قطر تهدد بوقف صادرات الغاز للاتحاد الأوروبي بسبب قانون العناية الواجبة الجديد

القاهرة (خاص عن مصر)- أصدر وزير الطاقة في قطر سعد الكعبي تحذيرًا صارخًا للاتحاد الأوروبي،؛ حيث صرَّح بأن بلاده ستُوقِف صادرات الغاز الطبيعي إلى أوروبا إذا واجهت عقوبات كبيرة بموجب قانون العناية الواجبة الذي تبَنَّاه الاتحاد الأوروبي مؤخرًا.

وفقًا لتقرير فاينانشال تايمز، أثار هذا التشريع، الذي يتطلَّب من الشركات تلبية معايير صارمة لانبعاثات الكربون وحقوق الإنسان، موجة من المعارضة، وخاصةً من الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل قطر.

تأثير قانون العناية الواجبة الجديد

تنُصُّ توجيهات العناية الواجبة للشركات في الاتحاد الأوروبي، التي تم تقديمها في مايو 2024، على أن الشركات التي تدير أعمالًا في الكتلة يجب أن تلتزم بمعايير الاستدامة الصارمة وحقوق الإنسان. وقد يؤدي عدم الامتثال إلى غرامات، حيث تصل العقوبات إلى 5% من الإيرادات السنوية العالمية للشركة.

بالنسبة لقطر، التي تُعدُّ واحدة من أكبر الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال في العالم، فإن هذا التوجيه يفرض تحديات كبيرة.

كما قال سعد الكعبي لصحيفة فاينانشال تايمز، إذا واجهت قطر مثل هذه العقوبات، فإنها ستتوقف عن تصدير الغاز إلى الاتحاد الأوروبي. وحذر قائلاً: “إذا كانت القضية أنني أخسر 5٪ من عائداتي المتولدة بالذهاب إلى أوروبا، فلن أذهب إلى أوروبا”، مؤكداً أن مثل هذه الخسارة ستؤثر بشكل مباشر على الدولة القطرية ومواطنيها.

يؤكد بيان الكعبي على الآثار المالية الكبيرة للقانون الجديد. تولد شركة قطر للطاقة، وهي شركة النفط والغاز المملوكة للدولة التي يرأسها، إيرادات كبيرة من عقود الغاز الطبيعي المسال مع الدول الأوروبية. يسلط موقف وزير الطاقة الثابت الضوء على الخلاف الاقتصادي المحتمل الذي قد ينشأ بين قطر والاتحاد الأوروبي إذا تم تنفيذ عقوبات التشريع.

اقرأ أيضًا: أحياء أو أموات نريد أبناءنا نريد عظامهم.. نساء سوريا تلملم شتات أمة محطمة

التحديات التي تواجه شركة قطر للطاقة وسلسلة التوريد العالمية الخاصة بها

تشمل سلسلة التوريد العالمية لشركة قطر للطاقة أكثر من 100000 شركة، والعديد منها سيحتاج إلى الخضوع لعمليات تدقيق العناية الواجبة للامتثال لقانون الاتحاد الأوروبي.

أعرب الكعبي عن مخاوفه بشأن العبء اللوجستي والمالي لمثل هذا التعهد، مشيراً إلى أن قطر للطاقة ستحتاج إلى توظيف آلاف المدققين لتتبع ممارسات جميع مورديها. وسيكون هذا مسعى غير عملي ومكلف، نظراً لحجم العمليات والمليارات من الدولارات التي تنفقها قطر للطاقة سنوياً.

وعلاوة على ذلك، أشار الكعبي إلى أن التوافق مع أهداف الانبعاثات الصفرية الصافية للاتحاد الأوروبي، المحددة لعام 2050، سيكون مستحيلاً تقريباً بالنسبة لقطر للطاقة.

إن دور الشركة كمنتج رئيسي للهيدروكربونات يجعل من الصعب الامتثال للمتطلبات الصارمة الموضحة في التوجيه. وينص القانون أيضاً على أن الشركات الكبرى يجب أن تضع خطة انتقالية للتخفيف من تغير المناخ، وهو ما يعتقد الكعبي أنه غير متوافق مع نموذج إنتاج الطاقة في قطر.

التداعيات الاقتصادية المحتملة التي تتجاوز صادرات الطاقة

سيمتد تأثير قانون العناية الواجبة في الاتحاد الأوروبي إلى ما هو أبعد من صادرات الغاز الطبيعي المسال في قطر. وقد يؤثر هذا على صادرات البلاد المهمة الأخرى إلى أوروبا، بما في ذلك الأسمدة والبتروكيماويات، والتي تشكل جزءًا لا يتجزأ من الاقتصاد القطري.

قد يؤثر القانون أيضًا على قرارات الاستثمار التي تتخذها هيئة الاستثمار القطرية، صندوق الثروة السيادية الذي يدير ثروات البلاد الهائلة.

بينما تعهدت شركة قطر للطاقة بعدم فسخ عقود الغاز الطبيعي المسال القائمة مع أوروبا، اقترح الكعبي أن تستكشف البلاد الخيارات القانونية إذا ثبت أن العقوبات المفروضة بموجب قانون العناية الواجبة مفرطة. وأوضح أن قطر لن تقبل العقوبات المالية التي تؤثر على إيراداتها العالمية الأوسع.

هل هناك مجال للتفاوض؟

على الرغم من أن موقف الكعبي ثابت، فإنه ترك الباب مفتوحًا للتفاوض. واقترح تسوية محتملة حيث تستند العقوبات فقط إلى الدخل الناتج عن عقود محددة مع الاتحاد الأوروبي، بدلاً من إجمالي الإيرادات العالمية لقطر. واقترح الكعبي أن يكون هذا نهجًا أكثر قابلية للإدارة، لأنه سيسمح لقطر بالامتثال للقانون دون المخاطرة بأضرار اقتصادية كبيرة.

ردًا على مخاوف مجتمع الأعمال، وعدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين باقتراح تشريع يهدف إلى الحد من عبء متطلبات الإبلاغ بموجب قوانين التمويل الأخضر، بما في ذلك توجيه العناية الواجبة. وقد يوفر هذا بعض الراحة لشركات مثل قطر إنرجي التي تكافح مع المعايير الصارمة للقانون.

توتر متزايد بين قطر والاتحاد الأوروبي

يسلط رد فعل قطر القوي على توجيه العناية الواجبة للشركات الصادر عن الاتحاد الأوروبي الضوء على التوتر المتزايد بين الدولة الخليجية وأوروبا بشأن المعايير البيئية وحقوق الإنسان.

وبينما يسعى الاتحاد الأوروبي إلى محاسبة الشركات عن سلاسل التوريد العالمية الخاصة بها، فإن تهديد قطر بوقف صادرات الغاز يؤكد على المخاطر العالية التي ينطوي عليها الأمر لكلا الجانبين.

إذا حافظ الاتحاد الأوروبي على موقفه الحالي، فقد تكون العواقب الاقتصادية والسياسية بعيدة المدى. وقد تشهد سوق الطاقة العالمية، التي تشهد بالفعل حالة من عدم الاستقرار بسبب التحولات الجيوسياسية الجارية، حالة من عدم الاستقرار الأكبر، خاصة وأن أوروبا تتطلع إلى تنويع مصادر الطاقة.

ستعتمد نتيجة هذا النزاع على ما إذا كان الطرفان قادرين على إيجاد نهج متوازن يعالج مخاوف الاستدامة دون تعطيل العلاقات التجارية بشكل خطير.

زر الذهاب إلى الأعلى