قفزة تاريخية للأسعار.. هل يقود إغلاق مضيق هرمز العالم إلى أزمة نفطية غير مسبوقة؟

تشهد أسواق النفط العالمية مرحلة غير مسبوقة من التقلبات والشكوك، في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، ويحذر الخبراء من أن الإغلاق المحتمل لـ مضيق هرمز، الذي يعد شريا حيويا يمر عبره ما يقرب من ثلث إمدادات النفط العالمية، قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط وأزمة اقتصادية غير مسبوقة.

ووفقا لصحيفة “ذا جارديان”، يرى الخبراء أن أي تهديد بإغلاق أو تعطيل مضيق هرمز، الذي يمر عبره 20% من إمدادات النفط، سيعني تحولا كبيرا في الطاقة وقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية ما بين 100 و130 دولارا للبرميل، وهو مستوى لم يشهده السوق منذ ذروة أزمات النفط العالمية.

التداعيات الاقتصادية.. التأثير على أسواق النفط العالمية

ويرسم أحدث تحليل لليونيد كوسيانشوك، الرئيس التنفيذي لشركة صن أويل، صورةً قاتمة للأسواق العالمية. ووفقا لكوسيانتشوك، سيؤدي إغلاق مضيق هرمز إلى اختلال كارثي في التوازن بين ​​العرض والطلب.

وسيؤدي أي تعطل كبير في هذا الشريان الحيوي لنقل النفط العالمي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط، مما قد يضاعف مستوياتها الحالية.

ويتوقع كوسيانشوك ارتفاعا حادا في سعر النفط الفعلي، وكذلك أسعار العقود الآجلة، مع تداعيات اقتصادية ملموسة على المستهلكين في جميع أنحاء العالم.

وقال: “سيتحمل المستهلكون، وخاصة في أوروبا، حيث يشكل الإنفاق على البنزين والوقود جزءا كبيرا من دخل الأسرة، العبء الأكبر”. كما حذر الخبير من أن مثل هذا الارتفاع الحاد في أسعار النفط قد يزعزع استقرار أسواق العملات، مما يؤدي إلى مزيد من الاضطرابات المالية.

التوترات الجيوسياسية وتداعياتها الاقتصادية

ويأتي تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز في ظل تصاعد التوترات في المنطقة، عقب الهجمات الصاروخية بين إيران وإسرائيل والتدخلات العسكرية الأمريكية اللاحقة. وقد أدى هذا الوضع إلى تفاقم المخاوف من صراع إقليمي أوسع نطاقا، مما قد يؤدي إلى مزيد من تعطيل إمدادات النفط العالمية.

ويتوقع خورخي ليون، رئيس قسم التحليل الجيوسياسي في شركة ريستاد إنرجي، أن أي رد انتقامي من إيران، كالهجمات المباشرة على البنية التحتية النفطية، سيؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط.

وحتى لو لم تُنفذ هذه الهجمات، فإن مجرد التهديد بإغلاق المضيق كافٍ لإثارة تكهنات السوق ومخاوف من عدم الاستقرار الجيوسياسي.

ووفقا للمحللين، من المتوقع أن يؤدي هذا إلى ارتفاع أسعار النفط بمقدار 3 إلى 5 دولارات للبرميل على المدى القصير.

روسيا والقوى العالمية الأخرى: المستفيدون من ارتفاع أسعار النفط

في حين أن الوضع قد يُنذر بكارثة على المستهلكين، إلا أنه قد يكون له تأثير إيجابي على بعض الدول، ولا سيما روسيا. ووفقا لكوسيانتشوك، من المرجح أن يُعزز إغلاق المضيق مكانة روسيا في سوق النفط العالمية.

ومع ارتفاع الأسعار، ستستفيد روسيا من زيادة عائدات النفط، لا سيما وأن جزءا كبيرا من صادراتها النفطية موجه إلى الصين والهند.

وأوضح المحلل أنه مع احتمال وصول أسعار النفط إلى ما بين 100 و130 دولارا للبرميل، ستحقق روسيا مكاسب هائلة، لا سيما إذا استمرت العقوبات الأمريكية في عرقلة تجارة النفط عبر طرق بديلة مثل أسطول الظل.

