اقتصاد

قضية اللاجئين في مصر.. مكسب اقتصادي أم استنزاف؟

أثارت قضية اللاجئين في مصر جدلاً متزايداً مع تزايد أعداد الوافدين الفارين من النزاع المسلح في السودان وغزة.

في يناير 2024، خلال اجتماع عقده مجلس الوزراء المصري لمعالجة وضع اللاجئين، كشف رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أن مصر استقبلت 40% من الفارين من السودان.

كما واستضافت مليونًا ونصف المليون لاجئ سوري منذ عام 2012، ومن المتوقع أن لاستقبال المزيد من الفلسطينيين النازحين من غزة وسط الصراع المستمر.

وشدد مدبولي على أهمية تدقيق هذه الأرقام والتوثيق الدقيق لنفقات الدولة على الخدمات المقدمة لهؤلاء الضيوف.

ويأتي ذلك بهدف طلب المساعدات الدولية لتخفيف العبء المتزايد على الدولة خاصة أن وصل العدد الى 9 ملايين شخص.

لاجئون أم مهاجرون؟

ووفقاً للإحصاءات الرسمية، فإن أصغر مجموعة من التسعة ملايين هم اللاجئون وطالبو اللجوء، الذين يمثلون نحو 600 ألف شخص مسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر.

وتعمل المفوضية مع الحكومة المصرية لتوفير الحماية والخدمات القانونية لهذه المجموعات، وخاصة أولئك الذين تم تهجيرهم قسراً.

وتحاول المفوضية أيضًا ضمان إدراج اللاجئين في أنظمة الصحة العامة والتعليم في مصر من خلال تقديم الدعم في شكل إمدادات ومعدات طبية، ومساعدة مالية للمدارس التي سجلت لاستقبال اللاجئين.

اقرأ أيضًا.. خطوات تحديد اختبار القدرات للكليات 2024 وآخر موعد للتسجيل

وبصرف النظر عن هذا العدد، فإن الأفراد المتبقين هم الزوار والمقيمون المؤقتون، بالإضافة إلى المهاجرين الذين يحاولون تسوية وضعهم من خلال مختلف الوسائل القانونية للحصول على إقامة طويلة الأمد ومن ثم الاندماج في المجتمع.

وبحسب البيانات الرسمية، فإن 60 بالمئة من الأجانب المقيمين في مصر يقيمون في البلاد منذ نحو عشر سنوات، ويعمل 37 بالمئة منهم في وظائف دائمة في شركات مستقرة ولا تتلقى هذه المجموعات أي شكل من أشكال الدعم.

قضية اللاجئين في مصر تحدي اقتصادي أم فرصة؟

وبحسب هذه الإحصائيات فإن اللاجئين يمثلون الكتلة الأصغر من إجمالي عدد الأجانب المقيمين في مصر، ولا تتحمل الحكومة المصرية أعباءهم.

أما الفئات الأخرى من المقيمين، فهم ملتزمون بدفع ضرائبهم وتغطية كافة نفقات معيشتهم، ويتبعون ما نص عليه قانون الأجانب والقوانين واللوائح الأخرى ذات الصلة.

وفي الواقع، يدفع الطلاب الأجانب رسوم التسجيل في الجامعات المصرية، بالإضافة إلى نفقات الإقامة بالدولار الأمريكي والعملات الأجنبية الأخرى.

كما أن المدفوعات بالدولار الأمريكي لا تقتصر على الحصول على وثائق التسجيل الحكومية ولكنها تمتد في كثير من الأحيان إلى دفع الإيجار والنفقات الأخرى المتعلقة بشراء وبيع العقارات.

ويعود هذا الاتجاه إلى تزايد الثقة في العملات الأجنبية والاعتماد عليها بين أصحاب العقارات، الذين يفضلون في كثير من الأحيان استئجار العقارات للمغتربين، حيث يُنظر إليهم على أنهم يتمتعون بإمكانية الحصول على العملات الأجنبية بشكل أكبر من نظرائهم المصريين.

وقد أدى ذلك إلى زيادة الطلب على الخدمات التي تلبي تدفق الأجانب، الأمر الذي أدى بدوره إلى ارتفاع أسعار الإيجارات، مع تأثر الأسعار بشكل متزايد بسعر صرف العملات الأجنبية.

ويعتقد الكاتب المصري أكرم الألفي، أن معظم اللاجئين والمقيمين السودانيين والسوريين الذين قدموا إلى مصر ينتمون إلى الطبقتين العليا والمتوسطة.

يتمتع هؤلاء الأفراد برأس مال كبير ويمكنهم الاعتماد على مدخراتهم للعيش بشكل مريح والاندماج بسهولة في المجتمع، ولذلك فإن هذه المجموعات لا تمثل عبئا اقتصاديا بل فرصة اقتصادية لعدة أسباب.

أولاً، مع قيام الحكومة المصرية بتخفيض الدعم العلني للسلع والخدمات بشكل علني وعلني، فإن هؤلاء السكان لا يستفيدون من الموارد المدعومة التي يمكن أن تضغط على الميزانية والنفقات العامة.

ثانياً، يدفع هؤلاء اللاجئون تكاليف خدمات مثل الصحة والتعليم والإسكان بالدولار الأمريكي، مما يساهم في الاقتصاد الوطني بدلاً من استنزافه.

ثالثاً، أدى وجودهم في مصر إلى تنشيط القطاعات الاقتصادية التي استثمروا فيها، مثل العقارات والفنادق، والتي كان بعضها على وشك التراجع.

زر الذهاب إلى الأعلى