) .
وقد تعارف على سكنى الخانات من الأجانب التى عدوها قطعة من أرضهم ، يمارسون فيها حياتهم كما هو الحال فى بلادهم من شرب للخمر وفعل سائر المحرمات ، وكان ذلك دافعا لقلتها وعدم إنتشارها . يذكر المقريزى فى السلوك لمعرفة دول الملوك فى حوادث شهر شعبان عام 667هـ ( وكتب السلطان الظاهر بيبرس بأزالة الخمور وأبطال الفساد والخواطئ … ونهبت الخانات التى جرت عادة أهل الفساد الأقامة بها ).