التوقعات قصيرة وطويلة المدى

ومع ذلك، لا يتفق جميع الخبراء على النطاق المحتمل للاضطراب. وقد قلل هينادي ريابسيف، خبير سوق الطاقة، من أهمية التأثير طويل الأجل لتهديدات إيران.

وبينما يُقرّ بأن أسعار النفط سترتفع على الأرجح على المدى القصير، إلا أنه يعتقد أن المشاركين في السوق سيهدأون في النهاية بمجرد أن يتضح أن إيران لا تستطيع مواصلة حصارها للمضيق.

ويشير ريابسيف إلى أن المضاربة ستؤدي إلى زيادة مؤقتة في الأسعار، ولكن إذا استمر الوضع دون تصعيد إضافي من جانب إيران، فمن المحتمل أن تستقر الأسعار مجددا.

وأشار ريابسيف إلى أن “الارتفاع قصير الأجل أمر لا مفر منه، ولكن مع تطور الوضع، سيتكيف السوق وفقا لذلك، ومن المرجح أن تنخفض الأسعار مجددا”.

دور أوبك+ في تحقيق الاستقرار

تعد منظمة أوبك+، التي تضم العديد من أكبر منتجي النفط في العالم، من الفاعلين الرئيسيين في ضمان استقرار السوق. في حال إغلاق مضيق هرمز، ستكون هذه الدول قادرة على تعديل إنتاجها النفطي لضمان توازن الأسواق. ومع ذلك، يتطلب اتخاذ مثل هذه القرارات توازنًا دقيقًا بين المصالح الجيوسياسية والاقتصادية.

قرار إيران معلق.. الاقتصاد العالمي على المحك

وعلى الرغم من موافقة البرلمان الإيراني على إغلاق المضيق، إلا أن القرار النهائي يقع على عاتق المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني. ويترقب المجتمع الدولي بفارغ الصبر النتيجة، إذ ستتردد تداعيات هذه الخطوة في الأسواق العالمية، بما في ذلك قطاعات الأسهم والعملات والطاقة.

وإذا نفذت إيران تهديدها، فقد تؤدي تداعياتها إلى زعزعة استقرار الاقتصادات، وزيادة التضخم، ودفع أسعار النفط إلى مستويات قياسية.

مضاعفة الأسعار من 70 إلى 130 دولارا للبرميل

وفي أخبار التداول الأخيرة، شهدت أسعار النفط ارتفاعا ملحوظا، حيث تراوح سعر خام برنت حول 77 دولارا للبرميل، بزيادة تزيد عن 10% عن منتصف يونيو.

وفي حال تفاقم الوضع في الشرق الأوسط، يتوقع المحللون ارتفاع أسعار النفط إلى 130 دولارا للبرميل. ومن شأن هذا الارتفاع في الأسعار أن يتجاوز المستويات التي شهدتها السوق في أعقاب الحرب الروسية لأوكرانيا، ويقترب من أعلى مستوى تاريخي بلغ 147.50 دولارًا للبرميل، والذي سُجل في يوليو 2008.

تحولات متسارعة في السوق العالمية للطاقة

ومع استمرار تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، يواجه سوق النفط حالة من عدم اليقين غير مسبوقة. ومع احتمال إغلاق مضيق هرمز، قد ترتفع أسعار النفط العالمية بشكل حاد، مما قد يؤدي إلى اضطرابات اقتصادية عالمية.

اقرأ أيضا.. بعد ضرب أمريكا لإيران.. أول دولة خليجية تصدر قرارا عاجلا بتفعيل خطط الطوارئ

وبينما يتوقع بعض الخبراء، مثل كوسيانشوك، تحديات طويلة الأجل للمستهلكين واستقرار السوق، يظل آخرون، مثل ريابسيف، أكثر تفاؤلا بشأن قدرة السوق على التكيف مع التقلبات قصيرة الأجل.

وبغض النظر عن ذلك، من الواضح أن المشهد العالمي للطاقة يشهد تحولا جذريا، حيث تلعب التوترات الجيوسياسية دورا محوريا متزايد الأهمية في تشكيل أسعار النفط والاستقرار الاقتصادي.

 

زر الذهاب إلى الأعلى